هو وهى / بالبلدي

بالبلدي : استراتيجية جديدة قد تحول الأدوية الوريدية إلى حبوب

بالنسبة للعديد من مرضى السرطان، فإن الحقن الوريدي بالعلاج الكيميائي هو أفضل فرصة لهم للشفاء. ولكن هذه الحقن قد تكون غير مريحة أو غير متاحة للمرضى.

كما أن بعض المضاعفات لا تنشأ من الدواء النشط نفسه، ولكن من الحقن الوريدي، وبالتالي فإن تحويل هذه الأدوية إلى أقراص قد يكون تحولا كبيرا.

في دراسة نشرت في مجلة Nature Communications، قام فريق من الباحثين بقيادة مارك سميث، بتصميم علامة جزيئية صغيرة يمكنها - عند إضافتها إلى أي جزيء دواء تقريبًا - جعل الأدوية التي يتم إعطاؤها عادة من خلال الوريد فعالة مثل الحبوب الفموية.

كما أن هذا يجعل الحبوب أكثر فعالية عند تناول جرعات أقل.

ومن خلال التجارب المبكرة على الفئران، أظهر الفريق أن نسختهم من عقار باكليتاكسيل الفموي، وهو أحد أكثر أدوية العلاج الكيميائي الموصوفة للعديد من أنواع السرطان الشائعة، كان أداؤها أفضل من الجرعة الوريدية النموذجية.

وقال سميث: "يعد هذا حلًا بسيطًا ومحرجًا لمشكلة قديمة، وبفضل هذه الاستراتيجية، يمكننا تسريع إنتاج مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأدوية الجديدة من خلال العيادات".

وقال جيمس ديكرسون، طبيب أورام في جامعة ستانفورد متخصص في رعاية سرطان الثدي والمساواة الصحية: "قد يكون تأثير عقار باكليتاكسيل الفموي غير السام والفعال هائلًا".

وأضاف: "قد يؤدي ذلك إلى تجربة أفضل للمريض، وعلى مستوى العالم، من شأنه أن يزيد من فرص الحصول على الرعاية للمرضى المصابين بأكثر أنواع السرطان شيوعًا".

رحلة حبة الدواء في الجسم

تتكون رحلة حبة الدواء من الفم إلى مجرى الدم من عدة مراحل مهمة.

فبعد أن يبتلع الشخص حبة الدواء، تذوب في المعدة، فتطلق جزيئات الدواء المعبأة بداخلها، ثم يتم امتصاص هذه الجزيئات في جدران المعدة أو الأمعاء وتشق طريقها إلى مجرى الدم.

وبمجرد وصولها إلى مجرى الدم، تستطيع جزيئات الدواء أن تنتقل إلى الأعضاء التي تحتاج إليها. وهناك، تعبر الأغشية الخلوية وتدخل إلى داخل الخلايا، حيث تتاح لها الفرصة أخيرًا للقيام بالوظيفة التي صُممت من أجلها.

في كثير من الأحيان، تعمل الأدوية عن طريق تثبيت نفسها في جيوب محددة للغاية في بروتينات معينة ومنع البروتينات من أداء مهمة ما.

ولقياس مدى نجاح الدواء في رحلته عبر الجسم، يستخدم مطورو الأدوية مصطلح "التوافر البيولوجي"، الذي يشير إلى النسبة المئوية من إجمالي كمية الدواء التي تبتلعها والتي تنتهي في مجرى الدم.

ومن الطبيعي أن يكون هذا الرقم منخفضًا جدًا، حوالي 20%، ولكن السبب قد يكون مفاجئًا. وذلك لأن الزيت والماء لا يختلطان.

ولكي تكتمل الخطوات الأخيرة من رحلتها ــ عبور الأغشية الخلوية والدخول إلى جيب البروتين ــ لابد أن تكون العديد من الأدوية محبة للدهون، أو قابلة للذوبان في الزيت.

ولكن لكي تكتمل الخطوات الأولى من الرحلة ــ صياغتها في شكل حبوب وذوبانها في المعدة ــ لابد أن يكون الدواء قابلًا للذوبان في الماء، وهذه هي المفارقة المركزية في التوافر البيولوجي: فالدواء لابد أن يكون قابلًا للذوبان في الماء والزيت في الوقت نفسه.

حبة صعبة البلع

إن أغلب مطوري الأدوية يستخدمون إحدى استراتيجيتين لجعل الأدوية القابلة للذوبان في الزيت أكثر قابلية للذوبان في الماء.

ففي الاستراتيجية الأولى، يقومون بصياغة الدواء في خليط من جزيئات أخرى. ولكن العلماء مضطرون إلى تخصيص "الخليط" لكل دواء جديد.

وفي استراتيجية ثانية، يقومون بإنشاء "دواء أولي"، والذي يتضمن إضافة علامة كيميائية صغيرة على جزيء الدواء.

إن هاتين الاستراتيجيتين معقدتان، وتستغرقان وقتا طويلا، ومكلفتان، مما يعني أن العلماء قد يكون لديهم جزيء يمكن أن يكون تحويليا باعتباره دواء، ولكنهم سيقضون سنوات من البحث في محاولة تحويله إلى شيء يمكن للمريض أن يبتلعه.

واجه سميث المشكلة لأول مرة عندما اتصل به طبيبان في نفس الأسبوع، وكانا محبطين لأنهما لم يتمكنا من إذابة عقارين معتمدين من قبل إدارة الغذاء والدواء في أي سائل، وهي خطوة ضرورية في بحثهما. كانا في حاجة إلى مساعدة سميث.

كان سميث، الذي طور العقاقير في شركة روش قبل أن يتم تجنيده لقيادة مجموعة الكيمياء الطبية في مركز سارافان للكيمياء والصحة في عام 2013، يرى إمكانية حل كل من الإزعاج المختبري والمشكلة السريرية المزمنة المتمثلة في انخفاض قابلية الذوبان للأدوية.

كان أحد أول الأدوية التي تعامل معها الفريق هو عقار فيمورافينيب، وهو عقار علاجي للورم الميلانيني شديد الذوبان في الماء، وهذا يعني أن المرضى يحتاجون إلى تناول جرعات ضخمة ــ أربع حبات كبيرة مرتين في اليوم ــ ولا يمتص الجسم سوى كمية صغيرة منه.

وذوبان العقار منخفض للغاية لدرجة أن بعض المرضى لا يستجيبون للعلاج على الإطلاق.

وكانت النتائج مذهلة، فقد أدى إضافة مركب سول-مويتي إلى فيمورافينيب إلى زيادة التوافر البيولوجي من نحو الصِفر إلى 100%.

هذا يعني أن إضافة العلامة الكيميائية الصغيرة قد تجعل عقار الميلانوما أكثر فعالية لدى المزيد من المرضى بجرعات أقل كثيرًا.

ثم أصبح الفريق أكثر طموحًا.

يعد عقار باكليتاكسيل، الذي يُباع غالبًا تحت الاسم التجاري تاكسول، أحد أكثر أدوية العلاج الكيميائي شيوعًا ويستخدم لعلاج مجموعة متنوعة من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي والمبيض والرئة، وقد عولج أكثر من مليون مريض بهذا العقار على مدار الثلاثين عامًا الماضية.

الدواء غير قابل للذوبان في الماء تقريبًا تمامًا ولا يذوب إلا في خليط يحتوي على زيت الخروع، مما يعني أنه لا يمكن إعطاء الدواء إلا عن طريق الحقن الوريدي.

لكن العديد من المرضى يعانون من ردود فعل سلبية تجاه زيت الخروع، لذلك غالبًا ما يتعين عليهم العلاج بالتسريب الوريدي للستيرويدات قبل التسريب الكيميائي الذي يستغرق ساعات.

تعني الحاجة إلى التسريب الوريدي أيضًا أن المرضى يجب أن يذهبوا إلى مركز طبي لتلقي العلاج، مما يحد من الوصول العالمي إلى هذا الدواء.

كان عقار باكليتاكسيل الفموي هو الاختبار النهائي الذي أجراه الفريق لتحديد هوية الجزيء. ففي نموذج فأري لسرطان البنكرياس، كان أداء عقار باكليتاكسيل الفموي المعدل، والذي أصبح الآن قابلًا للذوبان في الماء، أفضل من الجرعة الوريدية التقليدية.

هذا هو أول تقرير على الإطلاق عن دواء فموي فعال من نوع باكليتاكسيل، ومن المهم أن الباحثين لم يروا حتى الآن أي سمية مرتبطة بعلامة الجزيء المحلول.

وقال سميث: "إن هذا من شأنه أن يغير الطريقة التي يتلقى بها ملايين المرضى في مختلف أنحاء العالم العلاج الكيميائي، فسوف يحظون براحة البقاء في المنزل لتلقي الرعاية، ولن يضطروا إلى الخضوع لعمليات حقن طويلة أو تلقي الستيرويدات".

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة بالبلدي ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من بالبلدي ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا