دبي: «الخليج»
أخلد الشعر أبسطه، يعيش في الوجدان ويؤثر في الشعور، وتتناقله الألسنة، يخرج من القلب فيصل مباشرة إلى القلب، يكتسب جمالياته من سهولته وعذوبته وقدرته على إثارة المتلقي وتحريك خياله.
وعلى بحر السهل الممتنع، وعبر كلمات قشيبة ومفردات رنانة تأتي قصيدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الجديدة والمعنونة بـ«دمشق»، والعنوان هنا عتبة تخبر القارئ أو السامع بمضمون القصيدة، تثير توقعاته بالأبيات المقبلة وما تتضمنه من معان وأخيلة، والعنوان هنا أيضاً دال بمفرده فهو يؤشر إلى حدث الساعة وما يجري في الشقيقة سوريا من أحداث متلاحقة ومتسارعة.
قصيدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تستهدف القلب، ولذلك يقول سموه في صدر البيت الأول مباشرة: «شعب سوريا له في القلب وجدُ»، يبدأ من الحدث العام، من البلد الذي يعيش الآن ظروفاً خاصة، ويحيا شعبه على أمل في مستقبل أفضل يختلف تماماً عن ما حدث في سنوات طويلة من حرب ودمار وتهجير ومعاناة شهد العالم بأكمله وقائعها، ولذلك بدأ الشاعر قصيدته بحديث القلب والوجد، وهل يحتاج شعب مر بكل هذه المآسي إلا حديث القلب؟ وهو ما يتأكد في عجز البيت: «ودمشق حبها قبل وبعدٌ»، أي أن عشق البلد بأهله يكمن في القلب، يسكنه دائماً، حيث يختفي الزمن أو يتواصل في استمرارية وديمومة لا تعرف الماضي أو الحاضر وأيضاً المستقبل، فالحب دائماً وأبداً لا يؤطر بوقت، والشاعر هنا لا يعبر عن عاطفته تجاه البلد وناسه وحسب، ولكن المسكوت عنه وما يمكن قراءته بين السطور يقول إن علاج ما يحدث الآن، والانخراط في المستقبل بقوة، والنجاح في كافة الصعد يحتاج إلى الحب، حب الجميع للجميع، وحب الجميع للبلد حتى تستقر الأحوال، وتتجاوز سوريا ما تمر به.
فضاءات جمالية
يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هذا الحب في البيت الثاني مباشرة، يقول: «سكنت روحي ودامت سكناً»، والمفردة هنا مختارة بعناية، فلم يقل بقيت أو استقرت، لكنه السكن بكل ما يحيل إليه من فضاءات جمالية ودلالية، فالسكن بقاء وراحة واستقرار، يتناقض تماماً مع التغير والتحول واللحظية والفناء، السكن مفردة جامعة مانعة لما يشعر به سموه تجاه الشقيقة سوريا، وأيضاً مفردة جامعة مانعة لما يأمله لمستقبل البلد، الذي يتطلع الشاعر إلى أن يكون مستقراً ومزدهراً، ولكونه بلداً تعاقبت عليه الحضارات وشهد أمجاداً وبطولات ولأن تاريخه يمتد في الزمان، يكتمل معنى السكن في عجز هذا البيت، يقول سموه «من هواها صنع التاريخ مجدُ»، ولذلك فهي قادرة على استعادة هذا المجد.
في البيت الثالث من القصيدة يفصح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن أمنياته وتطلعاته، وما يرجوه من خير تجاه «سوريا محبوبته»، فيقول: «كل ما نرجوه يحيا أهلها/ في أمان عيشهم خير وسعدُ»، وهو بيت معطوف على البيتين السابقين، يضيف إليهما حباً فوق حب، ويفصل في معنى السكن، والذي يتضمن الحياة السعيدة الخيّرة التي يستعيد من خلالها هذا البلد لحظاته المضيئة، ويتجاوز أزماته العابرة التي مرت به خلال السنوات الأخيرة.
تصاعد
تتصاعد وتيرة الخطاب في القصيدة خلال البيت الرابع، حيث يتجه الشاعر إلى الله، فالأمنيات والتطلعات لا تكتمل إلا بالدعاء، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «حفظ الرحمن أرض الشام من/ فتن ليس لها في الأرض حدُ»، وهو بيت يتجانس مع روح القصيدة المتمثلة في السكن، فالفتن العدو الأول لأي شعب يريد أن يبني بلده، وينهض ليستعيد مقعده المستحق بين أمم وشعوب العالم، وتجنب الفتن يستدعي التوافق بين الجميع وتنحية الأطماع الشخصية والفئوية، والمصالح الآنية والخلافات الفكرية، وأن يتكاتف الجميع على قلب رجل واحد من أجل صون بلادهم، وهي المفردات التي تتقاطع مع ما شدد عليه سموه في الأبيات السابقة من تأكيد على مركزية القلب والحب.
حس إنساني
الإمارات كما عودتنا دائماً بلد المحبة، تمد يد الخير إلى الجميع، خاصة الأشقاء انطلاقاً من حس إنساني زرعه فيها قادتها الكرام، ومن مسؤولية قومية وعروبية تجاه الأشقاء، ولذلك يختم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم القصيدة بالقول: «والإمارات ستبقى سندا/ يدعم الإنسان فيها ويجدُ»، فوطننا الغالي سيكون داعماً لكل أمنيات وطموحات الشعب السوري الشقيق، وهي حقيقة أكدتها القيادة الرشيدة دائماً وأبداً.
قصيدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عذبة، تتلاحق فيها الكلمات فتجذب العين والأذن، وتحاور العقل، وتنفذ إلى الوجدان، وتتنقل بسلاسة من معنى إلى آخر، وتتكامل فيها المعاني، كل معنى يؤدي إلى الآخر، يقويه ويدعمه، بما يدل على تمكن الشاعر من مفرداته ومعانيه والأهم الرسالة التي يريد توصيلها، وهي رسالة مكتوبة بمداد الحب، تنطلق من قلب الشاعر وتنتهي إلى قلب المتلقي، وبين القلبين هناك سكن يستوعب البشر جميعاً، وعلى رأسهم شعب سوريا الشقيقة الذي يسكن قلب محمد بن راشد آل مكتوم.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.