تعرف على صلاة التوبة وعلى ما هي التوبة وما هو فضلها وما هي كيفية صلاتها وما هو دعائها ووقت صلاتها عبر موقع محيط، حيث أن التوبة في حقيقية الأمر عبارة عن إعتراف المرء بالذنب الذي فعله مع القيام بترك جميع الذنوب على أبلغ الوجوه وأكملها، ويعتبر الإقبال على التوبة من الذنوب والمعاصي من حُسن إسلام المرء وكمال دينه، هذا وقد عرّف بعض أهل العلم التوبة على أنّها الرجوع والعودة إلى الله سبحانه وتعالى والإبتعاد كلياً عن جميع الأمور التي يكرهها ويبغضها ظاهراً وباطناً، وفيما يلي سنتعرف على ما هي التوبة وما هو فضلها على حياة المرء وعلى آخرته، كما سنتعرف على ما هي كيفية صلاتها بالتفصيل.

ما هي التوبة

من المؤكد أنّ للتوبة أهمية بالغة وكبيرة في الدين الإسلامي، فهي أمر واجب على جميع المسلمين، حيث قال الله سبحانه وتعالى في ما ورد في سورة النور ما يدل على ضرورة التوبة إليه سبحانه، حيث قال تعالى:

{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

هذا وقد أمرنا الله جل وعلا أمر مباشر وصريح بالتوبة إليه، وذلك في ما ورد في سورة التحريم، حيث قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا}

ومن الجدير بالذكر أن رسولنا الأمين (صل الله عليه وسلم) كان يتوب إلى الله عز وجل وهو في الأصل مغفور الذنب، فكيف بحال من يقوم بإرتكاب الذنوب والمعاصي بإستمرار؟!.

فقد ورد عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صل الله عليه وسلم)، قال:

“واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً”

وقد ورد في حديث آخر عن الأغر المزني أبو مالك (رضي الله عنه)، أن رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه)، قال:

“يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إلى اللهِ، فإنِّي أَتُوبُ، في اليَومِ إلَيْهِ مِئَةَ، مَرَّةٍ”

ويجب العلم أنه مهما كانت المعصية أو الذنبُ كبيراً؛ إذا قام العبد بالإعتراف بذنبه وقام بالتوبة إلى الله عز وجل، فإنّ الله جل وعلا برحمته الواسعة وعفوه الكبير يتوب عليه.

والدليل القاطع على ذلك الأمر هو الحديث الشريف الذي روته السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) ، حيث قالت أن رسول الله (صل الله عليه وسلم)، قال:

“فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إلى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عليه”

وحتى إذا عاد العبد إلى إرتكاب الذنوب والمعاصي بعد توبته، فإن ذلك الأمر لا يمنعه أطلاقاً من التوبة إلى الله عز وجل مرة أخرى.

فقد ورد في الحديث الشريف الذي رواه الصحابي الجليل أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه)، قال:

“إنَّ عَبْدًا أصابَ ذَنْبًا – ورُبَّما قالَ أذْنَبَ ذَنْبًا – فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ – ورُبَّما قالَ: أصَبْتُ – فاغْفِرْ لِي، فقالَ رَبُّهُ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ ثُمَّ أصابَ ذَنْبًا، أوْ أذْنَبَ ذَنْبًا، فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ – أوْ أصَبْتُ – آخَرَ، فاغْفِرْهُ؟ فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أذْنَبَ ذَنْبًا، ورُبَّما قالَ: أصابَ ذَنْبًا، قالَ: قالَ: رَبِّ أصَبْتُ -أوْ قالَ أذْنَبْتُ- آخَرَ، فاغْفِرْهُ لِي، فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثًا، فَلْيَعْمَلْ ما شاءَ”

لا تفوت فرصة التعرف على: دعاء التوبة – اهم الادعية للتوبة والرجوع الي الله

ما هي صلاة التوبة

من المعروف أن الصلاة هي أحد أهم العبادات التي تقوم بمرافقة العبد في جميع أوقاته وأحواله وظروفه، هذا وتتعدّد وتتنوع أسباب الصلاة بما يتجدّد ويتغير من أحوال العبد.

حيث شُرع للمسلم أن يقوم بأداء الصلاة في حال تردّده الشديد في أمرٍ ما من أمور الحياة، وذلك لطلب الخيرة من الله السميع العليم، وهي الصلاة التي تعرف بإسم صلاة الإستخارة.

وقد شُرع له أيضاً أن يقوم بأداء الصلاة لطلب الغيث والنجدة من الله سبحانه وتعالى لنيل كل ما فيه خير وصلاح له، كما هو الحال في صلاة الاستسقاء، وغيرهما العديد من الصلوات ذوات الأسباب المختلفة.

وصلاة التوبة تعتبر من السنن النبوية المهجورة التي شُرعت في الأساس لتوبة العبد المذنب من ذنبٍ قد وقع فيه، حيث إنّ من ثمرات الصلاة العظيمة غفران الذنوب والمعاصي.

ويجب العلم أن صلاة التوبة تسمّى أيضاً بصلاة الإستغفار، وهي من الصلوات المستحبةٌ، وهذا بإتفاق جميع الفقهاء الأربعة، حيث إتّفق العلماء على مشروعيتها وإستحباب أدائها.

هذا ويستحبّ للعبد التائب أن يستغفر الله سبحانه وتعالى بعد القيام بأداء صلاة التوبة، كما يجب عليه أن يحرص على الإجتهاد والتفاني في عمل الأعمال الصالحة التي تكفر عن الذنوب والمعاصي التي كان قد فعلها.

كيفية صلاة التوبة

تعتبر صلاة التوبة من الصلوات البسيطة جداً، فهي عبارة عن ركعتان ينوي بهما العبد المذنب سنّة التوبة، وتجب في هذه الصلاة من الشروط والأركان ما يجب في صلوات النوافل.

هذا وتُشرع صلاة التوبة عند توبة العبد من الذنوب والمعاصي سواء كانت هذه الذنوب من الكبائر أو من الصغائر، ويؤديهما العبد التائب منفرداً، حيث أنها من الصلوات التي لا تشرع لها صلاة الجماعة؛ وذلك لأنّها من الصلوات النوافل.

ويقرأ التائب في هاتين الركعتين ما شاء أن يقرأ من القرآن الكريم؛ فلم يرد عن الرسول الكريم (صل الله عليه وسلم) تخصيص آياتٍ معينةٍ من القرآن الكريم للقراءة بها في هذه الصلاة.

ومن الجدير بالذكر أنه يستحبّ ترديد سيد الإستغفار بعد أداء صلاة التوبة،

بالإضافة إلى الإتيان بجميع شروط التوبة المتعارف عليها من الإقلاع عن الذنب بشكل تام والشعور بالندم الشديد بسبب إرتكاب هذا الذنب والعزم على عدم تكراره والعودة إليه مرةً أخرى.

ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي وردت في مشروعية صلاة التوبة؛ ما ورد عن أبي بكرٍ الصدّيق (رضي الله عنه) عن النبيّ (صلّ الله عليه وسلّم)، أنه قال:

(ما من عبدٍ يُذنبُ ذنبًا فيُحسنُ الطُّهورَ، ثم يقوم فيصلِّي ركعتَين، ثم يستغفرُ اللهَ؛ إلا غفر له، ثم قرأ هذه الآيةَ: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إلى آخرِ الآيةِ)

وفي حديث نبوي آخر ورد عن الصحابي الجليل أبي الدرداء (رضي الله عنه) عن الرسول (صلّ الله عليه وسلّم)، أنه قال:

(مَن توضأَ فأحسنَ الوُضوءَ، ثم قامَ فصلَّى ركعتَين أو أربعًا (يَشُكُّ سهلٌ) يُحسِنُ فيهِنَّ الذِّكرَ والخُشوعَ، ثُم يستغفرِ اللهَ؛ غُفِرَ لَه)

لا تفوت فرصة التعرف على: سيد الاستغفار واهم الادعية للاستغفار والتوبة

ما هو سبب صلاة التوبة

يعود السبب في مشروعية صلاة التوبة إلى إحتمالية وقوع العبد المسلم في الذنوب والمعصية كبيرةً كانت أم صغيرةً، فإن أراد العبد التوبة إلى الله سبحانه وتعالى؛ فيُندب له أن يسبغ الوضوء ويُصلّي ركعتين لله عز وجل.

فتكون هذه الصلاة بمثابة العمل الصالح الذي يتقرّب به العبد التائب إلى الله سبحانه وتعالى، فيتوسّل فيها العبد المذنب إلى الله جل وعلا ويرجوه أن يغفر له هذا الذنب ويتوب عليه منه.

ما هو وقت صلاة التوبة

يستحبّ للعبد التائب أن يقوم بأداء صلاة التوبة فور عزمه وإصراره على التوبة إلى الله سبحانه وتعالى من الذنب الذي قد إرتكبع ووقع فيه.

سواءً أكانت هذه التوبة بعد القيام بإرتكاب هذا الذنب مباشرةً أم كانت توبته متأخرةً عنه بوقت طويل، هذا ويجب العلم أن صلاة التوبة يمكن للمسلم أن تُصلّيها في أوقات النّهي.

حيث أنها يُمكن أن تؤدّى بعد صلاة العصر وقبل وقت الشروق؛ وذلك لأنّها من الصلوات ذوات الأسباب، فيشرع القيام بأدائها على الفور عند وجود الأسباب.

ومن الجدير بالذكر أنه إنّ قام العبد بتأخير التوبة؛ قُبلت منه ما لم يقوم بأحد موانعها؛ فإنّها في تلك الحالة لا تُقبل، ومن أهم وأبرز موانع التوبة ما يلي ذكره:

عند موت العبد وبالتحديد لحظة طلوع الروح من الجسد وبلوغها الحلقوم، فقد ورد عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) عن النبيّ الكريم (صلّ الله عليه وسلّم)، أنه قال:

(إنَّ اللهَ يقبلُ توبةَ العبدِ ما لم يُغَرْغِرْ)

والموضع الثاني هو عند طلوع الشمس من مغربها، وذلك لِما ورد عن الصحابي العظيم معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) عن النبيّ الأمين (صلّوات الله وسلامه عليه)، أنه قال:

(لا تزالُ تُقبَلُ التَّوبةُ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ من مغربِها)

لا تفوت فرصة التعرف على: دعاء الاستغفار والتوبة من الزنا ودعاء البعد عن المحرمات

ما هو دعاء التوبة

لقد ورد عن الرسول (صلوات الله وسلامه عليه) حديث شريف أكثر من رائع، فهو عبارة عن دعاء للإستفغار من الذنوب والمعاصي والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى، حيث قال:

(اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعاً، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ)

ما هو فضل التوبة العظيم على العبد

إن للتوبة إلى الله جل وعلا العديد من الفضائل والمنافع التي تعود على العبد المسلم، سواء كانت هذه الفضائل والمنافع في حياته الدنيا أو في الآخرة، ومن أهم وأبرز هذه الفضائل المتعددة ما يلي ذكره:

• تعتبر التوبة أحد أسباب محبة الله جل وعلا للعبد؛ فإنّ الله سبحانه وتعالى يحبّ التوابين.
• إن التوبة سبب كبير لمغفرة الذنوب والتجاوز عن السيئات والعفو عنها، بالإضافة إلى أنها سبب قوي لقبول الأعمال الصالحة من العبد.
• تعد التوبة من أفضل أسباب النجاة من النار والدخول إلى الجنة والفوز بها.
• تعرف التوبة بأنها السبب الحقيقي في فلاح العبد وصلاح أمره.
• تعتبر التوبة من أهم أسباب نيل العبد لرحمة الله عز وجل ومغفرته الكبيرة.
• إن التوبة سبب كبير لتحقيق الإيمان الصادق وللفوز بالأجر العظيم.
• التوبة إلى الله سبحانه وتعالى سبب قوي للفوز بدعاء الملائكة.
• تعتبر التوبة من الذنوب من أكبر أسباب فرح الله سبحانه وتعالى، إذ أن الله جل وعلا يفرح بتوبة عبده.
• تعد التوبة من أهم أسباب زيادة القوة البدنية، كما أنها السبب في نزول البركة على العبد من السماء.

بذلك نكون قد تعرفنا على ما هي التوبة وعلى ما هو فضلها العظيم، كما تعرفنا على ما هي صلاة التوبة وكيفيتها وسببها ووقتها بالتفصيل.