21 مارس 2025, 9:25 مساءً
في خطوة أثارت اهتمامًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والإعلامية، وقَّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 20 مارس 2025 أمرًا تنفيذيًّا، يوجه وزيرة التعليم ليندا مكماهون باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتفكيك وزارة التعليم الأمريكية، في محاولة وُصفت بأنها تجديد لمعاداته التاريخية لما يسمى بيروقراطية واشنطن.
وبالرغم من أن القرار لا يحمل قوة تنفيذية حاسمة، بحكم أن الوزارة أُنشئت بقانون صادر عن الكونغرس عام 1979، إلا أنه يُمثِّل من الناحية الرمزية تصعيدًا سياسيًّا ذا دلالات أوسع في سياق المواجهة المستمرة بين ترامب والديمقراطيين، وامتدادًا لخطابه القائم على "استعادة أمريكا من الدولة الإدارية".
ما الذي يقوله الأمر التنفيذي؟
بحسب ما ورد في تقارير صحفية متعددة، أبرزها Business Insider وNew York Post وThe Times، فإن القرار لا يلغي وزارة التعليم بشكل فوري، بل يدعو إلى تفكيكها تدريجيًّا، مع نقل مهامها الأساسية، مثل إدارة القروض الطلابية وبرامج المنح الفيدرالية، إلى وكالات حكومية أخرى.
ومع أن الدستور الأمريكي لا ينص على وزارة تعليم اتحادية –وقد أُنشئت الوزارة في عهد الرئيس جيمي كارتر– إلا أن إلغاءها بالكامل يتطلب تعديلاً تشريعيًّا رسميًّا، وهو ما يصطدم بواقع سياسي شديد الانقسام داخل الكونغرس، بالرغم من الأغلبية الجمهورية.
ضد الدولة العميقة
قرار ترامب ليس جديدًا من حيث المضمون؛ فقد سبق أن طرحه مرارًا خلال حملاته الانتخابية، لكن توقيته وطرحه التنفيذي بهذا الشكل يعكسان تصعيدًا في معركته ضد ما يسميه أنصاره "الطبقة الحاكمة في واشنطن"، وهي الفئة التي يُحمِّلها مسؤولية تآكل القيم الأمريكية، واستعراض البيروقراطية على حياة المواطن.
وفي المقابل، يرى الديمقراطيون أن وزارة التعليم تمثل أداة مركزية لضمان العدالة التعليمية، وتكافؤ الفرص بين الطلاب، خاصة في المناطق الفقيرة، محذرين من أن تفكيكها سيؤدي إلى تفاوت كبير في جودة التعليم والمعايير الأكاديمية من ولاية لأخرى.
المعركة الفيدرالية: مَنْ يملك قرار التعليم؟
وفقًا للأصداء حول ذلك داخل الولايات المتحدة، فإن القرار يثير نقاشًا دستوريًّا وسياسيًّا أعمق حول طبيعة النظام الفيدرالي الأمريكي. فالولايات المتحدة تُدار بنظام يعطي صلاحيات موسعة للولايات، لكن في المقابل هناك حاجة لحد أدنى من التنسيق الفيدرالي في قضايا استراتيجية، مثل التعليم والصحة.
تفكيك وزارة التعليم لا يعني فقط إعادة المهام إلى الولايات، بل فك ارتباطها بالرؤية الوطنية؛ وهو ما قد يفتح الباب أمام نشوء جدل حول 50 نظامًا تعليميًّا مختلفًا في البلاد، لكل ولاية فلسفتها ومناهجها وتمويلها فيها.
حذر سياسي وانقسام أيديولوجي
أثارت خطوة الرئيس ترامب جدلاً واسعًا في وسائل الإعلام الأمريكية؛ إذ تباينت التحليلات ما بين من اعتبرها تعبيرًا عن جرأة سياسية لكسر احتكار الدولة الفيدرالية لقطاع التعليم، ومن رأى فيها محاولة انتخابية لتعزيز قاعدته الشعبوية المحافظة.
ويمكن حصر أبرز ما وُصف به القرار في الأصداء الأمريكية، وخصوصًا وسائل الإعلام بالآتي:
- القرار جزء من حملة أيديولوجية منظمة ضد البنية الفيدرالية للدولة الحديثة، يسعى من خلاله الرئيس ترامب إلى تقديم نفسه مجددًا كمقاتل ضد البيروقراطية التقليدية، بغض النظر عن واقعية التنفيذ.
- القرار يعبر عن رغبة حقيقية في إعادة التوازن بين المركز والولايات، ويفتح النقاش حول كفاءة التعليم الموحد في بلد شديد التنوع.
أبعاد ومخاوف
من جهة أخرى، سلطت People Magazine الضوء على البعد الإنساني للقرار، بنقلها مخاوف نقابات المعلمين وجمعيات أولياء الأمور، الذين اعتبروا أن الخطوة تهدد مصير ملايين الطلاب في الولايات ذات التمويل المحدود، وقد تؤدي إلى تدهور جودة التعليم في الأحياء الفقيرة، فضلاً عن تعقيد فرص دعم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي تحليل آخر رأت The Times أن القرار وإن بدا غير قابل للتطبيق فعليا إلا أنه ينجح في تحريك المياه السياسية الراكدة، ويمنح أنصار ترامب شعورًا بأنهم يستعيدون "أمريكا الحقيقية" من براثن الدولة البيروقراطية العميقة.
ويرى المراقبون أن ذلك يمكن التعبير عنه بأن المزاج الإعلامي العام يعكس انقسامًا أيديولوجيًّا حادًّا بين مؤسسات ترى أن التعليم الموحد ضمان للعدالة الاجتماعية، وأخرى تؤمن بأن العودة إلى التعليم المحلي تمثل تحررًا من القيود المركزية المرهقة.
في السياق العربي.. تجربة مستبعدة
بالرغم من جاذبية النقاش حول تفكيك مركزية التعليم إلا أن تطبيق نموذج مشابه في العالم العربي يظل مستبعدًا في المدى المنظور نظرًا لطبيعة الأنظمة الإدارية والتعليمية، التي تقوم في معظمها على المركزية الشاملة، وترتبط فيها وزارات التعليم مباشرة بالسلطة المركزية، من حيث السياسات والمناهج والتمويل والإشراف.
وفي الدول العربية يُنظر إلى التعليم على أنه إحدى أدوات بناء الهوية الوطنية وتعزيز الوحدة السياسية؛ وهو ما يُصعّب التفكير في منح الجهات المحلية أو المناطق الإدارية صلاحيات مستقلة لتصميم سياساتها التعليمية الخاصة، أو الخروج عن الإطار الوطني العام.. إلا أن المتوقع في حال تم النظر لتطبيق ما لجانب محدود أن يدار في إطار تكاملي مع وزارة التربية والتعليم الاتحادية؛ ما يؤكد أن التحول نحو لا مركزية تعليمية كاملة في السياق العربي لا يزال بعيد المنال، أو ربما ينظر له على أنه "لا حاجة له" في ظل استقرار التعليم وتطوره المستمر فيها.
ماذا يريد الرئيس ترامب؟
يبقى قرار ترامب خطوة وُصفت بـ"الرمزية"، لكنه يُظهر كيف يمكن للقرارات ذات الطابع المؤسسي أن تستخدم كورقة سياسية ضمن معارك أيديولوجية كبرى.
وفي بلد قائم على التوازن بين الفيدرالية والمركزية قد لا يكون من السهل تفكيك وزارة، لكن من السهل إشعال نقاش لا ينتهي.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.