اقتصاد / صحيفة الخليج

بازوكا الاقتصادية

مايكل بو*

عادة ما تكون عطلة «الأسبوع الذهبي» السنوية في فرصة ممتعة للسفر وقضاء أمتع الأوقات مع العائلة والأصدقاء، والاستمتاع بأفضل مناطق الجذب السياحي الشهيرة في البلاد. لكن احتفالات هذا العام تضمنت هواية شعبية جديدة بين الصينيين، هي قراءة استراتيجيات سوق الأوراق المالية وفتح حسابات للتداول.
يقول غاري نيغ، الخبير الاقتصادي لدى بنك الاستثمار «ناتيكسيس»: «لقد كان الأسبوعان الماضيان مجنونين للغاية، شهدت سوق الأسهم خلالهما ارتفاعاً كبيراً، وبات الناس على قناعة أكثر بضرورة فتح حساب تداول وبدء الاستثمار».
وكان السبب وراء الجموح المذهل والمفاجئ لسوق الأوراق المالية الصينية، حزمة التحفيز النقدي الضخمة التي كشف عنها الرئيس الصيني شي جين بينغ قبل ثلاثة أسابيع تقريباً لإحياء اقتصاد بلاده المترنح. فقد أدى ضخ نحو 6 تريليونات يوان (650 مليار جنيه إسترليني) من الأموال في سوق الأسهم والنظام المالي الرائد في الصين إلى ارتفاع حاد بنسبة 30% فيها، وهو الأكبر في 16 عاماً.
وفي أعقاب التحفيز، حققت غالبية أسهم مؤشر شنغهاي القوي، المكون من 300 سهم، صعوداً لافتاً قاده للارتفاع بنسبة 13%، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2008. في حين ارتفع مؤشر «إم إس سي آي»، وهو ملاذ المستثمرين الغربيين الراغبين بامتلاك الأسهم الصينية، بنسبة 34%. وقال المستثمر الملياردير ديفيد تيبر، إنه يشتري المزيد من كل شيء يتعلق بالصين. فيما أشار راي داليو، وهو ملياردير أمريكي آخر، إلى أن هذه الخطوة قد تدخل في كتب تاريخ اقتصاد السوق.
مع ذلك، ووسط الزخم الحاصل، يترامى إلى أذهان الصينيين والغرب على حد سواء سؤال مقلق بعض الشيء: «هل خاض شي، الزعيم الذي نادراً ما يتخذ قرارات متسرعة، مقامرة جريئة حقاً وضخ كميات هائلة من السيولة في النظام لإحياء الروح الاقتصادية لبلاده وإنقاذها مما هي فيه؟»
حتى الآن، يشعر المستهلكون الصينيون بالإثارة، ولكن إذا فشلت «بازوقة» التحفيز في أداء مهامها، سنكون أمام مخاطر انزلاق ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والكثير من الدول الغربية التي ربطت مصيرها به.
تعتمد التجارة العالمية إلى حد كبير على ازدهار الصين، بسبب حاجتها الكبيرة إلى السلع الأساسية مثل خام الحديد المستخدم في صنع الصلب المطلوب لمشاريع البناء الضخمة في البلاد، فضلاً عن استهلاكها كل شيء من الأدوية إلى العلامات التجارية الفاخرة.
وقد أثارت الحرب التجارية التي شنها دونالد ترامب مع بكين توترات اقتصادية عالمية، وربما يكون للجرح الذي أحدثه في اقتصادها عواقب مماثلة على النمو.
وكان الدافع وراء هذه الحملة السياسية المفاجئة الحاجة الملحة إلى قيادة الصين لوقف الانزلاق الاقتصادي السريع في البلاد بعد انهيار قطاع العقارات الكارثي.
وكان النمو الصيني على مدى العقد الماضي مدفوعاً بازدهار قطاع العقارات، حيث اشترى الكثير من المستهلكين هناك منازل ثانية وثالثة لحماية ثرواتهم المتوسعة وتخزينها في ملاذات آمنة. لكن هذا الأمان انعكس قبل أربع سنوات وتحول إلى كابوس، بعد أن شنت الحكومة حملة صارمة على شركات الإقراض العقاري، ما أدى إلى دوامة من انخفاض الثروة لأصحاب المنازل، وإشهار عدد كبير من المطورين العقاريين إفلاسهم.
ومنذ ذلك الحين، استمرت كآبة العقارات في إلقاء ظلالها على اقتصاد الصين البالغ 18 تريليون دولار (13.8 تريليون جنيه إسترليني). لذا، يفضل المستهلكون البائسون والمسرفون اليوم اللجوء إلى الادخار بدلاً من الإنفاق، ما سيقود في نهاية المطاف إلى تباطؤ الاقتصاد.
إلى أن أتت حزمة الحوافز الأخيرة من بكين، وأحيت الآمال من جديد في عودة الأمور إلى نصابها.
وقال مارك بريسكيت، مدير صندوق في «مورنينغ ستار ويلث»، إن ارتفاع سوق الأسهم الصينية من شأنه أن يفيد الصناعات الرئيسية غرباً وشرقاً. مضيفاً أن هذا قد لا يكون علامة فارقة على تحقيق هدف النمو بنسبة 5%، لكنه يشير بالتأكيد إلى أن بكين جادة بشأن الانكماش ومعالجة الاقتصاد المتباطئ.
في المقابل، يُخشى اليوم من أن تفشل التحفيزات التي قدمها شي في تحقيق المطلوب منها، في وقت أصبح فيه الكثير من المستهلكين الصينيين حذرين للغاية من تقلبات الحكومة بشأن السياسة الاقتصادية. وكما يقول أندرو كولير، الزميل في كلية هارفارد كينيدي، «يواجه الحزب الحاكم في الصين مشكلة اقتصادية حقيقية مع تراجع سوق العقارات، لأنهم فقدوا محركاً رئيسياً للنمو كان في حالة تضخم لمدة 20 عاماً». ومع ذلك، يقول مديرو الأموال في المنطقة، إن على الصين التوصل إلى مجموعة من التدابير المالية لاستكمال التحفيز النقدي قبل أن تتمكن من تقييم ما إذا كان قد نجح.
مع وصول الصين إلى مفترق طرق مهم، يزن المستثمرون الدوليون بدقة ما إذا كانت «بازوكا» شي الاقتصادية كافية لتغيير المسار، أم أنها مجرد مسدس صغير؟
*مراسل في صحيفة «تليغراف»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا