اقتصاد / صحيفة الخليج

الدولار يتراجع.. ولا وريث واضحاً

جيمي ماكغيفر*

أشارت أحدث بيانات احتياطيات النقد الأجنبي الصادرة عن صندوق النقد الدولي للربع الأخير من العام الماضي إلى استمرار تراجع شهية البنوك المركزية حول العالم عن الدولار ، ومع ذلك لا يزال هناك بصيص أمل للرئيس دونالد ترامب للحفاظ على سطوة عملته القوية.
وأظهرت بيانات تكوين العملات لاحتياطيات النقد الأجنبي الرسمية «كوفر» الصادرة عن صندوق النقد الدولي، وهي المعيار الذهبي لمعلومات احتياطيات النقد الأجنبي، أن دول العالم دأبت تدريجياً وخلال السنوات الماضية، على تقليص احتياطياتها من الدولار وتنويع استثماراتها.
وفي الواقع، انخفضت الحصة الاسمية للدولار من احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية في الربع الثالث من العام الماضي إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 57.3%، بعد أن تجاوزت 72% في عام 2001.
وشهدت هذه الحصة ارتفاعاً طفيفاً إلى 57.8% في الربع الأخير، وهي زيادة نادرة، إلا أن الدولار ارتفع بنسبة 7.6% مقابل سلة من العملات الرئيسية خلال تلك الفترة، مسجلاً أكبر نمو ربع سنوي له منذ نحو عقد من الزمن. وفي حال تساوت جميع العوامل الأخرى، يُقلل هذا من القيمة الدولارية للاحتياطيات المُحتفظ بها بعملات غير الدولار مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني.
وعند تعديل هذه التغيرات في أسعار الصرف، انخفضت حصة الدولار من الاحتياطيات إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 54.1% من 55.3%، وفقاً ل «غولدمان ساكس». علماً أنه في بداية الألفية، تجاوزت هذه الحصة 71%.
ومن المهم أن أرقام «كوفر» لا تُنشر قبل 31 من ديسمبر/كانون الأول، لذا لا تأخذ في الحسبان أي تحولات في الاحتياطيات حدثت وسط حالة عدم اليقين السياسي المرتفعة تاريخياً واضطرابات السوق في الأشهر الأخيرة.
ومع تدهور العلاقات العسكرية والدبلوماسية والتجارية العالمية المشتركة، والتي ترجع إلى عقود مضت، بمعدل مُنذر بالخطر، من المُتوقع أن يُعيد مديرو الاحتياطيات النظر في تخصيصاتهم من العملات الأجنبية. ومن غير المُرجح أن ينطوي ذلك على عودة التودد المفاجئ للدولار.
لا يُصدر مديرو الاحتياطيات عادةً ردود فعل انفعالية تجاه تقلبات السوق أو عناوين الأخبار اليومية. إنهم سلالة حذرة، تُعطي الأولوية للسيولة والاستقرار والاستراتيجية طويلة الأجل على العائد والفرص وتحقيق مكاسب سريعة.
لكن لا يُمكن اعتبار تنويع احتياطياتهم من العملات الأجنبية ردَّ فعلٍ اندفاعياً، فالاتجاه راسخ إلى حد كبير. ومن المرجح أن يُعزز ظهور أي نظام عالمي جديد في السنوات المقبلة هذا التوجه.
وبغض النظر عن كيفية تحليل الأمر، فإن هيمنة الدولار الساحقة على احتياطيات العملات الأجنبية العالمية آخذة في الضعف. إلا أن حصته لا تُستهلك من قِبَل أقرب منافسيه، اليورو، بل من مجموعة من العملات الاحتياطية الأصغر «غير التقليدية» مثل الوون الكوري، والدولارين الأسترالي والكندي والرنمينبي الصيني. ومع ذلك لا يعني هذا تهديداً لمكانة الدولار بوصفه عملة احتياطية عالمية بارزة.
يُشير مايكل كاهيل من «غولدمان ساكس» إلى أن الأمر لا يقتصر على تنويع الاحتياطيات بعيداً عن الدولار فحسب، فاحتياطيات اليورو من حيث القيمة الاسمية والمُعدّلة انخفضت أيضاً. وهذا اتجاهٌ قائم منذ سنوات، وقد ترسخت جذوره بعد الأزمة المالية العالمية مباشرةً، ثم تسارعت وتيرته مجدداً بعد الجائحة.
وأظهرت بيانات «كوفر» كذلك أن الحصة الإجمالية للعملات «غير التقليدية» في احتياطيات النقد الأجنبي للبنوك المركزية بلغت 12.6% في ديسمبر/كانون الأول، وهي نسبةٌ أقل بقليل من أعلى مستوى قياسي سُجِّل في سبتمبر/أيلول عند 12.7%. وقبل عام 2009، لم تتجاوز هذه الحصة 3% قط.
في المقابل، لم تنخفض حصة اليورو منذ إطلاقه قبل أكثر من 25 عاماً عن 19%، ولم تتجاوز 21% إلا مرةً واحدةً في أواخر عام 2020. ويُعزى أي انخفاض في الفارق بين حصص الدولار واليورو إلى نفور مديري الاحتياطيات من الدولار الأمريكي بدلاً من تفضيلهم لعملة الاتحاد الأوروبي.
وقد أدى تفضيلهم لتكوين حيازات من عدة عملات أصغر إلى خلق توازنٍ غريبٍ نوعاً ما. فبينما يشهد الدولار تراجعاً تدريجياً في هيمنته، لا يُواجه خطراً يُذكر بفقدان دوره كعملة الاحتياطي الوحيدة في العالم. وقد يكون ترامب، الذي يبدو أنه يريد أن يظل الدولار مهيمناً مع توقفه عن امتصاص قدر كبير من مدخرات العالم، سعيداً بذلك.
* كاتب صحفي ومحلل مالي في «رويترز»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا