فيديو / صحيفة اليوم

استدامة منافع وعطاء بيئتنا وحمايتها


مع الحياة المدنية ابتعد الإنسان عن تفاعله مع الطبيعية، لم تعد مصالحه ونمط حياته معتمدا عليها بشكل مباشر. ونتيجة لذلك ازداد جهله بالبيئة ومتطلباتها، واحتياجاتها، وحقوقها، وأيضا مشاكلها. تقول العرب: «البعيد عن العين بعيدا عن القلب». التباعد يولّد الجفاء، يهدم الود، يقلص التفاعل. يحدث ذلك حتى مع البيئة.
الزيادة السكانية يقابلها زيادة في الطلب على الموارد الطبيعية، وهذا يشكل ضغطا مضرا على الموارد المحدودة في بيئتنا الهشة. هناك حقيقة يجب أن تكون دائمة الحضور: نحن نعيش على مساحة جغرافية مصنفة مناطق صحراوية، وجافة، وقاحلة. الماء على رأس هذه الموارد الطبيعية النادرة والمحدودة، فجعلته أعظم تحد عاشه الآباء، ونعيشه نحن، وستعيشه أجيالنا القادمة. البيئات الاصطناعية لا تجدد نفسها، بعكس البيئات الطبيعية، هذا يؤكد أن تحظى بيئتنا الطبيعية بأهمية قصوى لصالح البقاء.
مع التغيرات الإيجابية في نمط ومنهج حياتنا، ومع النقلات الحضارية التي نعيشها، غاب عن الفرد الكثير من الحقائق البيئية، وقد كانت محل علم الآباء ونجاح إدارتهم وتعايشهم مع حقائقها. كانوا يتعاملون مع البيئة بحكمة وحذر وحسن إدراك. لكن متطلبات الحياة العصرية اختلفت حتى عن الماضي القريب، هذا شكل مسارات جديدة فيها يخسر الإنسان بئته وتخسره هي الأخرى. هل يستمر وضع الخسائر؟ ولماذا؟ أطرح الأسئلة بهدف الحث على التفكير في أمر سلامة بيئتنا واستدامة عطائها الطبيعي.
النقلة الحضارية السعودية التي نعيش مكسب كبير وعظيم، لكن من جهة أخرى أصبحت البيئة تعيش معزولة، بعيدا عن أهلها الذين ارتبطوا بها بشكل ملاصق لقرون عديدة، كأنهم تخلوا عنها أو بعبارة أخرى «استغنوا عنها». هذا الوضع أشبه بمرض يجب علاجه قبل أن يستفحل. نحن جزء من هذا العالم، علينا الاستفادة من تجاربه، والأهم العمل على الاستفادة من مخزوننا المهاري التراثي البيئي. تقول العرب: أهل مكة أدرى بشعابها.
وحتى يتحقق نجاح مساعينا مع استدامة منافع بيئتنا السعودية المتنوعة لا بد أن يتدخل العلم بوسائله وأدواته، وفلسفته وتطبيقاته، لمساندة البيئة ونصرتها، لضمان استدامة سلامتها، وحمايتها، وعطائها، وحقوقها دون جشع وطمع واستغلال مُضر، وذلك في ظل وجود العلماء السعوديين والجامعات السعودية، ومراكز البحوث المختلفة. لم يعد لنا عذر في التقصير مع بيئتنا.
الوضع الحضاري الذي نعيش يجعل مسؤولية البيئة تنتقل من الأفراد والجماعات وفق معايير إلى جهات حكومية. أي تصبح البيئة مسؤولية رسمية، بأجهزة مختصة، وإدارات فاعلة ذات علاقة، تتولى الدور الذي كان يمارسه الأفراد والمجتمع عبر القرون. رسم التشريعات وفرضها تصبح ضرورة قصوى من أجل استدامة منفعة البيئة.
التفاعل مع البيئة جزء من بناء الحياة ومتعتها وبهجتها وازدهارها، ويظهر ذلك مع معرفة أسرار التعامل مع حقائقها، وقد فعلها أجدادنا عبر التاريخ، شكلوا أساس علوم نافعة تعطينا دروس وعبر في إدارة البيئة. نجاح إدارتهم للبيئة المطيرة الجبلية جنوب غرب المملكة خير مثال، كذلك نجاح إدارتهم بيئة الواحات في بلادنا، منها واحتي الأحساء والخرج في مناطق الصخور الرسوبية، أيضا واحة بيشة في مناطق الدرع العربي. أسسوا أنماط تعايش بيئي بوسائل وأدوات محلية بسيطة، لكنها عظيمة النفع المستدام. قدموا لأجيالهم تراث مهاري علمي مدهش، فاعل ونافع. ويستمر الحديث.
@DrAlghamdiMH

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا