تحقيق: عماد الدين خليل
يعدّ فصل الشتاء من الأوقات التي تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في انتشار الفيروسات المعدية، ما يشكل تحدياً صحياً كبيراً للأفراد، وخصوصاً الإنفلونزا التي تهاجم الجهاز المناعي ويزيد انتشارها مع انخفاض درجات الحرارة وتقلبات الطقس، ما يساعد على انتقالها وانتشار العدوى بين الأفراد بكل سهولة، ويتأثر بعوارضها جميع أفراد الأسرة، ما يؤثر سلباً في الصحة العامة ويزيد خطر حدوث مضاعفات خطرة، وتشهد أقسام الطوارئ في المستشفيات سنوياً، خلال الشتاء، زيادة في عدد المرضى الذين يعانون أمراض الجهاز التنفسي، ما يتطلب توعية الأفراد بتلك الأمراض وكيفية التغلب عليها.
«الخليج» التقت عدداً من الأطباء المتخصصين، لفهم المخاطر المرتبطة بالفيروسات المعدية وكيفية التعامل مع الأمراض الموسمية، وطبيعة العلاقة بين التغيرات المناخية على سلوك الفيروسات، لحماية الصحة العامة وضمان سلامة الأفراد، خاصةً الفئات الأكثر عرضة للإصابة.
أكد الأطباء أن الأمراض الموسمية التي تصيب الأفراد تتطلب وعياً وإجراءات وقائية فعالة، حيث تُعد اللقاحات وسيلة رئيسية للتصدي لهذه الفيروسات، وكذلك يُنصح باتباع أساليب حياة صحية لتعزيز المناعة، مثل التغذية المتوازنة والنوم الكافي، محذرين من الشائعات والمعلومات المغلوطة للأمراض الموسمية.
الفيروسات المعدية
تقول الدكتورة ديما إبراهيم، أخصائية الأمراض المعدية في أبوظبي، إن الشتاء من أكثر الفصول التي يتعرض فيها الأفراد للإصابة بالفيروسات المعدية وخصوصاً الإنفلونزا التي تهاجم الجهاز المناعي ويزيد انتشارها مع انخفاض درجات الحرارة وتقلبات الطقس، ما يساعد على انتقالها وانتشار العدوى بين الأفراد بكل سهولة، ويتأثر بعوارضها جميع أفراد الأسرة، وخصوصاً كبار السن والأطفال التي تكون أعراضهم قوية وقد تتسبب لهم في حدوث مضاعفات، حيث تنتشر الفيروسات في فصل الشتاء بكثرة بين طلبة المدارس وتكون أعراضها قوية، لذلك يجب تقوية مناعتهم الطبيعية للتصدي لهذه الفيروسات.
وتوضح أن فيروسات الإنتروفايروس- الراينوفايروس وغيرها كالادينوفايروس والإنفلونزا، أكثر الفيروسات المعدية انتشاراً في فصل الشتاء، فيما توجد أعراض مبكرة تنبهنا بأن الجهاز التنفسي مصاب بأحد فيروسات الشتاء ما يتطلب العلاج السريع لضمان عدم تفاقم الأعراض. وتتمثل الأعراض في سيلان الأنف وألم الحنجرة والصداع وآلام الجسم، وأحياناً تتطور لأعراض، كضيق النفس وألم الصدر وقد تصل حدتها إلى التقيؤ والإسهال، بعض الحالات تكون طفيفة لكن هناك حالات تكون متقدمة قد تسبب التهاب الرئتين ودخول المستشفى وأحياناً الرعاية المركزة لبعض الفئات العمرية الكبيرة.
وتؤكد الدكتورة ديما إبراهيم، أن التوعية بأمراض فصل الشتاء يجب أن تركز بشكل كبير على الأطفال كونهم أكثر اختلاطاً بأقرانهم في المدرسة، وكبار السن الذين يكون جهازهم المناعي غير قوي ويلتقطون العدوى بسرعة، ومرضى الربو ومرضى السرطان والمرضى المتلقين للأعضاء الذين لديهم نقص حاد بالمناعة.
تداول الشائعات
وتحذر من تداول الشائعات قائلة «بشكل عام عند التخوف من أي قضية أو مرض تنتشر كثير من الشائعات والمعلومات المغلوطة التي يتداولها أفراد المجتمع، من إحدى أكثر الشائعات انتشاراً أن التعرض لأجهزة التكييف يتسبب في الإصابة بالإنفلونزا وهذا غير صحيح، لأن المتسبب بها عدوى فيروسية. كما يتردد عبارة «دعوا الأطفال يكتسبون العدوى فيما بينهم لاكتساب مناعة القطيع» وهذه بالطبع عبارة غير صحيحة لأنه قد يلتقط العدوى أحد الأطفال ذو المناعة القليلة أو من أصحاب الأمراض المزمنة الذي قد يصاب بمضاعفات شديدة فالأصح عزل الطفل عن غيره عند الإصابة. ومن ضمن الشائعات، كذلك، عزوف الكثير عن التطعيم بحجة أن اللقاح يضع الفيروسات في الجسم، وهو أمر خطأ بالطبع، لأن الأبحاث والتجارب أثبتت أن اللقاحات الحل الأمثل للوقاية من الأمراض فهي لا تحمي من الإصابة بالفيروس بشكل مطلق، لكنها تقلل مدة وجود الأعراض وتحمي من تطور الحالة ودخول العناية المركزة والمخاطر الصحية الكبرى. نقول إن لقاح الإنفلونزا يجدد سنوياً ويمكن الحصول علية من عمر 6 أشهر وحتى 80 عاماً فهو آمن ومن الضروري أن تحصل عليه الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالالتهابات الحادة في الرئة، فنحن نحمي أنفسنا وأفراد المجتمع».
الجهاز التنفسي
وتوضح الدكتورة إيمان عليوة، أخصائية طب الأسرة، أن الأعراض التي تصيب الأفراد تتشابه إلى حدٍ كبير بين الكوفيد والإنفلونزا أو غيرها من الفيروسات، لأنها تصيب الجهاز التنفسي العلوي، لذلك فإن الفحص وأخذ المسحة يبين نوع الفيروس الذي تسبب في الإصابة يساعدنا في التفريق بين الإصابات ومن ثم كيفية العلاج والأدوية المناسبة. ومعظم الالتهابات التي تحدث في فصل الشتاء يكون سببها الفيروسات، كالإنفلونزا A-B، ونتيجة الاستخدام العشوائي أصبح المضاد غير قادر على علاج بعض أنواع البكتيريا القوية التي تطور من نفسها، لذلك يجب أن يقرر الطبيب الدواء المستخدم، وإن كان هناك ضرورة لاستخدام المضادات الحيوية من عدمها.
وتشير إلى أنه يمكننا تقوية مناعتنا بتناول حصص غذائية متنوعة ومتوازنة تحتوي على نسبة كبيرة من الفيتامينات وجميع الأغذية التي تحتوي بكثرة على فيتامين «سي» كالليمون، وشرب السوائل الكافية للوقاية من الجفاف، والنوم المنتظم والكافي للجسم يساعد على تقوية المناعة الطبيعية.
الزكام والإنفلونزا
وتقول الدكتورة لطيفة المنصوري، أخصائية طب الأسرة، إن أكثر الأمراض الموسمية شيوعاً في هذا الوقت من العام تشمل الزكام والإنفلونزا (الحمى)، والتهابات الجهاز التنفسي، وفي بعض الحالات، تفاقم أعراض الحالات المزمنة مثل الربو والحساسية، وغالباً ما تُسبب هذه الأمراض بتقلب درجات الحرارة وانتشار الفيروسات. لافتة إلى أنه يمكن أن تؤدي التغيرات المناخية، خاصة الانتقال بين المواسم الدافئة والباردة، إلى زيادة انتشار الأمراض الموسمية، فالهواء البارد والجاف يضعف دفاعات الجهاز التنفسي، ما يجعل الناس أكثر عرضة للإصابات، وكذلك، يميل الناس إلى قضاء المزيد من الوقت في الأماكن المغلقة خلال الطقس البارد، ما يمكن أن يزيد خطر انتقال الفيروسات في الأماكن المغلقة. وتؤكد أن الأفراد الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض الموسمية الشائعة «الأطفال وكبار السن، والحوامل وذوو المناعة الضعيفة أو الحالات المزمنة (الربو، والسكري، أو أمراض القلب)، حيث قد لا تستجيب أنظمتهم المناعية بفاعلية للتهديدات الفيروسية، وقد تكون لديهم مضاعفات صحية إضافية تجعل من الصعب التعافي من الأمراض الموسمية الشائعة».
وتضيف «تتداخل أعراض الزكام والإنفلونزا ولكن يمكن تمييزها من حيث الشدة، عادةً ما يسبب الزكام أعراضاً خفيفة مثل سيلان الأنف، والعطس، والتهاب الحلق، في حين أن الإنفلونزا يمكن أن تسبب حمى مرتفعة، وآلاماً في الجسم، وإرهاقاً، وأعراضاً تنفسية أكثر حدة. ويمكن أن تسبب فيروسات أخرى، مثل كوفيد-19، أعراضاً مشابهة ولكن عادةً ما تكون مصحوبة بفقدان حاسة التذوق أو الشم، ويمكن أن تؤدي إلى مضاعفات أكثر خطورة، والاستشارة الطبية والفحوص هي أفضل الطرق لتأكيد التشخيص».
اللقاحات الموسمية
وتابعت: «اللقاحات الموسمية مثل لقاح الإنفلونزا فعالة جداً في تقليل انتشار الإنفلونزا، فهي تساعد في تقليل شدة الأعراض والوقاية من المضاعفات في الفئات عالية المخاطر، ويوصي المجتمع الطبي بالحصول على لقاح الإنفلونزا سنوياً، خاصة للأطفال وكبار السن والذين يعانون حالات صحية أساسية، للمساعدة في بناء المناعة ضد أكثر سلالات الفيروس شيوعاً في ذلك الموسم».
وتشير إلى أنه يمكن أن تؤثر التغيرات المناخية، خاصة تلك التي تؤثر في درجات الحرارة ومستويات الرطوبة، في سلوك الفيروسات، ما يجعلها أكثر قدرة على البقاء أو الانتشار بسهولة، على الرغم من ظهور فيروسات جديدة مع مرور الوقت بسبب عوامل أخرى، إلا أن التغير المناخي قد يسهم في تفاقم الفيروسات الموجودة أو يجعل بعض الأمراض أكثر انتشاراً خلال مواسم معينة.
وتضيف أن المستشفيات تشهد عادةً زيادة في عدد المرضى الذين يعانون أمراض الجهاز التنفسي خلال ذروة المواسم، خاصة في أقسام الطوارئ والعيادات الخارجية، تشمل إدارة هذه الحالات عزل المرضى المصابين بالعدوى لمنع انتشار المرض، وتوفير الأدوية المضادة للفيروسات عند الحاجة.
الأمراض المزمنة
وتقدم الدكتورة مريم شكر، طبيبة عامة، نصائح للذين يعانون أمراضاً مزمنة، مثل الربو أو الحساسية، منها الالتزام بالأدوية الوقائية وتجنب التعرض للمثيرات المعروفة والحصول على اللقاحات الموسمية، وتجنب التعرض للأماكن المزدحمة، وعليهم، كذلك، مراقبة أعراضهم من كثب وطلب المشورة الطبية إذا لاحظوا تفاقم حالتهم.
وتؤكد ضرورة الحفاظ على غسل اليدين بانتظام، والحصول على لقاح الإنفلونزا للوقاية من الأمراض الموسمية، وأهمية تناول الغذاء المتوازن، الغني بالفيتامينات مثل فيتامين C، والنوم الكافي حيث يساعد النظام الغذائي والعادات الصحية في تقوية جهاز المناعة ضد الأمراض الموسمية.
وتقول الدكتورة مريم «هناك زيادة في عدد المرضى، والمستشفيات تعمل على تعزيز فرق الطوارئ وتوفير الأدوية واللقاحات اللازمة».
فيروس RSV
ويقول الدكتور حسين حامد، أخصائي طب الأطفال في أبوظبي، إن هناك فيروسات تصيب الأطفال خاصة في فصل الشتاء، وتتسبب بأمراض مختلفة نتيجة كثرة الجراثيم والبكتيريا والأمراض المعدية التي تنتقل من طفل إلى آخر. وهناك نوعان من الفيروسات تنتشر بشكل أكبر في فصل الشتاء بسبب البرودة والرطوبة وهما «الفيروس المخلوى التنفسي RSV والأنفلونزا».
ويوضح أن الفيروس التنفسي RSV هو التهاب شائع يصيب الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين، على الرغم من أن الفيروسات المختلفة يمكن أن تسبب التهاب القصيبات، فإن الفيروس التنفسي RSV، هو الأكثر شيوعاً، ويسبب مخاطر عند الرضّع، وتشمل أعراض تلك الفيروس «السعال، وسيلان الأنف، والحمى، واحتقان مجرى الهواء العلوي مثل احتقان الأنف والصفير، والتنفس السريع». وعند المواليد الجدد خلال الشهر الأول من العمر، يمكن للفيروس التنفسي أن يتسبب في توقف مؤقت في التنفس.
ويضيف الدكتور حسين حامد، أن الإنفلونزا فيروس تنفسي شديد العدوى، غالباً ما يكون ظهوره مفاجئاً، وهو من أشد الأمراض التي يمكن أن تصيب الأطفال في فصل الشتاء، وتشمل الأعراض «الحمى، العرق الشديد، الرعشة، ألم الرأس والعضلات، السُعال المستمر، ضيق التنفس، احتقان الأنف، ألم في العين، الإرهاق العام، اضطراب في النوم، آلام البطن مع فقدان الشهية».
ويشير إلى أن هناك أعراضاً تشتهر لدى الأطفال بصورة أكبر وهي «القيء والإسهال، وألم الأذن، ونقص في النشاط اليومي». ويمكن أن تظهر أعراض تنذر بالخطر على الطفل خاصةً الأطفال أقل من عامين، أو أولئك الذين يعانون أمراضاً مناعية، ما يجب الإسراع بالذهاب إلى المستشفى عند ظهور هذه الأعراض وهي: «صعوبة التنفس، وتغير لون الشفاه إلى اللون الأزرق، وآلام الصدر، والجفاف، وآلام في الجسم، ونوبات صرع».
ويحدد أخصائي طب الأطفال، 7 طرائق لتعزيز مناعة الأطفال: «تناول الفاكهة والخضراوات الغنية بالفيتامينات والمعادن، والحصول على قدر كاف من الراحة، والحرص على الرضاعة الطبيعية، وتشجع الطفل على ممارسة الرياضة، وغسل اليدين باستمرار، وتجنبه التدخين السلبي، وتجنب إعطائه أي دواء دون استشارة الطبيب».
تقوية المناعة
يؤكد الدكتور هاني الهنداوي، أخصائي طب الأطفال، أن الأمراض الموسمية من أكثر التحديات الصحية التي تواجه الأطفال، خاصة خلال الخريف والشتاء، وفي هذه الفترات، تزداد حالات الزكام والإنفلونزا، ما يؤثر سلباً في صحة الأطفال ونشاطهم اليومي، ومن الضروري أن يدرك أولياء الأمور أن الجهاز المناعي للأطفال ما يزال في طور التطور، ما يجعلهم أكثر عرضة لهذه الأمراض. ويوصي أولياء الأمور بالتأكد من تلقي أطفالهم اللقاحات الموصى بها، مثل الإنفلونزا، الذي يسهم في تقليل مخاطر الإصابة. كما يشدد على أهمية التوجه إلى طبيب الأطفال عند ظهور أي أعراض، مثل السعال المستمر، والحمى، أو صعوبة التنفس، لضمان تقديم العلاج المناسب في الوقت المناسب.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.