belbalady.net دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد تبدو فكرة أن اللون الأحمر يمثل الحزب الجمهوري والأزرق يمثل الحزب الديمقراطي وكأنها جزء من الرمزية والعلامات التجارية واللغة المستخدمة في السياسة الأمريكية. ولكن هذا التكوين الحالي لم يترسَّخ في مخيلة الجمهور إلا منذ سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2000 بين جورج دبليو بوش وآل جور.
وحتى مطلع الألفية الجديدة، كان اللونان يُستخدمان بالعكس، نظراً لأن بعض وسائل الإعلام الأمريكية كانت تبدل ترميزها اللوني بين الانتخابات الرئاسية.
وفي عام 1980، على سبيل المثال، قامت قناة "ABC" بتصنيف الحزب الجمهوري باللون الأحمر، بعد أن استخدمت اللون الأصفر للحزب قبل أربع سنوات. وخلال تغطية الشبكة للانتخابات في عام 1984، قدّم ديفيد برينكلي، وهو مقدم نشرة الأخبار آنذاك في قناة "ABC"، تفسيراً عشوائيا على ما يبدو لقرار القناة قائلا إن اللون الأحمر (Red بالإنجليزية)، وريغان (Reagan) يبدآن بحرف "R"، لهذا السبب اختارت المحطة اللون الأحمر.
ويُعد ارتباط الحزب الجمهوري باللون الأزرق أقدم بكثير من ارتباطه باللون الأحمر، إذ يعود تاريخه إلى الحرب الأهلية الأمريكية، عندما كان جيش الاتحاد التابع لأبراهام لينكولن يُعرف غالبًا بزيه الأزرق الداكن، على عكس اللون الرمادي الذي كان يرتديه جيش الكونفدرالية تقليديًا.
واستخدم الحزب هذا اللون بنشاط في القرن العشرين. منذ السبعينيات، ومع تطور العلامات التجارية للحملات الانتخابية، استخدم الجمهوريون شعارات باللون الأزرق إلى حد كبير.
وفي حدث ليلة الانتخابات في مقر الحزب الجمهوري في واشنطن العاصمة عام 1984، نُصبت خريطة ضخمة على الجدار الخلفي، حيث قام المنظمون بإزالة الأغطية الخضراء من كل ولاية للكشف عن قماش أزرق لامع للولايات الـ49 التي أعلنت انتخابها ريغان.
وعلى الصعيد الدولي، يرتبط اللون الأزرق غالبًا بالثروة والمحافظة، حيث كان تاريخيًا اللون الأكثر تكلفة في الإنتاج. ومن ناحية أخرى، ارتبط اللون الأحمر منذ فترة طويلة بالراديكالية.
ومثل دماء العمال الذين ثاروا ضد المضطهدين، يظهر اللون الأحمر على أعلام وشعارات المنظمات السياسية ذات التوجه اليساري، من الشيوعيين الراديكاليين (مثل "الصين الحمراء") إلى الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية في غرب أوروبا وكندا وأستراليا. واستخدمت بعض أقدم الخرائط الانتخابية، نظام ألوان يميز الديمقراطيين باللون الأحمر والجمهوريين باللون الأزرق، وكان نظاما مألوفاً للمراقبين السياسيين خارج الولايات المتحدة.
مع ذلك، لم يكن لأي من الحزبين لون رسمي قط. ولم يكن لذلك أهمية كبيرة بالنسبة لوسائل الإعلام، إذ حتى فترة السبعينيات، كانت أخبار الانتخابات تُذاع باللونين الأبيض والأسود، في حين كانت الصحف تُطبع في الغالب بالألوان الأحادية، ما يعني أن التباين كان أكثر أهمية من اللون.
منذ عام 1984، اتبعت شبكة CBS نهج شبكة ABC في تصنيف الجمهوريين باللون الأحمر والديمقراطيين باللون الأزرق. وقامت شبكة CNN باتباع هذا الاتجاه في الانتخابات الرئاسية لعام 1992، وتبعتها شبكة NBC في عام 1996، وإن كانت اختارت لونا يميل إلى الوردي أكثر للمرشح الجمهوري في ذلك العام، بوب دول.
ولا يوجد دليل على أن شبكات الإعلام الرئيسية كانت تنسق بنشاط؛ ربما كانت ببساطة تنسخ بعضها البعض حتى تتوافق جميعها مع منطق ABC العشوائي المتمثل في منح ريغان مقعدًا في الحزب الجمهوري.
وكانت نشرة أخبار "ABC" المسائية، بحلول مطلع التسعينيات، الأكثر مشاهدة بين الشبكات الرئيسية.
يتذكر موظفو CNN أنهم تعاونوا مع وسائل إعلام أخرى لتجنب إرباك الجمهور. وبالمثل، أفاد نائب الرئيس التنفيذي السابق لـ NBC News ويليام ويتلي، لـ"Vox" في عام 2016 أن شبكته قررت أيضًا أن تحاكي نهج منافسيها "لتجنب إرباك المشاهدين".
ورغم أنه من المحتمل أن الديمقراطيين كانوا غير راضين عن ارتباطهم بلون يحمل دلالات سلبية مرتبطة بالمكارثية، إلا أنه لا يوجد دليل على أن الشبكات اعتبرت الارتباط غير عادل، أو أن الحزب ضغط عليها لتغيير ذلك.
وبحسب بحث أجرته صحيفة "واشنطن بوست" في الصحف والمجلات ونشرات الأخبار التلفزيونية منذ عام 1980، فإن أول استخدام مسجل لمصطلح "الولاية الحمراء" في وسائل الإعلام حدث في برنامج "Today Show" على قناة "NBC" والذي بث قبل أسبوع من توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع في عام 2000. ولكن في أعقاب الانتخابات أصبح مصطلح "الولايات الحمراء" و"الولايات الزرقاء" محل نقاش واسع النطاق لدرجة أنهما دخلتا في الاستخدام العام.
ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن صحيفتين مؤثرتين قررتا في ذلك العام استخدام اللون الأحمر في إشارة إلى جورج بوش، وهما صحيفتا "نيويورك تايمز" و"USA Today".
وكشف محرر الرسوم البيانية لدى "نيويورك تايمز" أنه قرر أن اللون الأحمر يبدأ بحرف "R" مثل الحزب الجمهوري، وقد رأى هذا الارتباط منطقيا أكثر.
أثبت هذا القرار مدى تأثيره، وفقًا لكيتنج هولاند، وهو مدير استطلاعات الرأي وتحليل الانتخابات لدىCNN من عام 1993 حتى عام 2014.
وقال هولاند عبر البريد الإلكتروني: "اعتقادي الراسخ هو أن نقطة التحول في الولايات الحمراء/الزرقاء كانت الخريطة الوطنية التي نشرتها صحيفة USA Today باليوم التالي للانتخابات في عام 2000، حيث كان اللون الأحمر يرمز للحزب جمهوري والأزرق للديمقراطي، بصرف النظر عن الأسباب".
منذ ذلك الحين، أصبحت ارتباطات الألوان اختصارًا للمواقف الإيديولوجية. وأصبح إعلان ولاية أو مقاطعة أو ناخبًا فرديًا "أحمر" أو "أزرق" وسيلة مفيدة لتأطير المناقشات السياسية، ما يعكس هيكل الحزبين الفعلي في الولايات المتحدة ونظام التصويت الذي يعتمد على مبدأ "كل شيء أو لا شيء" حيث تكون الولايات إما ديمقراطية أو جمهورية، بصرف النظر عن مدى تقارب النتيجة.
في نهاية المطاف، أصبح اللون الأرجواني، وهو مزيج من الأزرق والأحمر، لونًا للثنائية الحزبية أو الولايات المتأرجحة.
هل تعتبر الألوان مهمة؟
قد تؤثر الألوان على طريقة تفكيرنا وسلوكنا. وقد أشارت دراسات مختلفة إلى التأثيرات المهدئة للون الأزرق، ما يعني أننا قد نكون على استعداد لإنفاق المزيد في المتاجر ذات التصميمات الداخلية الزرقاء أو أن أضواء الشوارع الزرقاء يمكن أن تمنع حالات الانتحار وتقلل من الجريمة. وقد ارتبط اللون بالثقة والاستقرار.
على الجانب الآخر، زعم الباحثون في علم النفس أن الفرق الرياضية التي ترتدي اللون الأحمر تعد أكثر تحديا وتحقيقا للبطولات من تلك التي ترتدي ألوانًا أخرى، رغم أن هذه النتائج غالبًا ما تم الطعن فيها.
وتعد البحوث حول تأثير اللون على المواقف السياسية أو سلوك التصويت نادرة. ولكن كانت هناك بعض المناقشات الأكاديمية حول ما إذا كانت اللغة التي تقسّم الناخبين إلى معسكرات متعارضة.
في إحدى الدراسات القليلة التي تناولت استخدام مصطلحي "الولاية الحمراء" و"الولاية الزرقاء"، قام بنجامين جروس، وهو أستاذ علم الاجتماع وعلم الجريمة في جامعة سانت بونافينتور في نيويورك، بتحليل استخدام الصحف للمصطلحين بين عامي 2003 و2007. وخلص بحثه إلى أن "القراء قد يطورون صوراً نمطية سلبية عن مواطنيهم الأميركيين استناداً إلى تطور السلوكيات والمعتقدات النمطية لـ"الولاية الحمراء" أو "الولاية الزرقاء".
وفي حديثه لـ CNN قبل انتخابات عام 2024، بعد أكثر من عقد من الزمان على نشر بحثه، أشار جروس إلى أن المصطلحين يعكسان الآن نقصًا في التفاهم المتبادل والفروق الدقيقة السياسية في أمريكا المنقسمة بشكل متزايد، مضيفًا: "لم يكن هناك الكثير من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لتحليلها (عندما نُشر بحثي في عام 2013) ولكن إذا نظرت إلى علامات التصنيف 'الولاية الحمراء' و'الولاية الزرقاء' على منصة تويتر، فسُأصاب بالرعب مما قد أجده هناك ... أعتقد أن 'الولاية الحمراء، الولاية الزرقاء' قد دخلت حقًا في مساحة سلبية للغاية حيث يتحدث السياسيون والصحفيون عنها أكثر كحقيقة اجتماعية ".
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة بالبلدي ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من بالبلدي ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.