«غالبًا ما تحل المشكلات الصعبة التي نواجهها في الليل، بعد أن يعمل العقل في فترة النوم عليها، وتبدو الأمور واضحة ومحلولة في الصباح». [جون شتاينبيك]
يزعم العديد من الأشخاص أنهم توصلوا إلى اكتشافات وابتكارات خلاقة في أحلامهم. تشير دراسات حديثة عن النوم إلى وجود دلائل تدعم هذه الادعاءات، بأن الأفكار والاختراعات قد تنشأ من الأحلام.
تشير دراسة عام 2024 إلى أن النوم قد يساعدنا في اتخاذ قرارات مدروسة وأكثر عقلانية، دون أن ننخدع بالانطباع الأول. لتوضيح ذلك، أجرى باحثو جامعة ديوك في الولايات المتحدة تجربة على المشاركين في لعبة بيع الأشياء المستعملة.
في التجربة، فتش المشاركون صناديق افتراضية تحتوي على سلع غير مرغوبة. مع أن معظم العناصر في الصناديق ليست قيّمة، فإن بعض الأشياء الخاصة كانت أكثر قيمة. بعد تفتيش عدة صناديق، طُلب من المشتركين اختيار صندوقهم المفضل، وكان من المقرر أن يحصلوا على مكافأة نقدية تعادل قيمة العناصر الموجودة في الصندوق الذي اختاروه.
عندما كان على المشاركين أن يختاروا الصندوق فورًا، كانوا يميلون إلى التقييم السريع للصناديق بناءً على العناصر الأولى، بدلًا من النظر في محتويات الصندوق نظرة شاملة. بهذه الطريقة، كانوا يتأثرون تأثرًا زائدًا بالمعلومات الأولية التي واجهوها، دون أخذ المعلومات اللاحقة في الاعتبار عند اتخاذ قرارهم.
عندما نام المشاركون واتخذوا قرارهم في اليوم التالي، أصبحت خياراتهم أكثر عقلانية، إذ لم يؤثر وضع العناصر القيمة في الصندوق في قرارهم.
حل المشكلات في الدماغ النائم:عندما نجد أنفسنا عالقين في مشكلة صعبة، قد يبدو لنا أننا وصلنا إلى طريق مسدود. أظهرت دراسة أنه عند تزويد الدماغ في أثناء النوم بإشارات، في صورة أصوات مرتبطة بمشكلة لم تحل بعد، ساعد ذلك المشاركين على حل تلك المشكلة في اليوم التالي.
في التجربة، قُدمت مجموعة من الألغاز للمشاركين لحلها. في أثناء حل الألغاز، شُغل صوت معين في الخلفية، وفي نهاية جلسة الاختبار، جمع الباحثون جميع الألغاز التي لم يتمكن المشاركون من حلها، وخلال نوم المشاركين، أعاد الباحثون تشغيل الأصوات المرتبطة ببعض الألغاز التي لم تُحل.
في الصباح التالي، عاد المشاركون إلى المختبر لمحاولة حل الألغاز التي لم ينجحوا في حلها في الليلة السابقة. كانت نسبة حل الألغاز أعلى للألغاز التي أُلمح لها خلال الليل، ما يقترح أن الإشارات الصوتية حثت الدماغ في أثناء النوم على العمل على حل تلك الألغاز.
من الطرق التي قد يساعدنا فيها النوم على حل المشكلات: اكتشاف رؤى عن العلاقات بين الأشياء والأحداث. اختبرت دراسة عام 2023 هذه الفكرة.
إذ جعل الباحثون المشاركين يتعلمون الارتباطات بين أربعة عناصر مختلفة، حيوان وموقع وجسم وطعام. ترتبط هذه العناصر بحدث وصفه الباحثون لهم. كانت بعض الارتباطات واضحة. مثلًا: كان العنصر (أ) مرتبطًا مباشرةً بالعنصر (ب). في حين كانت بعض العلاقات مرتبطة ارتباطًا غير مباشر، مثلًا: لا يرتبط العنصر (د) مباشرةً بالعناصر (أ) أو (ج).
توصل فريق البحث إلى أنه بعد ليلة من النوم، كان المشاركون أقدر على كشف العلاقات غير المباشرة. إذ اكتشفوا الارتباط الدقيق بين العنصرين أ و د، مثلًا. مقارنةً بمن ظلوا مستيقظين. يقترح ذلك أن النوم منح المشاركين رؤية أوضح لهيكلية الحدث الأساسية.
الحلم طريقك إلى الإبداع:توماس إديسون، الذي ساهم في اختراع المصباح الكهربائي، كان يستخدم غالبًا فترات النوم القصيرة نهارًا لتعزيز إبداعه، مع أنه كان لا ينام أكثر من أربع ساعات في الليل. عندما كان يشرع إديسون في قيلولته في أثناء النهار، كان ينام وبيده كرة.
عندما أفلتت يده وسقطت الكرة أرضًا لحظة استغراقه في النوم، استيقظ إديسون بفزع بسبب صوت الكرة الساقطة على الأرض. زعم إديسون، وآخرون مثل سالفادور دالي، أن تلك الحالة الانتقالية، اللحظة بين اليقظة والنوم، تشجع إبداعهم.
عام 2021، وضع علماء فرنسيون إدعاء إديسون تحت الاختبار. إذ طلبوا من المشاركين محاولة حل مشكلة رياضية. تضمنت المسألة قاعدة خفية ستسمح لهم بحل المشكلة سريعًا دون علمهم.
بعد العمل على المشكلة، جعلوا المشاركين يغفون كما فعل إديسون. كان كل مشارك يحمل كوبًا في يده سيسقطه إذا نام.
بعد هذا التأخير، أعيد اختبار المشاركين على مشكلة الرياضيات. ووجدوا أن المشاركين الذين ناموا نومًا خفيفًا كانوا أقدر على اكتشاف القاعدة الخفية، مقارنةً بالمشاركين الذين بقوا مستيقظين، أو الذين دخلوا في مراحل نوم أعمق.
خلال الفترة بين الاستيقاظ والنوم، أبلغ العديد من المشاركين عن تجربة حالة هلوسة، وهي صور تشبه الأحلام التي تحدث عادةً في بداية النوم.
عام 2023، أجرى مجموعة من الباحثين دراسة استهدفت بحث مدى ارتباط محتوى الهلوسة بثلاث مهام إبداعية، من بين تلك المهام إدراج جميع الاستخدامات الإبداعية البديلة التي يمكن للمشاركين التفكير فيها. أي طُلب منهم التفكير في استخدامات مختلفة وغير تقليدية للشجرة، قد يشمل ذلك التفكير في كيفية استخدام الشجرة بطرق إبداعية ومبتكرة خلافًا للاستخدامات التقليدية. توصلوا إلى أن حل المشكلات الإبداعية كان أفضل عندما اشتملت صور الهلوسة على الأشجار، ما يشير إلى أن الصورة ساعدتهم على حل المشكلة.
يبدو أن إديسون كان على حق، فالغفوة حقًا تمثل انطلاقة نحو الإبداع، وأن النوم على هذا الأساس يساعد حقًا على تحقيق نتائج مبتكرة.
اقرأ أيضًا:
تحذير الخبراء: الحرمان من النوم هو التهديد الأكبر على صحتك
وجدت دراسة حديثة أن النوم لساعات أطول في العطلة قد يقلل من مشكلات القلب بنسبة تصل إلى 20%
ترجمة: حسن السعيد
تدقيق: أكرم محيي الدين
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.