اقتصاد / صحيفة الخليج

وسلاسل الإمداد

د. لويس حبيقة*
شعر العالم والاقتصاد تحديداً بأن تحويل الإنتاج العام من سلع إلى أخرى صعب ويتطلب الكثير من الوقت. تكمن المشكلة أيضاً في سلاسل الإمداد وتأخير وصول السلع عبر البحار، وبالتالي تعرقل التجارة الدولية في المرافئ. هنالك أيضاً مشكلة عمالة متخصصة غيّرت أماكن وطبيعة عملها في زمن الكورونا. كانت النتيجة ارتفاع تكلفة الشحن، وتأخر وصول البضائع، وعدم إنتاج سلع إلكترونية متخصصة ما عرقل إنتاج بعض السلع كالسيارات والآليات والمحركات.
الموضوع نفسه موجود من ناحية الاستهلاك، حيث إن انتهاء الكورونا دفع المواطنين إلى زيادة الاستهلاك. لكن السلة الاستهلاكية تغيرت نحو السلع التي تصلح أكثر داخل المنزل وليس خارجه. مثلاً بدلاً من ممارسة الرياضة خارج المنزل أو في النادي، اشترى المواطن الآلة التي تصلح للممارسة الرياضية داخل المنزل. وبدل الخروج إلى المطاعم، جهز المواطن المطبخ بالأفران الإلكترونية ذات الفاعلية العالية. من الصعب على المواطن أن ينسى تجربة الكورونا القاسية.
ما علاقة بذلك؟ الحقيقة أن العالم اتكل على الصين في الإنتاج لسنوات سابقة. لكن المصالح السياسية مع الحرب الأوكرانية أصبحت أهم من الاقتصادية، وبالتالي هنالك رجوع إلى الوراء فيما يخص وضع الصين بالنسبة للغرب. العلاقات التجارية الأمريكية الصينية متوترة، وتعالج الصين ذلك عبر الاستثمار في المكسيك المجاورة مستفيدة من عاملين مهمين: أولاً الاتفاق الأمريكي الشمالي للتجارة الحرة الذي يسهل انتقال البضائع إلى أمريكا، حتى لو كانت صينية التمويل والتكنولوجيا. ثانياً تكلفة النقل بين المكسيك وأمريكا أقل كثيراً من التكلفة بين الصين والشواطئ الأمريكية.
يتألق الدور الصيني في قطاع السيارات، حيث تسيطر الصين على إنتاج السيارات الكهربائية. حتى سنة 2022، كانت ألمانيا تصدر السيارات أكثر من استيرادها لها. أما اليوم فتستورد ألمانيا السيارات من الصين أكثر من تصديرها لها. للصين أفضليتان أساسيتان بالنسبة لألمانيا، أولاً حجم الاقتصاد أكبر، وثانياً بسبب التغيير التكنولوجي لم تعد الخبرة التاريخية الألمانية في صناعة السيارات بنفس الأهمية. حتى الولايات المتحدة قلقة من القوة الصينية في إنتاج السيارات الكهربائية، وها هي تعطي شركة «فورد» مساعدات مالية كي تطور هذه الصناعة الأساسية. هنالك تعاون جديد بين «فورد» و«تيسلا» وغيرها، ولا شك أن السباق أصبح عالمياً في قطاع السيارات الكهربائية.
عالمياً، يبقى التضخم المشكلة الكبرى المشتركة. لا حل دون عودة الاقتصاد الدولي، إلى العمل والمنافسة كما كان في 2018. تؤكد «غيتا غوبيناث» النائبة الأولى لمديرة صندوق النقد الدولي أن محاربة التضخم تبقى صعبة وضرورية. تنصح المصارف المركزية بالتنبه في الفوائد. هنالك خلاف في الرأي بين الذين يضعون محاربة التضخم في الأولوية والذين يفضلون تأمين الاستقرار المالي حتى مع بعض التضخم. تشير «غوبيناث» إلى أن محاربة التضخم بعد الكورونا أصبحت أصعب، لأن عوامل العرض لم تعد بعد إلى مرونتها السابقة. هذا يفرض على المصارف المركزية تعديل بعض أدواتها بحيث يكون التأثير على التضخم مباشراً وأكثر فاعلية.
*كاتب لبناني

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا