منوعات / صحيفة الخليج

«إكس مراتي».. مواقف كوميدية بلا منطق

مارلين سلوم

ليست المظاهر وحدها التي تخدعنا في وقتنا الحالي، فالترويج لأي عمل فني ليصبح فجأة حديث وسائل التواصل وتصادفه كلما تصفحت مواقع التواصل و«»، يخدعنا ويحثنا على المشي في ركب «الترند»، ويكثر الحديث عن شباك التذاكر وسباق الإيرادات وتفاجأ بعبارة «الأعلى إيراداً في السينما العربية»، ويأتي من يزايد ويحشر كلمة «التاريخ» وسط هذه العبارة، فتحسب أنك ستشاهد فيلماً يبهرك بعظمته، ويرتقي إلى مستوى أهم الأفلام التي شهدتها السينما العربية.
هذا ما حصل حين انطلق عرض «ولاد رزق 3»، فما بالك وقد جاء من بعده ما أطاح به عن عرش شباك التذاكر وصار الحديث عنه باعتباره الأفضل والأقوى والأنجح؟ نتحدث عن «إكس مراتي» الذي نال من الصيت والسمعة حجماً يفوق بكثير حجمه الحقيقي ومن النجاح بالقول أكثر من النجاح بالفعل.
هشام ماجد وأمينة خليل ومحمد ممدوح، ثلاثي قادر بكل سهولة على جذب الجمهور ودفعه إلى الإقبال على مشاهدة أي عمل يجتمعون فيه، ممدوح وأمينة نجحا في تشكيل ثنائي متناغم في أعمال سينمائية عدة، وهشام ماجد نجم كوميديا له جمهوره ومحبوه، حتى المخرج معتز التوني يملك من الخبرة ما يكفي للانتقال بالفيلم الكوميدي إلى مستوى جيد غير هزلي ولا تافه خصوصاً أنه يستند إلى أبطال من «الحجم الثقيل» في ميزان الممثلين اليوم.. لكن «إكس مراتي» جاء أقل من كل تلك المعايير وكل التوقعات.
الفيلم ليس هابطاً لكنه في نفس الوقت ليس ناجحاً ولا متميزاً، قصة أقل من عادية، أحداث ومواقف وردود أفعال غير منسجمة مع طبيعة الشخصيات، خصوصاً سحر (أمينة خليل) التي انتقلت من كونها زوجة بلطجي مجرم منحرف اسمه طه (محمد ممدوح) ينادونها «سوسته»، إلى سحر زوجة الطبيب النفسي دكتور يوسف (هشام ماجد) تعيش بمستوى معيشي راقٍ، وتتعامل بكل شياكة ولياقة مع أهالي وزملاء ابنها الوحيد من طليقها طه، ولا يبدو عليها أبداً أنها أحبت وعاشت مع رجل زعيم عصابة مكونة من منحرفين ونصابين ومجرمين.. وكذلك الدكتور يوسف الطبيب النفسي معدوم الشخصية، ساذج، يتعامل بمثالية زائدة مع الناس، ويقع بسهولة فريسة بين فكي طه، رغم أنه يعمل في عيادته بجانب عمله مستشاراً في السجن يتابع أحوال المساجين، ويكتب تقارير تُعتمد من أجل دعم الحكم عليهم، وهو الذي كتب تقريراً عن حالة طه سمح بإخراجه «لحسن سيرته وسلوكه» رغم تاريخه الإجرامي الطويل!
القصة التي كتبها كريم سامي وأحمد عبد الوهاب، تفتقد للعمق والمضمون الحقيقي، وهما نجحا في تقديم مواقف كوميدية لكن في إطار فارغ من الحبكة وتسلسل أحداث تستند إلى منطق سليم. طه رجل له تاريخ طويل من العنف والبلطجة، مسجون وينتظر تقرير الطبيب النفسي الدكتور يوسف كي يسمح له بالخروج من السجن لحسن سلوكه، يلفّق الأكاذيب ويبرر كل جرائمه بسوء فهم، ويدعي البراءة والتزامه بالصلاة فيصدقه الدكتور يوسف بكل بساطة وسذاجة، ويكتب تقريره الإيجابي، فيخرج طه متوعداً بالانتقام من طليقته، لأنها «خلعته» وهو في السجن وعازماً على قتل زوجها.
تبدأ رحلة طه بالبحث عن «سوسته» وابنهما سليم، مصراً على البقاء مع الدكتور يوسف ومرافقته لشدة ثقته به وامتنانه له، لأنه أخرجه من السجن، ولم يكتشف بعد أن يوسف هو زوج سحر الذي يبحث عنه للتخلص منه.
طبيعي أن تجري الأحداث بناء على هذه المفارقات ولعبة الكر والفر، يلازم يوسف طه ويخفي عنه الحقيقة لدرجة أنه يدعي عدم معرفته بسحر حين يلتقيها طه لأول مرة، وتتوالى العراقيل وتتطور لتزداد الأمور تعقيداً مع ملازمة طه لصديقه يوسف وإقامته في بيته، مصطحباً معه «شلّته» المكونة من مجرمين ولصوص: شندي (محمد أوتاكا)، عربي (خالد كمال)، هولاكو (علي صبحي)، وبلاطة (حمزة العيلي)، يستضيفهم طه في فيلا الدكتور يوسف في جلسة مخدرات وهرج ومرج، فيصل فجأة أبو يوسف (عماد رشاد) ووالدته (ألفت إمام)، مشهد يتيم يشارك فيه رشاد وإمام في هذا الفيلم، وظهورهما لا يخدم سوى إضافة مشهد للكوميديا يراد به إضحاك الجمهور بتحويل السهرة إلى جلسة مخدرات ينجرف فيها الأم والأب إلى التعاطي رغماً عنهما.
عبارات ومفردات يستخدمها المؤلفان أيضاً لزيادة جرعة الكوميديا، مثل «عضلة التسامح» و«طه وسحر قصة لا تنتهي» و«زيه زي شارون وهتلر».. مثالية وجبن يوسف لا يتناسبان مع طبيعة الطبيب النفسي، وقوة سحر ورقيّها في التعامل مع الأطباء والمهندسين من أهالي زملاء ابنها سليم. أيضاً لا ينسجمان مع حياتها السابقة مع طه، وهي التي أخفت عن زوجها الحالي الدكتور يوسف أن والد ابنها بلطجي ومجرم ومسجون وادعت أنه متوفى.
وسط هذه المواقف الكوميدية ومواصلة الهروب والاختباء بين طه ويوسف وسحر، يضع المؤلفان جملاً درامية أثناء حوار سحر مع طليقها، لكن الحوار يأخذ طابع «الوعظ»، حيث يتحول طه من «وحش كاسر» بلا قلب إلى واعظ يتحدث بحكمة عن قراره بالتضحية والابتعاد عن ابنه سليم من أجل مصلحته، ومن أجل أن يلقى تربية وتعليماً وحياة أفضل من الحياة التي عاشها طه ومن تلك التي قد يؤمّنها لابنه.
فوضى وعنف
مواقف إنسانية لا تدفعك إلى التفاعل معها، لأنها تبدو محشورة وسط فوضى ومشاهد كثيرة من القتال والسرقة والعنف، وإن كان يأخذ طابع الكوميديا والإضحاك لا العنف الدموي.
هشام ماجد أصبح متمرساً بأدوار الكوميديا التي يؤديها بعفوية وبلا افتعال، ومحمد ممدوح مناسب لأدوار الكوميديا والعنف، والثنائي الناجح في هذا الفيلم ليس ممدوح وأمينة، بل ممدوح وهشام ماجد، وقد لعب الفارق الكبير بين بُنْيانَيهما البدني دوراً إضافياً لزيادة جرعة الكوميديا وإثارة ضحكات الجمهور.
من هنا تمكن فيلم «إكس مراتي» من جذب الجمهور، ويستمتع به من أراد تمضية بعض الوقت مع الكوميديا غير المبتذلة، دون البحث عن منطق في الأحداث، ودون التأمل في تتبع الأحداث بتشويق وشغف أو حتى تمني مشاهدة جزء ثانٍ من العمل.
تشابه
محمد ممدوح شخصيته منسجمة ما بين ماضيها وحاضرها، لكنها تشبه كثيراً ما سبق أن قدمه في فيلم «شقو» والذي قدّم فيه أيضاً مع أمينة خليل دور زوجين، ويمكن القول بأن وجود باقي الممثلين خالد كمال وحمزة علي وأوتاكا يعتبر إضافة للعمل، اختيار موفق من المخرج معتز التوني الذي يجيد اللعب على المفارقات الكوميدية في أعماله

[email protected]

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا