كلنا يعرف أن اضطراب طيف التوحد يعد أكثر الاضطرابات الإنمائية انتشاراً، وتشهد الإحصاءات المتعلقة بمعدل اضطراب طيف التوحد ارتفاعاً ملحوظاً في العقود الأخيرة، حيث أشار تقرير نشرته الجمعية الأمريكية للتوحد إلى أن هناك 1% من سكان العالم لديهم اضطرابات طيف التوحد، وفي المقابل تمثل الأنشطة والفعاليات التي يتم تنظيمها كل سنة وسيلة فعالة لنشر المعلومات التي من شأنها زيادة وعي المجتمع حول اضطراب طيف التوحد عند كل الفئات العمرية.
هذا مع التأكيد بأن تمضية أوقات كثيرة في عوالم خيالية تؤثر على السلوك والتفاعل الاجتماعي، ولكنها لا تسبب مرض طيف التوحد، إنما تكون سبباً للإصابة بـ التوحد الافتراضي، وهو موضوع تقريرنا اليوم، فدعونا نتعرف إلى معناه وأسبابه وطرق التعامل معه، والفرق بينه وبين طيف التوحد.
الحوار مع الدكتورة وسام وسيم حمزة، استشاري العلاقات الأسرية وتعديل السلوك، والمحاضرة المعتمدة بمؤسسة "ترجمان العرب" للمناقشة والتوضيح.
ما هو التوحد الافتراضي؟
تشهد مجتمعاتنا وبخطى متسرعة غزواً ترفيهياً عبر الوسائل المرئية؛ كالتلفزيونات والشاشات والأجهزة المحمولة الذكية، وما تضم من ألعاب تأسر العقل وتسرق الوقت.
ما دفع كثيراً من الآباء ليقفوا متسائلين عن التأثيرات النفسية والسلوكية لهذه الأجهزة الإلكترونية، ومن بعدها أصبحت هناك مناقشات علمية في المحافل والمؤتمرات، ومن أجل ذلك تُجرى أبحاث ودراسات عالمية.
أظهرت بعض الدراسات أن تزايد عدد الساعات التي يقضيها الطفل تحديداً في هذه العوالم الافتراضية، بأنواعها، تؤثر على سلوكه الاجتماعي، وقدرته على التفاعل والتواصل مع الآخرين.
ومن نتائج هذا ظهور أعراض مثل ضعف القدرة على قراءة المشاعر، وتكوين الصداقات عند الأطفال والمراهقين، وهو ما يتماثل مع نمط أعراض اضطراب طيف التوحد.
وقد يتطور في المستقبل إلى اضطراب ضعف القدرة على إدراك الكذب في الحديث، أو ضعف القدرة على تقبل الاختلاف في وجهات النظر، والتعبير عن وجهة النظر بطريقة وكلمات غير لائقة.
كما خلصت الدراسات إلى أن الاستخدام المفرط للأجهزة اللوحية، هو ما يسمى بالتوحد الافتراضي.
طالعي التفاصيل بالتقرير التالي: الذكاء الاصطناعي في مجال علاج التوحّد
توصيات طبية لاستخدام الأطفال الأجهزة الإلكترونية
- تحت سن السنتين، لا يسمح للطفل باستخدام الهواتف والأجهزة الذكية أو الأجهزة اللوحية أو مشاهدة التلفزيون، لما لذلك من أثر سلبي شديد على نموه اللغوي والاجتماعي والسلوكي.
- من عمر السنتين حتى عمر خمس سنوات (2 - 5 سنوات) يسمح لهم فقط بساعة واحدة يومياً، وللأطفال الذين تزيد أعمارهم على ست سنوات، فيكون للأهل الحرية في اختيار الفترة الزمنية المسموح بها، ولكن يجب الحذر من المحتوى المقدم.
الفرق بين التوحد الافتراضي وطيف التوحد
وهنا تؤكد الدكتورة وسام وسيم أن:
طيف التوحد: لا يختلف عن التوحد الافتراضي، إلا من ناحية القوة والحدة؛ فطيف التوحد درجة عالية في وجود الخلل الذي يمنع المصاب من التواصل مع العالم الخارجي.
التوحد الافتراضي: هو درجة أقل من درجات الاضطراب والتوحد، ومن الممكن أن يكون المصاب يحمل عرضاً أو اثنين فقط من أعراضه.
طيف التوحد: اضطراب عصبي نمائي حاد يستمر طوال الحياة، وينشأ عن جذور وراثية وعصبية.
التوحد الافتراضي: ينشأ عن عوامل بيئية، خاصة الوقت المفرط أمام الشاشات، ويمكن القضاء عليه بالتدخل في الوقت المناسب.
أسباب التوحد الافتراضي
التطور الكبير في عالم التكنولوجيا، وظهور العديد من الأجهزة الإلكترونية الحديثة، والتي أصبحت في متناول يد الأطفال في أي مكان وزمان، أدى إلى نشوء علاقة وثيقة بين الطفل وجهازه الإلكتروني، ومشاهدة الطفل المُفرطة لبرامج التلفزيون أو أي شكل من الأشكال الأخرى للواقع الافتراضي، يُظهر لدى الطفل سلوكيات وأعراض مشابهة لاضطراب طيف التوحد.
الطفل يتلقى المعلومات بشكل جيد أمام الشاشة الإلكترونية، ولكن من دون أن يحدث لديه أي تطور لغوي أو اجتماعي يسعفه بالاستيعاب، وهذا يبدأ مع بداية أول عامين من عمر الطفل؛ حيث يكون لديه استعداد للتفاعل بالإرسال والاستقبال، كما أن الاستسلام والاستخدام المُفرط للشاشات يؤدي إلى ضعف المهارات الاجتماعية لدى الطفل، وتطور غير ملائم للنظام العصبي لديه.
الأكاديميات التعليمية الحالية مواكبة لكل أساليب التعليم الحديثة من تنمية المهارات لدى الطفل، ووضع المناهج الخاصة بصعوبات التعلم، وفرط الحركة وتشتت الانتباه واتباع فلسفة مونتيسوري في التعليم، بجانب الالتزام بمنهج خاص لتنمية مهارات التفاعل الاجتماعي، وتوفير تقنيات تعليمية مختلفة في المجالين الأكاديمي والفني، إضافة للأنشطة البدنية وتطوير المهارات.
أساليب مواجهة طيف التوحد والتوحد الافتراضي:
وتستكمل الدكتورة وسام وسيم حوارها قائلة: "مازلنا نواجه العديد من المشكلات ومحاولة إزالة الغموض لدى الأكاديميات التعليمية؛ فيما يتعلق بالفرق بين الحرمان البيئي، واضطراب طيف التوحد، فالحرمان البيئي هو الذي يتمثل في الحرمان العاطفي والحسي واللغوي والسمعي والحركي.
بينما الانجذاب للشاشات يعايش مراحل نمو الطفل الارتقائي، بشكل مغاير للحياة التي يجب أن يتطور فيها نظامه العصبي، خاصة في المراحل الأولى من عمره، والتي تتمثل في السنوات الثلاث الأولى، لذا على المتخصصين البحث في هذا الموضوع والدقة في التشخيص مبكراً، وتحديد السلوكيات والمحكات التشخيصية، التي تتشابه مع اضطراب طيف التوحد لتحديد نوع الاضطراب.
وإذا تم التوصل إلى التشخيص الدقيق ووُجد أنه "التوحد الافتراضي"، فيجب التدخل عن طريق إستراتيجية العلاج البيئي، ويقوم هذا النوع من العلاج بالتركيز على الجانب الاجتماعي، مع التشجيع والتعلم والتدريب على عقد وإقامة علاقات شخصية متبادلة مع الوسط الاجتماعي المحيط بالطفل.
كل هذا بهدف تنمية مهارات التواصل الناجح لديه، مع خلق التعاون والمشاركة مع البيئة المحيطة داخلياً، والتي تتمثل في الأسرة، وخارجياً تتمثل في البيئة التعليمية، ولا يمكن تحقيق كل تلك الأهداف إلا بالتعاون بين المُعالج النفسي والمجتمع المحيط، وتعتبر طريقة التدريب على المهارات الاجتماعية، والتدبير السلوكي من أهم إستراتيجيات المعالجة المستعملة مع هؤلاء الأطفال.
والحديث مدعم بالأرقام؛ حيث أشارت الدراسات إلى أن معدل الإصابة بطيف التوحد في عام 1975 كانت طفلاً واحداً من كل 5000 طفل، في حين ارتفعت المعدلات في عام 2005 إلى حد تشخيص حالة واحدة من كل 500 طفل، إلى أن وصلت المعدلات إلى حالة واحدة من كل 68 طفلاً!
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سيدتى ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سيدتى ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.