تأمل طريق الطب الذي أنشئت له الجامعات، والبحوث، والدراسات، والمختبرات، والتخصصات، وبذل الأطباء فيه آلاف السنين المتعاقبة جيلاً بعد آخر ليخرجوا بنظريات علمية تدعمها آلاف التطبيقات العملية والنتائج المخبرية، ثم يأتي فلاح أو راعي إبل ربما تعثر في المرحلة الابتدائية ليخترع دواء لكل داء من خلال تفحص وجه المريض، أو ربما من صورة يديه ترسل له عبر وسائل التواصل ليتحول إلى جهاز أشعة مقطعية، وجهاز تحليل في آن واحد، ويصدر النتيجة الطبية في الحال، ثم يتحول لصيدلي بارع ينسف كل نظريات الطب، وتخصصات الأطباء، ويتهم كل الدراسات والنظريات والأدوية والعلاجات!
وآخر؛ يمتهن تفسير المنامات، وتأويل الأحلام، ليخرج من كل أضغاث أحلام بتأويل لا يتجاوز وعداً بالرزق، أو تحذيراً من حاسد، أو ترقباً لغائب أو خاطب، ويتأكد البلاء عندما يؤول ذلك للفتنة بين الأزواج والأقارب، وادعاء السحر والعين بينهم بناء على الوهم في المنام، ثم الوهم في التأويل.
إن هذا وذاك لا يقلون جرماً عن مدعي الغيبيات، وربط حركة الأفلاك والنجوم بالحوادث الأرضية، غير أنهم ينطقون بالغيبيات دون رابط محسوس سوى بصرهم الذين يلبسونه لباس البصيرة، وتخميناتهم التي يرجحونها على النظريات العلمية الرصينة، وكلهم يتفقون بالمتاجرة بالوهم، ويجدون من يسوق لهم، ويصفهم بالمُلْهَمين.
خاتمة القول: إن «تجارة الوهم» لم يكن لها لتروج لولا أن سوق الوهم في الناس مشرَّع الأبواب والأكشاك، فقد وجد الطبيب المزور مريضاً متوهماً فأسعد الله سعداً بسعيدة، ووافق شنٌ طبقة، وعلى قدر أوهامكم تُبْتَلون.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.