"لا تعلق نفسك بشخص أو مكان أو منظمة، بل تعلق بمهمة أو دعوة أو غاية، بهذه الطريقة ستحافظ على قوتك وسلامك"، كانت هذه حكمة الملياردير "إيلون ماسك".
في حين تبدو هذه الكلمات "عادية للغاية"، لكن ترديدها على لسان أغنى رجل في العالم، يجعلها "حكمة ثمينة" ومحتوى غال للتناول الإعلامي، ولم لا، ما دام قائلها نجح في تحقيق ما لم يستطع عليه أحد أقرانه في العالم، ليقدم نموذج استثنائي من حيث النفوذ المالي والسياسي والإعلامي.
"إيلون ماسك" الذي نجح في تحويل مبلغ 180 مليون دولار، عوائده من بيع شركة "باي بال" في عام 2002 إلى ثروة تتجاوز 400 مليار دولار اليوم، لم تقتصر مكاسبه على الثروة المادية فقط.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
فقبل أسابيع، شهد العالم على نجاح استراتيجيته ورهانه لإعادة تشكيل المشهد السياسي في الولايات المتحدة بفوز الرئيس المنتخب "دونالد ترامب"، في انتصار لسياسات "ماسك" الاقتصادية والاجتماعية.
يأتي ذلك على رأس ثروة طائلة من المال تعادل تقريبًا ضعفي ثروة ثاني أغنى رجل في العالم، وسطوة إعلامية كبيرة يستمدها ليس فقط من كونه رئيسًا لعدد من الشركات المؤثرة، ولكن من أكثر من 200 مليون متابع له على منصة "إكس".
لا يدع "ماسك" شيئًا يعكر صفو حياته أو يهدد معتقداته، فإذا شعر أن الديمقراطية تنحسر وحرية الكلمة مهددة، يمكنه ببساطة شراء منصة تواصل اجتماعي بعشرات المليارات في صفقة مثيرة للجدل.
أو يمكنه حتى إنفاق مئات الملايين لدعم مرشحه المفضل في انتخابات أقوى دولة في العالم، وإذا اختلف مع رفاق الأمس بشأن تقنيات الغد، يمكنه ببساطة تأسيس شركة منافسة لإعادة توجيه التكنولوجيا نحو "الصالح العام".
وبهذا أصبح "ماسك" الشخص الذي "كلما اشتهى اشترى" لمنافسة خصوم وإثبات رجاحة عقله، لكن في عالم يهيمن عليه بالفعل من السياسة إلى الإعلام إلى التكنولوجيا وحتى الصحة والفضاء، إلام يتطلع الرجل الأكثر نفوذًا في العالم؟ .. إلى كرة القدم؟!
هدف الملياردير في الدوري الإنجليزي
- قبل نحو أسبوع، ألمح والد الملياردير، "إيرول ماسك"، في مداخلة مع إذاعة "راديو تايمز" إلى أن رئيس شركة "تسلا" يرغب في الاستحواذ على نادي ليفربول، الذي يمتلك تاريخًا عريقًا على المستويين المحلي والأوروبي.
- "إيرول" كان دبلوماسيًا عند الرد على السؤال لأول مرة، وحاول المراوغة، بقوله إن "الإجابة سترفع سعر النادي"، لكن بعد ضغط من محاورته، ذكر أن "ماسك" يضع ناظريه على ليفربول لكن هذا لا يعني أنه سيشتريه.
- علق والد الملياردير بعد ذلك بالقول، إن الجميع يريد فعل ذلك (شراء ليفربول) لكن ليس لديهم سيولة نقدية كافية، مضيفًا أن أمه (جدة "إيلون") ولدت في ليفربول، وأن لديهم أقارب في المدينة.
- في المقابل، نفت تقارير أن تكون مجموعة "فينواي سبورتس" التي اشترت النادي مقابل 300 مليون إسترليني (367 مليون دولار) في عام 2010، تلقت أي عروض للاستحواذ على ليفربول، متصدر الدوري الإنجليزي.
- لكن إن كان في تاريخ "ماسك" دروس نتعلمها، فهي أن الرفض ليس بالضرورة نهاية المطاف، وإن كانت الرغبة حاضرة لدى "إيلون"، فحتمًا سيواصل طرق الأبواب، علمًا بأن "فينواي" بحثت بالفعل في السابق عن استثمارات خارجية لكنها لم تنظر في البيع بالكامل.
- قبل عامين، قال "جون هنري"، مالك "فينواي سبورتس"، إن النادي ليس للبيع، لكنه ذكر أيضًا أنه لن يمتلك ليفربول إلى الأبد، ولكن لا يوجد ما يشير، في الوقت الحالي، إلى أنه مهتم ببيع النادي.
- أما فيما يتعلق بتوفير السيولة لشراء النادي، فذلك لن يشكل عقبة بالنسبة لرجل جمع أكثر من 40 مليار دولار عبر الائتمان وبيع أسهم "تسلا" لتمويل صفقة الاستحواذ على "إكس".
- إذا كان يريد حقًا شراء ليفربول، فلن يمنعه شيء باستثناء مشجعي النادي نفسه، ثم سيكون عليه فقط إقناع ملاك الفريق بالبيع، وتجاوز الاختبارات والإجراءات التنظيمية.
لماذا ليفربول؟
- يتزايد اهتمام المستثمرين الأجانب والأمريكيين تحديدًا بأندية الكرة في أوروبا، خاصة الدوري الإنجليزي الممتاز، ولم لا وهو دوري كرة القدم الأكثر تحقيقًا للإيرادات بين الدوريات الخمس الكبرى، ويعد الأكثر شعبية وتنافسية.
- بالنسبة لنادي ليفربول، فهو أحد أفضل الفرق الرياضية ربحية في العالم، حيث تقدر "فوربس" أنه حقق دخلًا تشغيليًا قدره 334 مليون دولار خلال الثلاثة أعوام المنتهية في 2023.
- يأتي أيضًا ليفربول في المركز الرابع عالميًا بين أندية كرة القدم الأكثر قيمة، حيث تقدر قيمته بنحو 5.4 مليار دولار، مع إيرادات سنوية تبلغ 720 مليون دولار، كما أنه يمتلك واحدة من أغلى العلامات التجارية في عالم كرة القدم، والتي تبلغ قيمتها 1.45 مليار دولار.
- لكن بعيدًا عن المكاسب المالية، فقيادة واحد من أعرق أندية إنجلترا والعالم قد يكون له تأثير كبير يتجاوز الرياضة، حيث قال "إيرول"، إن استحواذ نجله على ليفربول يوسع نفوذه في المملكة المتحدة ويجعله صاحب مصلحة رئيسي في البلاد.
- من المعلوم أن الخطاب الرياضي والأحداث المرتبطة بكرة القدم عادة ما تصنع فارقًا بالنسبة للسياسيين في المعارك الانتخابية، وكان ذلك ملحوظًا بقوة في الانتخابات العامة الأخيرة التي حقق فيها حزب العمال فوزًا ساحقًا.
- علاوة على ذلك، فنادي ليفربول هو أحد أنجح أندية كرة القدم في العالم بحصوله على 51 لقبًا، بينها 19 لقب دوري إنجليزي، وهو ثاني أكثر الأندية حصولًا عليه بعد مانشستر يونايتد (20 لقبًا)، و6 ألقاب دوري أبطال أوروبا، وهو ثالث أكثر الأندية حصولًا عليه بعد ريال مدريد (15) وميلان (7).
- المدير الفني السابق "يورجن كلوب"، هو قائد طفرة التطوير في النادي وأعاد الألقاب الثمينة الغائبة عن خزانته، لكن عندما أعلن الموسم الماضي رحيله، أثار ذلك مخاوف بشأن انهيار الفريق كما حدث لآخرين غيره، ومع ذلك، يتصدر ليفربول جدولي الترتيب في الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا الآن.
ماذا تعني رغبة ماسك؟
- بعض المواقع والصحف سخرت من رغبة "ماسك" في الدخول إلى عالم كرة القدم، وقال موقع "فوتبول 365" إن الملياردير في أول يوم له كمالك لليفربول سيعيد تسمية ملعبه الشهر "أنفيلد"، واقترح اسم "كيو إيه نان فيلد- QAnonfield"، مع استبدال شعار النادي "طائر الليفر" بـ "شيء آخر مضحك يشبه الكلاب أو الثعالب".
- مع ذلك، إلى جانب السخرية والتعبير عن القلق، فبعض المعلقين يرون أن أكثر ما يلفت الانتباه في سيناريو استحواذ "ماسك" على ليفربول، هو ثروته الهائلة التي تمنحه قدرة هائلة على توفير الأموال، وهو ما أشارت إليه بعض التقارير المتفائلة.
- قال موقع "سبورت بايبل" في محاكاة أجراها، إنه في حال استحواذ "ماسك" على النادي في يناير، فستكون بداية جيدة للملياردير، نظرًا للأداء القوي للفريق، الذي يمكنه الفوز بكأس كاراباو والدوري الإنجليزي هذا العام، مع تحقيق المزيد من الألقاب في العامين القادمين، وإمكانية إنفاق مليار إسترليني على الانتقالات خلال 4 أعوام.
- بالنسبة لـ "ماسك" فقد يعني الاستحواذ على ناد بعراقة ليفربول، اكتساب موطئ قدم في المملكة المتحدة، ونفوذ على طبقة واسعة من الجماهير، وهو ما قد يمثل شوكة في حلق الحكومة البريطانية التي دخلت في سجال مع الملياردير، مؤخرًا، بسبب انتقاده لممارساتها وتعليقه المستمر على الأحداث في البلاد.
- لكن قد تكون هذه الصفقة أكثر أهمية لدى "ماسك"، حيث تجسد (من جديد) رغبته الملحة في الامتلاك، فهو كما يصفه كتاب "إيلون ماسك.. التطور المقيد" لـ "والتر إيزاكسون": "طفل كبير تأثر بنشأته القاسية".
- رغم أنه قال سابقًا إنه أحب مانشستر يونايتد في طفولته، فربما يكون متحمسًا "للريدز" نظرًا للأداء القوي ورغبة الملاك في جذب بعض الاستثمارات، وهذا ربما لا ينطبق على الأندية الكبرى الأخرى التي تبدو أكثر انغلاقًا على مسألة الاستثمار الآن أو أنها انتهت للتو من صفقة ما.
- في مقابلة مع مجلة "بزنس توداي" وصف "إيزاكسون"، "ماسك"، بأنه مهوس بالسيطرة، ورفض بدء مشروعه في الصين لثلاث سنوات، بسبب القيود التشريعية، حيث أراد أن يمتلك مشروعًا يمكنه التحكم فيه.
- الرغبة في السيطرة والتحكم ليست جديدة على "ماسك" حيث سبق واتُهم بذلك مرارًا في تقارير حول كيفية إدارته لأعماله، ومجددًا عندما كشف عن رغبته العام الماضي في رفع حصته التصويتية في "تسلا" إلى 25% من 13%، وهو أمر قال محللون إنه لن يلقى ترحيبًا حارًا بين المستثمرين.
- على أي حال، أثبتت استثمارات مثل "تسلا" و"سبيس إكس" أنها مولدة للربح بشكل جيد، وفقًا لثروة الملياردير الآخذة في التنامي، لكن صفقة مثل "إكس" (تويتر سابقًا) لم تكن كذلك بعد انخفاض قيمة المنصة بنحو 80% منذ استحواذه عليه.
- هذا يرسخ للاعتقاد بأن الهدف من الصفقة لم يكن استثماريًا، وإنما لرغبة "ماسك" في التملك أو الحصول على منصة لا تعارض أفكاره، خاصة بعدما دعا إدارة "تويتر" في السابق إلى ضمان المزيد من "حرية التعبير".
- على أي حال، سيقول المال الكلمة الأخيرة في الأمر، وإن كانت التقارير الحالية لا تؤكد بدرجة كافية رغبة "ماسك" في الاستحواذ على النادي، بما في ذلك تصريحات والده، الذي لا يبدو أنهما على وفاق أغلب الوقت.
- لكن تخيل أن يكون مشجع فريقك المفضل هو أغنى رجل في العالم، والذي يمتلك منصة للتواصل الاجتماعي، يتابعه عليها 200 مليون شخص، ليحذرهم ليل نهار من مؤامرات التحكيم ويهاجم مسؤولي الاتحادات، ألا تعاني كرة القدم ما يكفي من المؤامرات بالفعل؟ أم يضيف ذلك لحس المتعة والتشويق الذي تتميز به شيئاً جديداً؟
المصادر: أرقام- إنفستوبيديا- إنك- بنك ريت- بلومبرج- راديو تايمز- ذا صن- سكاي سبورت- فوربس- موقع ليفربول- وول ستريت جورنال- فوتبول 365- بزنس توداي- ماركت ووتش- سي إن إن- بي بي سي- فورتشن
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.