عرب وعالم / السعودية / عكاظ

الرؤى وتفسير الأحلام.. من المستفيد..!

كتب الزميل العكاظي خميس الزهراني بعنوان «الرؤى لا تتركوها لشلة كبس - كبس»، مفاده أن الرؤى علم ضارب في عمق التاريخ لم يلتفت إليه المسلمون ويعطوه حقه من البحث والدراسة والتمكين. ويضيف أنه علم ثابت في القرآن والسنة، وأورد قصة سيدنا يوسف وعزيز والأحداث المذكورة في القرآن، من ضمنها تفسيره لأحلام آخرين كانا معه في السجن كانت سبباً لخروجه وجعلته على خزائن مصر، ورؤيا عزيز مصر التي رآها وأنقذتهم من مجاعة محققة.

مؤكداً الزميل الزهراني، أنه علم من أعظم العلوم الإنسانية تاريخياً على اختلاف عقائد الناس وأجناسهم، ويعتبر مصدراً من مصادر المعرفة وينبوعاً للإلهام في ما توصل إليه الإنسان من معارف وابتكارات، فالعقل حين يكون في يقظته يكون مكبلاً بقيود المادة والواقع المعاش، وتأتي الأحلام محررة من مثل هذه القيود، وهي مستودع أسرار الوجود والحياة، لجأ إليها الإنسان لتعالج مشاكله وتضيء له مستقبل أيامه ولا يمكن وصف كل بأنه أضغاث. وقد عظم سيجموند فرويد من شأن الأحلام، وجعل لها مكاناً علياً في العلم الحديث، وقدم نظرياته عن العقل الباطن والواعي ورغبات الجنس المكبوتة، وأصبحت الأحلام في تقديره تعبيراً عن الرغبات والنوازع المكبوتة في العقل الباطن، واتخذ من تفسيرها علاجاً لمرضاه، وأصبحت مدرسته الأشهر عالمياً.

كما أن المسلمين الأوائل بحثوا في علم الرؤيا وتركوا لنا الكثير من المفاهيم والتأويلات في الأحلام، ولعل ابن سيرين وضع بصمته في القرن الأول الهجري على هذا العلم العظيم، وكذلك العالم المفسر ابن قتيبة الدينوري، وكان محيي الدين بن عربي يؤمن بالرؤيا وجعل لها مكاناً في فتوحاته وعلومه.

تقول الأسطورة إن الأرض عمرت بأول رؤيا وتحققت من ساعتها، وهي أن الله أوحى إلى آدم أنك نظرت في خلقي فهل رأيت فيهم شبيهاً، قال آدم لا يا رب، وقد كرمتني وفضلتني وعلمتني فاجعل لي زوجاً تشبهني أسكن إليها حتى توحدك معي وتعبدك، فألقى الله عليه النعاس وخلق له حواء على صورته وأراه في منامه ذلك فانتبه وهي جالسة عند رأسه فقال له ربه يا آدم من هذه الجالسة عند رأسك فقال له آدم إنها الرؤيا التي أريتني في منامي يا ربي.

والرؤيا جزء من النبوة، وقد قال الله لنبيه الكريم: «لقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِين».

وقد تحققت هذه الرؤيا، ودخل المسلمون مكة المكرمة.

وقال تعالى لنبيه: «إذ يريكهم الله في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر»، رآهم النبي في منامه قليلاً، فقصّها على أصحابه، فثبتهم الله بها فكانت من أسباب النصر.

وللرؤيا أقسام منها الصحيح والصادق، والرؤيا الصالحة، والرؤيا الهاتفة والمرموزة، والرؤيا المحذرة كما في رؤيا عزيز مصر. فالرؤيا ليست مجرد خيالات، بل تحمل إشارات ودلالات.

وكتب التاريخ تطفح بالكثير من الأحلام التي غيرت مجراه، عندما قال إبراهيم يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى، فكانت سنة الفداء لقيام الساعة، ورؤيا فرعون مصر وقتله لكل ذكر يولد ونجاة موسى منه.

تقول السيدة عائشة أول ما بدئ رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يري رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح، وقال عنها رسول الله الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، وهي موجودة وحاضرة في كل الكتب السماوية والشرائع الإلهية. ولكن للأسف شوهت الصحوة وكذابو حركات الإسلام السياسي الرؤى والأحلام، واستغلتها لمآربها وتمرير رسالتها الحقيرة تجاه الوطن وأبنائه، حتى أصبحت من وسائلهم لخداع الناس وكسب ثقتهم، فمن قال منهم إنه رأى الملائكة على جياد بيض تحمل بطيخاً من الجنة للمجاهدين، وبعضهم ادعوا رؤية الأنبياء والصالحين لتحقيق غايتهم.

حكى أحدهم عن حلمه أنه جلس مع رسول الله وصحابته في مكة المكرمة، وسأله عدداً من الأسئلة، وأجابه عليه الصلاة والسلام عنها وسجلها ليعرضها على الناس ويجمعهم على سنته بعد فرقتهم ثم طلب منه الرسول أن يوفر لهم بيتاً يكون مأوى يجتمعون فيه، فقال له الصحوي الظروف الآن ليست مواتية.

وكما حدث في رابعة من قبل جماعة الإخوان المتأسلمين؛ إذ خرج أحدهم مبشراً إن بعض الصالحين في المدينة المنورة حلموا أن جبريل عليه السلام دخل مسجد رابعة العدوية ليثبت المصلين، وأنه رأى مجلساً فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، والرئيس مرسي والحضور، فحان وقت الصلاة، فقدّم الناس الرسول، ولكن الرسول قدّم مرسي، وأن الملائكة وجبريل واقفون على تخوم رابعة لنصرتهم.

كما ادعى سيد قطب في سجنه أنه رأى النبي في المنام وطلب منه أن يقرأ سورة يوسف الآيات 35 – 41، فهي تحكي حالته وتصف وضع النظام المصري آنذاك.

لقد فخخت ظاهرة الصحوة حياتنا وعبثت بالكثير من رؤانا وغيرت الكثير من مفاهيمنا، وأخرتنا سنوات عن اللحاق بركب العلم، وجعلت من الأحلام وتفسيرها بضاعة تاجروا بها من على منابرهم وضحكوا بها على عقول السذج وخلقوا منا مجتمعاً حيران تائهاً حتى بعث الله عليهم من استأصلهم وقضى على أحلامهم المفخخة.

تراجعت الأحلام أمام قوة بيانات الذكاء الاصطناعي ومعالجاته ورقائقه، وأصبحنا نثق فيه أكثر مما نثق في شلة كبس كبس!

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا