عقلك استثمارك ولذلك يجب العناية به، حمايةً وتغذيةً وتطويراً ومتابعة، فعندما يتردى عقل الإنسان يصل إلى مراحل مؤلمة، لا تشرفه ولا تشرف أولاده من بعده، ومع شديد الأسف لا يملك من العقل ما يقيّم به ما يقوم به.
أقرأ سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم فأجد مشاهد لتردي عقول أقوام كانوا يوماً من السادات الأذكياء، ولكن التعصب وظلمات الشرك جعلتهم يصلون إلى مراحل مضحكة، ومن ذلك أن صناديد قريش رأوا أن يساوموا صاحب الرسالة ويصلون وإياه لمنتصف الطريق فيتركوا بعض ما هم عليه، ويطالبوا النبي -صلى الله عليه وسلم- بترك بعض ما هو عليه، وبهذا ظنوا أنهم أتوا بالحل التاريخي.
في يوم من الأيام كان المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- يطوف بالكعبة فاعترضه الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل السهمى ـ وكانوا شخصيات محترمة وذوي أسنان في قومهم ـ فقالوا: يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيراً مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيراً مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه، فأنزل الله جل جلاله فيهم «قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ» السورة كلها.
وأنزل الحق سبحانه: «قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ».
ومع هذا الحسم، وهذا الوصف الباقي «الجاهلون» لم يتوقفوا ويعودوا لعقولهم، بل رأوا أن يقدموا المزيد من التنازلات بشرط أن يجرى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض التعديلات على ما جاء به.
فقالوا: «ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ».
وكان الرد الحاسم: «قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ».
أوضح الله سبحانه الأمر بلا مواربة، ولكن للأذكياء فقط: «وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً».
احرص على كل ما يرقى بعقلك، ابتعد عن الملوثات، احرص على اختيار جلسائك، احرص على تطوير نفسك، حتى لا تضع نفسك في الموقع غير المناسب.
@shlash2020
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.