تعز – محمد عبدالله:
أثارت حادثة انتحار طالب بجامعة صنعاء، فيضا من التعاطف على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب طلاب في الجامعة، فقد أقدم الشاب فيصل فهد دبوان المخلافي، على الانتحار شنقًا بحبل على شجرة في فناء كلية الهندسة بجامعة صنعاء أمس الإثنين، ونُقلت جثته إلى مستشفى الكويت القريب من الجامعة.
وأفادوا “المشاهد”، أن “المخلافي كان واحد من الطلاب الأذكياء والمتميزين، وكان يمر بظروف صعبة”.
وكان الطالب يدرس في كلية الهندسة قبل أن ينتقل لكلية الإعلام.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن “إدارة كلية الهندسة رفضت إعطاء الطالب ملفه لينتقل إلى قسم الإعلام، وتم اختباره في مبنى الكلية ورقيًا ولم يسمح له الاختبار بالأتمتة كبقية الطلاب”.
لم يُصدر بعد أي تعليق من جامعة صنعاء حول الأمر، في حين لم تُصدر السلطات الأمنية في صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي أي توضيح حول ملابسات انتحار الطالب. لكن ناشطون قالوا إن “سبب الانتحار يعود لوضعه المعيشي الصعب”.
واستحوذت قصة فيصل على اهتمام الناشطين والصحفيين اليمنيين وأثارت تعاطفًا وحزنًا واسعًا، وتداولوا رسالة للطالب كتبها قبل انتحاره يشرح فيها وضع أسرته المعيشي.
الإعلامي هشام الزيادي، وصف قصة فيصل بأنها “مؤلمة جداً، والمؤلم أكثر عندما تقرأ منشوراته السابقة”.
وقال في تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك “حزين على فهد وألف فهد، وجد نفسه موهوباً في بيئة قاتلة، فأصبحت موهبته تلتهمه من الداخل، كطاقة كبيرة لم تجد مجالاً للخروج، وتتحرر من ضيق الجسد”.
وقال الصحفي علي جعبور على صفحته بالفيسبوك: “كان يعاني ويتمزق من الداخل بصمت، كل منشورات فيصل توضح مدى الحالة النفسية الحرجة التي وصل إليها”.
وأضاف “الاكتئاب والقلق والضيق والحزن الدائم والحساسية المفرطة قادته إلى الانتحار رغم إيمانه وتعلقه بالقرآن، لكن كما يبدو كان الأمر أكبر من طاقته وقدرته على الاحتمال”.
بدوره الصحفي أحمد الولي، غرّد على حسابه في تويتر، فقال “وداعًا فيصل المخلافي الشاب الحالم الذي انتحر في جامعة صنعاء. حزين من أجلك، شيء ما انكسر في داخلي”.
واعتبر أن الأشخاص الذين يقدمون على الانتحار بأنهم “ضحايا، ضحايا لهذه الجماعات الفاشية، “وللنُخب” التافهة، ضحايا سقوط الوطن”، حد قوله.
وعلّقت الباحثة في مركز صنعاء للدراسات ميساء شجاع الدين، على الحادثة بالقول “كان قلبه عليل، طالب جامعي في السنة الثانية، عاش قرابة نصف عمره يشهد حربا قاسية في بلد لا مستقبل فيها لشاب يطمح بالتعليم ويهوى الكتابة لا القتال، ظل يبحث عن جدوى للحياة في مكان كهذا حتى انتحر”.
أما الكاتب جمال حسن، فقال “عاش وحيدًا مثقلًا بالكآبة، وأختار الموت وحيدا، فعلها بنفسه جاعلا موته صورة شعرية، ليس ذلك مديحًا للانتحار لأن البعض يفعل ذلك”.
وأضاف في تغريدة عبر تويتر “ها نحن جميعًا نعرفه ثم نبكي لأجله كان وحيدا مثل “السفينة التي ابتلعت البحر لتنجو من الغرق”.
أما الصحفية فكرية شحرة، فعارضت منتقدي الشخص المنتحر، وقالت “أي شخص يجرم وينتقد المنتحر هو شخص حقير”، حد وصفها.
وقالت “لا أحد يدري أين وصل عذاب الروح بالشخص الذي ينتحر إلى أي مدى صار الموت علاجًا وحلًا لأوجاع لا تحصى”.
واعتبرت المنتحر بأنه “ليس قاتلًا بل شهيدًا قاتل الحياة كثيرًا لكنها أردته قتيلًا”، حسب تعبيرها.
تفكير بالانتحار
واستذكر صحفيين يمنيين قصصهم مع الاكتئاب وتفكيرهم أكثر من مرة بالانتحار.
وقال فخر العزب: “تصفحت صفحة المرحوم فيصل فهد المخلافي، كان كثير الكلام عن الموت، وهذا دليل أنه كان يعاني من اكتئاب حاد”.
وأضاف “شخصيا أعاني من الاكتئاب وأتعالج له منذ حوالي عامين، وأنصح كل من يعاني من الاكتئاب أن يذهب للطبيب، ويجب على كل من مر أو يمر بالاكتئاب أن يكتب عن تجربته لنعمم ثقافة أن المرض النفسي يشبه بقية الأمراض التي تستدعي الذهاب للطبيب”.
أما طه صالح، فأفاد أنه مر بذات الحالة التي عاشها فيصل أكثر من مرة.
وقال في تدوينة عبر فيسبوك: “كم مره فكرت بالانتحار. لكن في كل مره كنت أخرج منها منتصر على تفكيري”.
وأضاف “نصيحة لكل حد يمر بمرحلة ضعف ويفكر بالانتحار، لا تستلم لها ولا تضعف قاوم واهرب منها صيح وكسر وحاول تفرغ ما بداخلك”.
وحذّر الباحث والأكاديمي فؤاد البعداني، من الاستسلام لمرض الاكتئاب والوقوع في دائرة الانهزام، والرضوخ لليأس وفقدان الأمل.
وقال “مهما كانت المُحبطات من حولك والعوائق التي تواجهك والهموم التي تجتاحك؛ قاوم وامض في طريقك، واستعن بالله تعالى وزد منه قُربًا ولا تلتفت خلفك ولا تتوقف في سعيك؛ حتى تصل وتحقق ذاتك”.
“إلى متى؟”
الكاتب الصحفي مصطفى راجح، قال إن فيصل ” وضع حداً لحياته في مشهد عام داخل جامعة صنعاء ليكون رسالة لكل الناس في هذه البلاد. هذا اليأس ينشر مرارته في كل حلق”.
وأضاف “لا مجال لإلقاء المواعظ. هو شاب وصل إلى منتهى قدرته على الإحتمال وأرسل شهقته الأخيرة للجميع…”.
ووفق راجح فإن انتحار فيصل “رسالة مخيفة. رسالة جيل كامل أفقه مسدود”.
ولفت إلى أن “السؤال ليس هل تتفق مع قراره أم نختلف (…) السؤال يضع نفسه أمام كل من يشارك في استباحة اليمن وسد أفقها: إلى متى؟”.
تزايد حالات الانتحار
تأتي حادثة الطالب فيصل، بعد أسبوع على انتحار الطالب زكريا السعيدي في محافظة المحويت، والذي أقدم على شنق نفسه، بعد رفضت جماعة الحوثي قبول عودته إلى المدرسة التي طرد منها، بسبب عدم تسديده ما يسمى بالاشتراك الشهري، والمقدر بنحو 2000 ريال، وفق ناشطون.
ولا توجد إحصائية رسمية حديثة حول أعداد ضحايا الانتحار في اليمن التي تزايد خلال الأعوام الستة الأخيرة.
واحتل اليمن المرتبة الرابعة عربيا عام 2014 بنسبة 3.7 حالة انتحار لكل 100 ألف شخص، وفقًا لتقرير أعددته منظمة الصحة العالمية.
ويشير تقرير صادر عن الأجهزة الخاضعة للحوثيين في صنعاء إلى وقوع نحو 340 حادثة انتحار من مختلف الأعمار في 10 مدن تحت سيطرتهم خلال العام 2020.
ووفق الإحصائيات فإن من بين حالات الانتحار التي وقعت خلال تلك الفترة 54 امرأة و29 طفلا، أما البقية وعددهم 257 شخصا فقد كانوا جميعهم من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و45 عاما.
وتوزعت طرق الانتحار ما بين الشنق باستخدام الحبال والأقمشة والأسلحة النارية والآلات الحادة واستخدم السموم، وفق التقرير.
وتدور الحرب في اليمن بين الحكومة المعترف بها دوليا، المدعومة من تحالف عسكري تقوده السعودية، ضد الحوثيين ب الذين يسيطرون على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/أيلول 2014.
وأسفرت الحرب حتى نهاية العام الماضي عن مقتل 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، وأدت إلى خسارة اقتصاد البلاد 126 مليار دولار، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، حيث يعتمد معظم السكان البالغ عددهم 30 مليونا على المساعدات، وفق الأمم المتحدة.
المصدر من هنا
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اخبار اليمن ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اخبار اليمن ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.