في حفرة عميقة في مدينة سومرست البريطانية، كُشِف عن سر مروع يعود إلى آلاف السنين، حيث عُثِرَ على مجموعة من العظام البشرية، التي تروي قصة عنف وحشي وممارسة أكل لحوم البشر في العصر البرونزي.

هذه المذبحة، التي وقعت بين عامي 2200 قبل الميلاد و2000 قبل الميلاد، تعد واحدة من أكثر الأحداث دموية في عصور ما قبل التاريخ البريطاني، وتلقي الضوء على جانب مظلم من تاريخ بريطانيا.

وتشير العظام المكتشفة إلى أن مالا يقل عن 37 رجلًا وامرأةً وطفلًا لقوا حتفهم في حادث مأساوي، وتعرضت جماجم الضحايا للتهشم؛ بسبب الضربات القاتلة، مما يدل على عنف مفرط، كما تم قطع عظام الساق والذراع بعد الوفاة، حيث يبدو أن الجناة استهدفوا استخراج نخاع العظام.

وتحمل عظام اليد والقدم تحمل علامات واضحة على مضغها، مما يشير إلى ممارسة أكل لحوم البشر، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.

ويؤكد علماء الآثار أن هذه الأدلة تشير إلى ممارسة أكل لحوم البشر، وهي ممارسة نادرة وغير معتادة في ذلك الوقت، فمن غير المعتاد العثور على مثل هذه الأدلة في مواقع أخرى من العصر البرونزي المبكر، حيث يشير وجود عدد كبير من الضحايا، وخاصة الأطفال، إلى أن هذا الحدث كان استثنائيًا ومخيفًا.

ويعتقد الباحثون أن هذه المذبحة قد تكون مثالًا على "العنف كأداة"، حيث كان الجناة يسعون لإرهاب المجتمع الأوسع، وإن سلخ وجزّ الضحايا وأكلهم كان له تأثير مخيف، مما يترك أثرًا دائمًا في المنطقة، وقد يكون هذا الحدث بمثابة انتقام لمذبحة سابقة، أو قد يكون قد أدى إلى أعمال انتقامية لاحقة.

وأشاروا إلى أن اكتشاف "تشارترهاوس وارن" يغير الطريقة التي نفهم بها الماضي، فبدلًا من التركيز على التجارة والتبادل، يسلط هذا الحدث الضوء على جانب عنيف ومظلم من تاريخنا، إنه تذكير بأن البشر في العصور ما قبل التاريخ كانوا قادرين على ارتكاب فظائع مماثلة لتلك التي شهدناها في العصور الحديثة.

وقال ريك شولتينج، أستاذ علم الآثار العلمي والقديم في جامعة أكسفورد: إن هذه المذبحة تعد حدثًا استثنائيًا حتى في ذلك الوقت، فعلى الرغم من أننا نعرف القليل عن العنف في العصر البرونزي المبكر، إلا أن هذا الاكتشاف يغير كل شيء، إنه يدفعنا إلى إعادة التفكير في فهمنا لتلك الفترة، ويدعو إلى مزيد من البحث والتحقيق.

وقصة "تشارترهاوس وارن" مهمة للغاية؛ فهي تروي حدثًا مأساويًا وقع منذ آلاف السنين، وتكشف عن جانب مظلم من تاريخ بريطانيا، إنها تذكير بأن العنف والوحشية يمكن أن يحدثا في أي وقت، حتى في المجتمعات القديمة، ومن خلال دراسة هذه الاكتشافات، يمكننا فهم المزيد عن طبيعة الإنسان وتطوره.

وتعد مذبحة "تشارترهاوس وارن" تذكيرًا صارخًا بأن الماضي يمكن أن يكون قاسيًا ومخيفًا، فهي تروي قصة مجتمع تعرض للدمار، وتترك أثرًا عميقًا في تاريخ المنطقة، إنها دعوة لنا لدراسة التاريخ بعين ناقدة، وفهم الجوانب المظلمة التي قد تكون مخفية.