تزايد الحديث مؤخرًا من قبل بعض نجوم عالم كرة القدم عن الإرهاق الشديد الذي يواجهونه مع ازدحام جداول المباريات مع الأندية والمنتخبات، ما له تأثير كبير على رفاهيتهم وأدائهم، وآفاقهم المهنية.

يشهد النظام الجديد لدوري أبطال أوروبا زيادة إجمالي عدد المباريات من 125 إلى 189 مبارة، وهو ما يعني أن كل فريق سيلعب ثماني مباريات على الأقل في الدور الأول بدلاً من ست مباريات فقط في السابق، وبحد أقصى محتمل 17 مباراة، كما سيزيد كأس العالم للأندية عدد المبارايات التي يتعين على اللاعبين خوضها.

وبالتالي المزيد من الضغوط على اللاعبين والإرهاق، ما سيؤدي لزيادة الإصابات والتغيب عن المباريات أو الضغط على البدلاء، على سبيل المثال، تشير بيانات إلى ارتفاع بنسبة 11% في إصابات اللاعبين في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال موسم 2023-2024 مقارنة بالموسم السابق.

وذلك بتكلفة قدرها 266 مليون إسترليني (335.5 مليون دولار) على أندية الدوري الإنجليزي الممتاز إضافة إلى رواتب اللاعبين الذين لم يتمكنوا من المشاركة.

اعتراضات اللاعبين

حذر "رودري" لاعب "مانشستر سيتي" والمنتخب الإسباني في سبتمبر من إضراب اللاعبين بسبب الإرهاق، وذلك بعدما لعب إجمالي 58 مباراة مع ناديه والمنتخب الوطني في الموسم الماضي.

للاطلاع على المزيد من المواضيع الرياضية

وصرح "رودري" قائلاً: أعتقد أننا قريبون من ذلك، وأن هذا هو الرأي العام بين اللاعبين وإذا استمر الأمر على هذا النحو، فستكون هناك لحظة لا يكون لدينا فيها خيار آخر.

وقدم "رافائيل فاران" قلب الدفاع الفرنسي في الصيف الماضي تصريحًا مشابهًا عندما كان يلعب مع فريق "مانشستر يونايتد" قائلاً: لقد شاركنا مخاوفنا لسنوات عديدة من عدد المباريات، والجدول المزدحم، ما يشكل خطرًا على الصحة البدنية والعقلية للاعبين.

وذكر "داني كارفاخال" مدافع "ريال مدريد": من المستحيل أن تكون بكامل طاقتك في 72 مباراة أو أكثر، أعتقد أن الهيئات المختصة يجب أن تحلل هذا لأنه مستحيل عمليًا.

ويظهر هنا التساؤل هل هؤلاء اللاعبون على حق؟ وهل عدد المباريات أعلى بالفعل من السنوات السابقة؟

بالنسبة لـ  "رودري" -الذي بلغ من العمر 28 عامًا في يونيو- فقد لعب 178 مباراة للنادي والمنتخب في آخر ثلاثة مواسم كاملة، بما يشمل 72 مباراة  في موسم 2021/2020  فقط.
 

وأضاف "رودري" مؤخرًا قائلاً: من تجربتي، فإن عدد المباريات التي يمكن للاعب أن يؤدي فيها بأعلى مستوى يتراوح بين 40 و50 مباراة، وبعد ذلك ينخفض مستواه لأنه من المستحيل الحفاظ على المستوى البدني.

وقدم "ترانسفير ماركت" نظرة -في بيانات يعود تاريخها لعام 2000- على اللاعبين الذين شاركوا في أكثر عدد من المباريات (مسابقات الأندية والمنتخب) في سن الثمانية والعشرين عامًا أو عندما كانوا في ذلك العمر.

تقرير يؤكد مخاوف اللاعبين

أصدرت نقابة "فيفبرو" -التي تمثل 65 ألف لاعب كرة قدم محترف حول العالم- تقريرًا في سبتمبر لمراقبة عبء عمل اللاعبين الرجال على مستوى العالم خلال موسم 2023/24.

وأكد التقرير المخاوف التي عبر عنها لاعبو كرة القدم بما يشمل "رودوري" بشأن تقويم المباريات المزدحم ونقص الرعاية باللاعبين من قبل الهيئات المنظمة للرياضة.

وأشار التقرير إلى أن الخبراء يعتقدون أن المشاركة فيما يتراوح بين 25 إلى 39 مباراة على مدار الموسم يعتبر عبء عمل "معتدلًا"، وأن اللاعبين لا ينبغي أن يشاركوا في أكثر من 55 مباراة.

ووجدت الأداة التي تراقب 1500 لاعب حول العالم، أن 54% من اللاعبين واجهوا إما عبئًا مفرطًا أو عاليًا خلال موسم 2023/24، وشارك 31% من اللاعبين في أكثر من 55 مباراة.

بينما يحصل بعض اللاعبين على أقل من يوم كامل تقريبًا من الراحة أسبوعيًا، وهو ما يتعارض مع معايير الصحة والسلامة الدولية.

وقطع بعض اللاعبين مثل "كريستيان روميرو" أكثر من 162 ألف كيلومتر في السفر المهني فقط خلال موسم 2023/24، بما في ذلك العديد من الرحلات عبر مناطق زمنية متعددة، ما يسلط الضوء على متطلبات المسابقات الدولية التي غالبًا ما يتجاهلها المنظمون.

عبء كبير بمقابل مادي مُجزٍ

من المتوقع وصول عدد المباريات الفعلية للاعبين في موسمي 2024/25، و2025/26 إلى مستويات جديدة مع ما يقرب من 80 مباراة أو أكثر في الموسم لبعض اللاعبين مثل "فيل فودين" لاعب "مانشستر سيتي" ومنتخب إنجلترا.

ذكر "ستيفان بورشكالتر" الأمين العام بالإنابة لـ "فيفبرو": نطالب الهيئات المنظمة لكرة القدم بالتدخل العاجل ووضع لوائح وإجراءات جماعية لحماية رفاهية اللاعبين.

وأضاف: نحن بحاجة إلى ضمانات للاعبين للحد من سفرهم وضمان توفير فترات راحة والتعافي الكامل حتى يتمكنوا من الوصول إلى أفضل أداء.

قد يرى البعض -وخاصة من يمارسون وظائف صعبة مقابل رواتب ضعيفة- أن عبء العمل الذي يتحمله لاعبو كرة القدم حول العالم منطقي لأنهم يتقاضون أجورًا عالية للغاية، لكن ليس كل الأمور تتعلق بالمال فقط.

من الضروري ملاحظة الضغوط الجسدية التي يتعرض لها هؤلاء اللاعبون، وبالتالي يمكن مراعاة آثار السفر وخاصة في المناطق الزمنية المختلفة والإرهاق الذهني من أجل حماية صحة أجسادهم وتقليل خطر الإصابات.

وذلك لأن العمل على تحسين رفاهية اللاعبين لن يسفر فقط عن زيادة مستويات الأداء وطول عمر مشاركة اللاعبين، بل من المرجح أيضًا أن يحسن جودة ومدى تنافسية البطولات الكبرى.

المصادر: ترانسفير ماركت – ذا كونفرزيشن – فيفبرو