بدأت إندونيسيا توزيع وجبات مجانية على طلاب المدارس في برنامج يستهدف 83 مليون طالب في أكثر من 400 ألف مدرسة، ومن المتوقع أن تصل تكلفته إلى 28 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2029، وفي حال تم تنفيذه بالكامل، فسيكون أحد أكبر برامج الوجبات المجانية في العالم.
ويحقق برنامج الوجبات الغذائية المجانية وعدًا انتخابيًا للرئيس "برابوو سوبيانتو" الذي أوضح أنه يهدف لمكافحة التقزم -أي ضعف النمو والتطور لدى الأطفال بسبب سوء التغذية- الذي يصيب 21.5% من الأطفال الإندونيسيين الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، كما أنه من شأنه زيادة دخل المزارعين.
ورغم أن البرنامج يشكل ضغطًا على موارد الحكومة الإندونيسية، إلا أن "سوبيانتو" أشاد به باعتباره حلاً لتحسين تغذية الأطفال وتعزيز الاقتصادات المحلية، ويأمل أن يكون له تأثير متسلسل على النمو الاقتصادي والتنمية في رابع أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم.
وفي خطاب تنصيبه في أكتوبر، قال "سوبيانتو" أن العديد من الأطفال يعانون سوء التغذية، وأن وعده بتوفير وجبات الغذاء المدرسية المجانية والحليب للطلاب هو جزء من استراتيجية طويلة المدى لتطوير الموارد البشرية في البلاد لتحقيق جيل إندونيسيا الذهبي بحلول عام 2045.
لكن آثار ذلك البرنامج انتقادات من المستثمرين والمحللين بشأن حجم لوجستياته، والعبء الذي يشكله على مالية الدولة والاقتصاد، وذكر "نيلول هدى" الباحث بمركز الدراسات الاقتصادية والقانونية إن مالية الدولة ليست قوية بما يكفي لدعم البرنامج، وهذا سيؤدي إلى ديون وطنية إضافية.
كما حذر من أن ذلك قد يؤدي أيضًا إلى المزيد من الضعف لميزان المدفوعات الخارجي للبلاد، والتي تعد بالفعل مستوردًا رئيسيًا للأرز والقمح وفول الصويا ولحوم البقر ومنتجات الألبان.
الغذاء المجاني لدعم التعلم
ظل التقزم مشكلة في إندونيسيا -التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 282 مليون نسمة، وصاحبة أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا- على مدار عقود من الزمن، لكن تُظهر بيانات حكومية أن معدل انتشاره تراجع من 37% في 2013 إلى 21.5% في 2023، ورغم ذلك لا يزال يمثل مشكلة لها تأثير طويل المدى.
وربما ساهم سوء التغذية في ضعف الأداء التعليمي في المدارس الابتدائية، على سبيل المثال في عام 2022 سجل الطلاب في إندونيسيا نتائج أسوأ بكثير من متوسطات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الرياضيات والقراءة والعلوم.
وقال "سوبيانتو": الكثير من إخواننا وأخواتنا يعيشون تحت خط الفقر، والكثير من أطفالنا يذهبون إلى المدرسة دون تناول وجبة إفطار، وليس لديهم ملابس للمدرسة.
وعلى الرغم من أن البرنامج قد يكلف الدولة ما يزيد على 450 تريليون روبية (28 مليار دولار) بحلول نهاية ولاية "سوبيانتو" في عام 2029، بما يشمل إنشاء المطابخ وغيرها من تكاليف التشغيل، لكنه قال إن فريقه أجرى الحسابات اللازمة لتشغيل مثل هذا البرنامج، و"نحن قادرون".
استثمار في رأس المال البشري
في حين، قال "دادان هندايانا" رئيس الوكالة الوطنية للتغذية -التي تم تشكيلها حديثًا للإشراف على البرنامج- إن هدف الحكومة هو الوصول إلى 19.5 مليون طفل في المدارس والنساء الحوامل في 2025 بميزانية 71 تريليون روبية (4.3 مليار دولار).
وأضاف "هندايانا" أن الأموال ستشتري ما يقدر بحوالي 6.7 مليون طن من الأرز، و1.2 مليون طن من الدجاج، و500 ألف طن من لحوم البقر، ومليون طن من الأسماك والخضراوات والفواكه، و4 مليارات لتر من الحليب.
وأوضح قائلاً: سنرسل فريقًا إلى كل مدرسة لتسهيل توزيع الوجبات على الطلاب يوميًا، مضيفًا أن البرنامج سيوفر وجبة واحدة يوميًا لكل طالب من مرحلة الطفولة إلى المدرسة الثانوية، ويغطي ثلث الاحتياجات اليومية من السعرات الحرارية للأطفال، مع توفير الحكومة للوجبات مجانًا للمستفيدين.
ويرى "هندايانا" أن البرنامج بمثابة استثمار طويل المدى في رأس المال البشري، وأوضح أن الأطفال الذين لم يتناولون وجبات متوازنة من قبل سيتمتعون بهذه الوجبات مرة واحدة على الأقل في اليوم، وهو ما سيؤثر على نموهم.
كما أوضح أن البرنامج سيعزز الإنتاجية في جميع أنحاء إندونيسيا مع زيادة الحكومة لمصادر المنتجات الغذائية، ويمكن أن يساعد في تحقيق مستهدف الرئيس الطموح لتعزيز النمو السنوي من 5% إلى 8%.
وأوضح إن الحكومة يمكن أن تستعين بالشرطة والجيش والمنظمات غير الحكومية للمساعدة في توريد الغذاء وتوزيعه في بعض الجزر النائية.
وتخطط الدولة لإنشاء ما يقرب من 30 ألف مطبخ، يخدم كل منها حوالي 3 آلاف طالب، عندما يصل البرنامج إلى نطاقه الكامل، وتقدر تكلفة البرنامج عند حوالي 71 تريليون روبية (4.39 مليار دولار) في مرحلته الأولى هذا العام، مع توفير وجبات لخمسة عشر مليون شخص.
وأشار "ديك برايودي" المتحدث باسم مكتب الرئيس إلى إن عدد المستفيدين من الوجبات سيتوسع تدريجيًا إلى 3 ملايين بحلول مارس، ويزيد لأكثر من ذلك على مدار العام، وأشار إلى أنه سيتم تقديم الحليب ولكن ليس كل يوم، واستوردت إندونيسيا بالفعل أبقارًا من أستراليا لتعزيز إنتاج الحليب.
تنفيذ فعلي
قبل الفجر في مرتفعات غرب جاوة، يعمل العشرات في إحدى المطابخ بجد لإعداد وجبات مجانية لأكثر من 3 آلاف تلميذ في بلدة وارونغكيارا الإندونيسية التي يبلغ عدد سكانها 66 ألف نسمة.
وفي تمام الساعة الثالثة صباحًا، يصل الموظفون إلى المطبخ لتقطيع وطهي مئات الكيلوجرامات من الخضراوات والأرز والبيض والفاكهة، وعندما يبدأ الأطفال في التوجه للمدارس في السابعة صباحًا يكون المطبخ جاهزًا لبدء توزيع الطعام، ويعد هذا مشروعًا تجريبيًا، وسيتم إطلاق الآلاف مثله في جميع أنحاء البلاد.
وبالفعل حمل الموظفون في مدرسة ابتدائية في غرب جاكرتا صواني الطعام التي تضم الأرز والدجاج والفاصوليا والبرتقال إلى الفصل ليتناولها الطلاب.
وذكرت "هانا يوهانا" وهي أم لطفل في الصف الأول إنها تأمل استمرار البرنامج لأنه يجعل روتينها الصباحي أسهل، قائلة: كنا نعمل بجد عادة لإعداد الطعام كل صباح، والآن لم نعد نفعل ذلك.
وأشار رئيس إحدى المدارس الابتدائية إن بعض الطلاب أخذوا جزءًا من الوجبات المجانية إلى المنزل لمشاركتها مع الأشقاء أو والديهم، ومعظمهم من المزارعين.
الفوائد لا تقتصر على قطاع التعليم
ذكر "باهمي إدريس" مدير المطبخ إن المشروع التجريبي أضاف فرص عمل محلية وعزز الدخل للموظفين الذين كانوا في السابق من ربات البيوت أو العاطلين عن العمل أو من العاملين في القطاع غير الرسمية.
وأضاف أن كافة المنتجات يتم الحصول عليها من المزارعين والموردين المحليين، موضحًا أن السكان المحليون الذين لم يكن لديهم دخل في السابق يعملون الآن هنا.
وأن المزارعين والباعة الجائلين وتجار التجزئة الصغار في المدينة تضاعف دخلهم، كما أن أعمال المزارعين يتوسعون لتلبية طلبات المطبخ.
لكن ورغم تعدد فوائد البرنامج إلا أنه لا يزال يتعين على إندونيسيا تجنب المشكلات التي شهدتها الهند -التي تدير أكبر برنامج للوجبات المجانية في العالم- والذي يخدم 118 مليون طالب.
المصادر: رويترز – أسوشيتيد برس – فاينانشال تايمز.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.