مع اشتعال نار الحرب المسعورة التي أطلقتها إسرائيل على قطاع غزة الفلسطيني وعلى لبنان وضربات أخرى على اليمن وإيران وإحداث كم مهول من الاضطرابات نتاج ذلك إلا أن أسواق العالم «امتصت» هذه الأحداث الكبرى ولم تهتز البورصات أو ترتفع أسعار النفط والذهب ولا صعدت تكلفة التأمين للشحن التجاري البحري كما كان يحدث قديماً في ظروف مشابهة.
ولكن ما حصل هو العكس تماماً، استقرت أسعار النفط والذهب، واصلت الأسواق المالية أداءها الإيجابي والتصاعدي، حركة الملاحة والتجارة بقيت ثابتة في مجملها.
لعل ما يحدث الآن هو تتمة لما حصل نتاج الحرب الروسية الأوكرانية والتي مرت عليها سنوات من الزمن ولكن الاقتصاد العالمي لم يتأثر سلباً بها واستطاع تحييدها تماماً عن أسواق المال. وهذه ظاهرة عالمية جديدة تماماً وغير مسبوقة وتخالف القاعدة التي كانت تؤكد على فكرة أن رأس المال جبان ويفر هارباً من شبح الخوف والقلق والاضطراب فما بالك بالحروب المدمرة والدموية.
العلاقة بين الحروب والاقتصاد وثيقة ولطالما كانت الحروب مكلفة للغاية، مكلفة من الناحية الإنسانية بسبب سقوط الضحايا والجرحى والإعاقات الدائمة جسدياً ونفسياً، ومكلفة اقتصادياً أيضاً، والكلفة الاقتصادية قد تكون مباشرة وظاهرة للعيان مثل تدمير المباني والمصانع والمشافي والبنى التحتية من جسور وطرق وغيرها، أو غير مباشرة وخفية، لا تظهر آثارها مباشرة، ولكنها مؤثرة للغاية ويمكن للناس الإحساس بها.
عند نشوب الحروب تضطرب النظم الاقتصادية المستقرة التي تشكلت على مرّ السنين وتتعطل سلاسل التوريد وتقل اليد العاملة وتسود حالة من انعدام اليقين الاقتصادي وترتفع معدلات التضخم والديون الخارجية للدول المنخرطة في الحروب، ويُهجّر الناس من بيوتهم ومصانعهم ومزارعهم، وكلّ هذا يترك أثراً عميقاً على الاقتصاد.
هذه النظرة التقليدية للحرب وآثارها على الاقتصاد، ولكن ما يحصل في روسيا وأوكرانيا وبعدها في الشرق الأوسط بات يجبر منظري الاقتصاد على إعادة النظر في القواعد السابقة؛ لأنه وعلى ما يبدو أن رأس المال قد تناول جرعة من محلول الشجاعة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.