* د. رامي كمال النسور
هوى مؤشر داوجونز يوم 10 مارس بأكثر من 1000 نقطة في أكبر خسارة يومية لعام 2025. ناسداك يترنح مع هبوط أسهم التكنولوجيا، وتيسلا تسقط 15% في أسوأ يوم لها منذ 2020. البيتكوين تنكسر تحت حاجز 80,000 دولار، وعمالقة السوق مثل ميتا ونفيديا ينهارون بأكثر من 5%. فما الذي يجري في السوق الأمريكي؟
تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».
وبداية شهدت سوق الأسهم الأمريكية أداءً ملحوظًا على مدار العقد الماضي، حيث تعافت من الأزمة المالية في عام 2008، ونجحت في تجاوز الانهيار الناجم عن الوباء في عام 2020، ووصلت مؤخرًا إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق. ومع ذلك، ومع المخاوف بشأن ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والتوترات الجيوسياسية وارتفاع مستويات الديون، يتساءل العديد من المستثمرين: هل سوق الأسهم الأمريكية على وشك الانهيار؟
بشكل عام تعمل أسواق الأسهم في دورات، بالتناوب بين فترات النمو (أسواق الصعود) والانحدار (أسواق الهبوط). ويشير «انهيار» السوق عادةً إلى انحدار سريع وشديد، مثل انهيار الكساد الأعظم في عام 1929، أو انفجار فقاعة الدوت كوم في عام 2000، أو الأزمة المالية في عام 2008. ومع ذلك، فإن معظم انخفاضات السوق هي تصحيحات (هبوط بنسبة 10% أو أكثر) وليست انهيارات كاملة.
حاليا ومؤخرا ً نالك علامات تشير عدة عوامل إلى أن سوق الأسهم الأمريكية قد تواجه انحدارا كبيرا وأول هذه العلامات هي التقييمات المرتفعة حيث تظل نسبة السعر إلى الأرباح (P/E) لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعة تاريخيًا. وفي حين أن هذا لا يضمن الانهيار، فإنه يشير إلى أن الأسهم قد تكون مبالغًا في قيمتها وعرضة للتصحيح فمثلا بلغ هذا المؤشر لشركة «إنفيديا» ما قيمته 36.41.
ثاني هذه العلامات التحذيرية ارتفاع أسعار الفائدة فلقد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في السنوات الأخيرة بإستثناء نهاية 2024 بشكل كبير لمكافحة التضخم. ويمكن أن تؤدي تكاليف الاقتراض المرتفعة إلى إبطاء أرباح الشركات والإنفاق الاستهلاكي، مما قد يؤثر سلبًا على أسعار الأسهم.
أيضا التضخم والتباطؤ الاقتصادي لا يزال مصدر قلق خاصة مع حرب الرسوم التي يشنها ترمب والتي نعكس بدورها على المستهلك الأمريكي. وإذا تباطأ إنفاق المستهلك بسبب التضخم المستمر أو عدم اليقين الاقتصادي، فقد تنخفض أرباح الشركات، مما يؤدي إلى انخفاض أسعار الأسهم.
كما يمكن للتوترات الجيوسياسية المستمرة، مثل الصراعات في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط، فضلاً عن النزاعات التجارية، أن تخلق تقلبات في السوق وعدم يقين المستثمري على الرغم من أن أمريكا بعيدة كثيرا عن هذه المناطق إلا أنها تتواجد من خلال سياساتها وقواتها في كل البؤر الساخنة في العالم.
وأخيراً تثير الديون المتزايدة للحكومة الأمريكية، جنبا إلى جنب مع ديون الشركات والمستهلكين، مخاوف بشأن الاستقرار المالي. وقد تؤدي أزمة الائتمان إلى تباطؤ السوق على غرار الأزمة المالية في عام 2008.
وفي ضوء كل ما أوردنا أعلاه يتسائل الكثير ماذا ينبغي للمستثمرين أن يفعلوا؟
الحقيقة أنه ونظراً لعدم اليقين، يجب على المستثمرين التركيز على إدارة المخاطر من خلال التنويع ويمكن أن يؤدي الاحتفاظ بمزيج من الأسهم والسندات والأصول البديلة إلى تقليل المخاطر. أيضا الإعتماد على المنظور الطويل الأجلفي الإستثمارو تجنب البيع بدافع الذعر والتركيز على أهداف الاستثمار الطويلة الأجل. أخيرا أن يضع المستثمر في اعتباره التعرض للذهب أو النقد أو الأسهم الدفاعية (مثل المرافق والسلع الاستهلاكية الأساسية) كتحوطات ضد التقلباتأو حتى التوجه إلى أسواق المال الأخرى في العالم مثل أوروبا ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً. ويبقى هنالك أسواق شرق أسيا وبعض أسواق دول الخليج وفي مقدمتها أسواق الإمارات وسوق الأسهم السعودي.
في الختام فإنه وفي حين تشير العلامات التحذيرية إلى أن سوق الأسهم الأمريكية قد تواجه تصحيحًا أو حتى سوقاً هبوطية، فإن التنبؤ بانهيار كامل النطاق أمر صعب. وستلعب الظروف الاقتصادية وسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي وأداء الشركات والأحداث العالمية دورا في تحديد اتجاه السوق. ويجب على المستثمرين أن يظلوا على اطلاع دائم، وأن يبقوا متنوعين، وأن يتجنبوا اتخاذ قرارات استثمارية عاطفية بناءً على الخوف.
ويرجى ملاحظة أن هذا المقال يستند إلى سيناريو افتراضي ودراسة موضوعية ولا ينبغي اعتباره نصيحة مالية.
* مستشار الأسواق المالية والاستدامة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.