إعداد: أحمد البشير

شهدت مؤشرات «ستاندرد آند بورز 500» و«ناسداك المركب»، الثلاثاء، أسوأ أداء فصلي لهما، منذ عام 2022، وسط حالة من الضبابية بشأن الأجندة الاقتصادية لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما أدى إلى اضطرابات في أسواق الأسهم الأمريكية، خلال الربع الأول من عام 2025.

كما تعرضت المؤشرات لخسائر حادة، خلال شهر مارس/ آذار، حيث سجلت أكبر انخفاض شهري لها منذ ديسمبر/ كانون الأول 2022، وذلك عقب إعلان ترامب عن مجموعة جديدة من التعريفات الجمركية، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية، قد تؤثر سلباً في النمو الاقتصادي وتؤجج معدلات التضخم.
تراجع المؤشرات
سجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» انخفاضاً بنسبة 4.6%، خلال الربع الأول، بينما شهد «ناسداك المركب» تراجعاً حاداً بنسبة 10.5%. ولم يكن مؤشر «داو جونز الصناعي» بمنأى عن الاضطرابات، حيث تراجع بنسبة 1.3%، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
وقال آدم تيرنكويست، كبير استراتيجيي الأسواق المالية في «إل بي إل فاينانشال»: «المستثمرون في هذا الربع الأول رفعوا أيديهم استسلاماً؛ حيث لم يعد بالإمكان التداول وسط هذه التقلبات غير المتوقعة».
تراجع التكنولوجيا
أثرت عمليات بيع الأسهم التكنولوجية الكبرى، المعروفة بـ«السبعة الكبار»، والتي كانت القوة الدافعة للأسواق خلال عامي 2023 و2024، في الأسواق الأمريكية، حيث شهدت شركات النمو تراجعاً حاداً.
وهبط سهم «تيسلا» بنحو 36%، خلال الربع الأول، بينما تراجعت «إنفيديا» بنحو 20%.
وقال مايكل رينولدز، نائب رئيس استراتيجية الاستثمار في «غلينميد»: «الدرس الأكبر من هذا الربع، هو أن التنويع لا يزال مهما. وإذا تجنبت مخاطر التركيز الشديد في السوق، فقد تمكنت من الصمود بشكل أفضل، مقارنة بالمؤشرات الكبرى».
وعلى الرغم من انخفاض قطاعي التكنولوجيا والسلع الاستهلاكية التقديرية بنسب مكونة من رقمين، إلا أن أغلبية القطاعات الأحد عشر، ضمن «ستاندرد آند بورز 500»، حققت مكاسب خلال الفترة نفسها، حيث تصدر قطاع الطاقة الارتفاعات بنسبة 9.3%.
انتعاش طفيف
تمكن مؤشرا «ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز»، الاثنين، من استعادة بعض مكاسبهما، متجاهلين مؤقتاً المخاوف المرتبطة بسياسات ترامب التجارية الجديدة، والتي يُنتظر الكشف عن تفاصيلها الأربعاء.
وكان ترامب صرح، الأحد، بأن التعريفات الجديدة ستشمل جميع الدول، بعد أن فرض سابقاً تعريفات على الألمنيوم والصلب والسيارات، بالإضافة إلى زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية.
وفي ختام التداولات، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 30.91 نقطة، أي بنسبة 0.55%، ليصل إلى 5611.85 نقطة، كما صعد «داو جونز» الصناعي بمقدار 417.86 نقطة، أو 1%، ليغلق عند 42001.76 نقطة. أما «ناسداك المركب»، فقد خسر 23.70 نقطة، أي ما يعادل 0.14%، ليصل إلى 17299.29 نقطة.
المال ينتعش
ساهمت أسهم القطاع المالي في تعزيز أداء «ستاندرد آند بورز 500»، الاثنين؛ حيث سجلت كل من «ديسكفر فاينانشال سيرفيسز» و«كابيتال وان فاينانشال» مكاسب بنسبة 7.5% و3.3% على التوالي، وسط توقعات بأن صفقة اندماجهما، ستحصل على الموافقة التنظيمية.
كما سجل مؤشر السلع الاستهلاكية الأساسية، الذي يعتبر ملاذاً آمناً في الأسواق، ارتفاعاً بنسبة 1.6%، بينما واصل قطاع الطاقة مكاسبه، بدعم من ارتفاع أسعار النفط الخام.
مؤشر التقلبات
قفز مؤشر «فيكس» للتقلبات، المعروف باسم «مقياس الخوف» في «وول ستريت»، إلى أعلى مستوى له، خلال أسبوعين، عند 22.28 نقطة، مما يعكس تصاعد المخاوف بين المستثمرين.
وبسبب عدم اليقين الناجم عن السياسات التجارية الجديدة، رفعت «غولدمان ساكس» احتمالات دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود إلى 35%، مقارنة بـ20% سابقاً، كما خفضت توقعاتها لمستوى «ستاندرد آند بورز 500» بنهاية العام إلى 5700 نقطة، وتوقعت مزيداً من خفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
بيانات اقتصادية
ينصبّ تركيز المستثمرين هذا الأسبوع على البيانات الاقتصادية المهمة، بما في ذلك مؤشرات النشاط التجاري وفقاً لمعهد إدارة التوريد، بالإضافة إلى تقرير الوظائف غير الزراعية المرتقب، كما تتجه الأنظار إلى تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، وعلى رأسهم رئيس البنك المركزي جيروم باول.
صفقات واستحواذات
تراجعت أسهم «روكيت كومبانيز» بنسبة 7.4%، بعد إعلانها الاستحواذ على «مستر كوبر جروب»، في صفقة بقيمة 9.4 مليار دولار، بينما قفزت أسهم الأخيرة بنسبة 14.5% عقب الإعلان.
مع استمرار التقلبات في الأسواق المالية، تبقى تطورات السياسة الاقتصادية الأمريكية محور اهتمام المستثمرين خلال الفترة المقبلة، وسط ترقب للإجراءات الحكومية، وتأثيرها المحتمل في الاقتصاد والأسواق العالمية.