من يسأل أي أمريكي؛ سواء أكان إنساناً عامياً أو متخصصاً عن ماهية ما جعل أمريكا أهم قوة في العالم والتاريخ وأكثر بلد له جاذبية عالمية تجعل الهجرة إليه حلماً جذاباً لغالبية الناس في العالم، سيجيب بكلمتين «الحلم الأمريكي»، وهو مصطلح يعني القيم الأمريكية التي تعد كل إنسان بغدٍ أفضل مزدهر يحقق فيه ذاته وكل طموحاته المادية والمعنوية والثراء إنْ عمل بجد واجتهاد ونزاهة، مدعوماً بالمثاليات العليا التي يمثلها النظام الأمريكي والثقافة الأمريكية العامة كالحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية والحقوق الفردية المادية والمعنوية؛ ومنها حق السعادة المذكور بالنص في الدستور الأمريكي. ومعرض إكسبو، الذي فازت السعودية بفرصة استضافته، كان له دور أساسي في تكريس مفهوم الحلم الأمريكي، وكل دولة استضافت هذا المعرض حرصت على أن يجسد ماهية الحلم الواعد الذي تريد أن يصبح ممثلاً لهوية الإنسان في هذا البلد ومحركه للعمل باتجاه تحقيق مستقبل مشرق ودعاية إيجابية جذابة عن هوية البلد بالنسبة للعالم الخارجي، فما هو الحلم السعودي؟ الجواب على هذا السؤال يمثّل بوصلة لماهية تمثيل السعودية في معرض إكسبو، ليس فقط لأجل تمثيل جذاب للسعودية في هذا المعرض يساعد على جذب الاستثمارات الخارجية والكفاءات الأجنبية إنما أيضاً لأجل إلهام وتشجيع المواطن ليخرج من حيز الرغبة في وظيفة حكومية مريحة توفر له دخلاً ثابتاً فقط من دون طموح لما هو أكثر وأفضل مثل مشاريع الأفكار الخلّاقة، وحسب مؤلف موسوعة تاريخ حضارات العالم؛ فما يُحدث النهضة في أي بلدٍ ويحوله من بلد عادي إلى قوة عالمية هو وجود حلم ملهم فيه للإنسان يمنحه دافعية لفعل ما يتجاوز تأمين الاحتياجات الأساسية المادية؛ لأن هذا ما يفتح آفاق الابتكار والاختراع والإنجازات الخلَّاقة التي تحدث طفرات وقفزات حضارية، بينما أبرز علامات تدهور وضع أي بلد أنه لا يوجد فيه حلم واعد بغدٍ أفضل وأسعد، ولذا يصبح مثل المركب الغارق الذي الحلم الوحيد لأهله هو كيفية النجاة منه بالهجرة إلى بلد يمتلك حلماً بغدٍ أفضل حتى أنه يصبح الحلم الواعد للإنسان فيه هو هجرته إلى الخارج؛ كما هو الحال مع الدول التي تعاني من الهجرة غير الشرعية لمواطنيها سعياً وراء الحلم الغربي، مخاطرين بحياتهم وحياة حتى أطفالهم، والنتيجة عشرات آلاف الضحايا سنوياً يموتون بأقسى الطرق في البر والبحر في سبيل الهجرة غير الشرعية. هذه هي قوة جاذبية الحلم بغدٍ أفضل، فهي يمكنها أن تدفع الإنسان للمغامرة والمخاطرة ليس فقط بحيز الراحة الذي لوظيفة الروتين الحكومي إنما للمخاطرة بحياته وحياة أطفاله ومحاولة تحقيق المستحيل، ومواد التمثيل من أفلام ومسلسلات لها دور أساسي في بلورة وتكريس ونشر الحلم العام الملهم؛ كما في المواد التمثيلية الأمريكية أكثر من مواد الدعاية الموجهة المباشرة، لكن للأسف المواد التمثيلية السعودية والعربية -عموماً- لا تزال تركز على مواضيع عيوب الواقع وكوابيسه ولا تتضمن في مواضيعها ما يجسد الحلم الملهم الواعد الجذاب؛ الذي يمنح من يشاهده الإلهام والدافعية لما يتجاوز تأمين الاحتياجات المادية الأساسية، ويمنح المشاهد الأجنبي تصورات إيجابية جذابة عن الواقع في البلد تجعله يتشجع على المغامرة والمخاطرة بالاستثمار فيه والسياحة والانتقال للإقامة فيه، كما حصل مع مواد الترفيه التركية والكورية، فالجاذبية العاطفية والنفسية المتولدة عن مواد الترفيه جذبت إليها السياحة والاستثمارات حتى جعلت الفرد العادي يُقبل على شراء السلع منها عبر الإنترنت عندما لا تتوفر في السوق المحلي، وهذه قوة الجاذبية العاطفية والنفسية التي تحدثها مواد الترفيه التي هي حجر الأساس للقوة الناعمة لأي بلد.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.