العاب / IGN

مراجعة Split Fiction

  • 1/2
  • 2/2

بين حزنٍ يثقل كاهلهما وذكرياتٍ تأبى أن تتلاشى، تدرك ميو وزوي أن البقاء أسرى للماضي لن يعيد أحدًا، بل هناك طريقان لا ثالث لهما: الغرق في الألم أو البحث عن معنى جديد وسط الحطام. وهنا تبدأ رحلتهما، حيث المواجهة الحقيقية ليست مع العالم الخارجي، بل مع الذات التي تأبى أن تُشفى.

بالرغم من عدد المرات اللامحدودة التي تعرضت فيها للموت أثناء لعب Split Fiction مع صديقي، إلا أن المتعة والإثارة لم تغبا لحظة عن اللعبة. ربما بدا الأمر روتينيًا ومعتادًا في الفصلين الأول والثاني ولم يحمل أي مفاجآت غير متوقعة، لكنه كان متوقعًا في ظل إرشاد اللاعب إلى تعليمات أسلوب اللعب وطريقة استخدام قدراته. ولكن بمجرد تجاوز الفصول الافتتاحية، استمتعتُ حقًا بوقتي مع لعبة المغامرات التعاونية ذات المنقسمة، التي وصل من خلالها جوزيف فارس وفريقه Hazelight إلى القمة فيما يخص ألعاب الأريكة التعاونية أو ألعاب الشاشة المنقسمة مع صديق.

ركز جوزيف فارس منذ بدايته على الألعاب التعاونية، حتى أن Brothers: A Tale of Two Sons كانت أقرب إلى تجربة تعاونية نظرًا للتحكم في شخصيتين في الوقت نفسه. ثم تألق بعد ذلك مع A Way Out، وبلغ القمة مع It Takes Two الفائزة بلقب لعبة العام. وهنا في Split Fiction، يبني Hazelight على الخبرة التي اكتسبها خلال هذه السنوات، مقدمًا تجربة تعاونية غاية في التنوع والإبداع، تنقلك مع كل فصل إلى عالم خيالي مختلف تمامًا، وآليات لعب مبتكرة تجعل التعاون مع صديقك أشبه بتناغم الآلات الموسيقية في عزف لحنٍ أسطوري، أو بتوافق نجمي كرة قدم على أرض الملعب والتعاون سويًا لإحراز أهداف لا تُنسى وإمتاع المشجعين.

تظهر اللعبة من اللحظات الأولى جانبها الكوميدي المعتاد من جوزيف فارس، وهذه المرة لا نتحدث عن زوجين على وشك الإنفصال أو سجينين يريدان الهرب من جحيم المعتقل، بل قصة أكثر بساطة تركز على كاتبين لم ينسجما منذ اللحظة الأولى هما ميو وزوي، إحداهما متخصصة في الخيال العلمي والأخرى في الفانتازيا، لكنهما يجدان نفسيهما في كارثة مشتركة حدثت دون قصد، ولا يمكنهما النجاة إلا من خلال العمل معًا، حيث يساعد أحد اللاعبين الآخر لعبور التحديات، بمعنى آخر، نتحدث عن مؤلفان يقعان في فخ قصصهما الخاصة، وأما أن يتعاونا سويًا لإنقاذ تلك القصص والحفاظ على حقوقهم الأدبية، وأما يزداد الأمر سوءًا ويفقدان كل ما يملكونه، حتى وإن كانت مجرد أفكار داخل رؤوسهما.

كما هو معتاد، لا يمكن خوض أحداث اللعبة إلا من خلال اللعب التعاوني عبر الشبكة مع صديق، أو من خلال اللعب المحلي باستخدام يد تحكم أخرى على نفس الجهاز، كذلك يمكنك شراء اللعبة مرة واحدة والاستفادة من ميزة Friend’s Pass للعب مع شخص آخر دون الحاجة لشراء العنوان مجددًا.

فرصة عمل ذهبية تتحول إلى عملية سرقة ممنهجة

يزور الاثنان شركة متخصصة في تكنولوجيا المحاكاة، حيث يُوعَدان بصفقة نشر قصصهم، لكن الكاتبين يجدان نفسيهما عالقين داخل قصصهما الخاصة بعد توصيلهما بجهاز صممه ناشر شرير لمحاكاة الكتب، يهدف إلى سرقة أفكارهما الإبداعية وتحويلها إلى تجارب تشبه الواقع الافتراضى، للهروب بعقليهما سليمتين، عليهما التغلب على خلافاتهما وتعطيل النظام الذي يحتجزهما، ويكمن التحدي الأصعب في تعلم العمل معًا، ميو ليست ودودة للغاية، لكنها تمتلك حدسًا دقيقًا وساخرًا تجاه نوايا الشركة، أما زوي، فهي أكثر ثقة ومستعدة لتحمل أي إهانة مقابل نشر أعمالها. جزء من جاذبية القصة يكمن في أن ميو وزوي لا تتفقان في البداية، لكنهما يدركان لاحقًا أنهما أملهما الوحيد للبقاء، وستتغير الشخصيات بطريقة ما خلال رحلتهما، وسيتعين عليهما التعرف على بعضهما البعض أكثر أثناء المضي قدمًا وحل المشكلات معًا.

تجد زوي وميو نفسيهما مرغمان على العمل معًا للهروب والتغلب على العديد من التحديات على طول الطريق، حيث تتشابك قصة الخيال العلمي الخاصة بميو مع قصة زيو المستوحاة من الفنتازيا، مما يعرض الشخصيتين لخطر جسيم، وعلى الرغم من أن الأمر يبدو بسيطًا من الخارج، حيث يحاول كلاهما الهرب من هذا الكابوس المحاصرين داخله، إلا أن القصة أعمق من ذلك بكثير وتركز على الجانب الإنساني لكل شخصية بشكل كبير في كل مرحلة، تبدو ميو من البداية شخصية كئيبة صعبة المراس لا تتجاوب مع الغرباء وغالبًا ما تكون تعليقاتها منفرة، بينما كانت زوي ودودة للغاية وأكثر تفاؤلًا حتى في أحلك الأوقات، رغم ذلك، لكل منهما صراعاته الداخلية التي ساهمت في تكوين شخصيته الحالية، سواء ميو التي تعاني من ضغط نفسي رهيب بسبب مرض والدها والسنوات التي قضتها بصحبته في التنقل من مشفى لآخر على أمل الشفاء والعودة لحياته الطبيعية، أو زوي التي تتغلب على معاناتها من خلال التعليقات الساخرة والضحكة التي ترسمها عنوة على شفتيها، خاصة وإنها فقدت شيء عزيز عليها في طفولتها ولم تتمكن من تجاوز تلك الحادثة حتى بعد عقود، وبناءً على ذلك، يمكنك توقع أن تكون كل مرحلة في اللعبة مستوحاة من معاناة إحدى الشخصيات، وبالتالي يتم تشكيل الألغاز والأعداء بناءً على حياة الشخصية التي كتبت القصة، ومن خلال تجاوز كل مرحلة، تبدأ تلك الشخصيات في الانفتاح على بعضهما البعض والكشف عن أسرارهن ومحاولة التغلب على مخاوفهن والنجاة أولًا من المأزق العالقان فيه، ثم إصلاح حياتهن الحقيقية والتصالح مع أنفسهن والتخلص من هذا الضغط النفسي الرهيب.

قصة Split Fiction أعمق بكثير من مجرد مغامرة كوميدية تعتمد على حل الألغاز والاستمتاع مع صديق لفترة من الوقت، بل تستعرض جوانب إنسانية يعاني منها غالبية البشر ويكتفون بالهروب من تلك المشاكل عوضًا عن مواجهتها للمضي قدمًا في حياتهم، وبالتالي ستلمس القصة مشاعر العديد من اللاعبين وسيتفاعلون معها كما لو أنها تكشف جانبهم السري المظلم، خاصة الأشخاص الذين فقدوا أحباء في مرحلة ما في حياتهم ولم يستطيعوا تجاوز تلك المحنة لسنوات، إنها واحدة من أعمق القصص التي قدمها الاستوديو حتى الآن، مع حبكة مشوقة وسرد ممتع يبقي اللاعب متفاجيء بكل ما يحدث حوله حتى الساعات الأخيرة من عمر العنوان، ونهاية ممتازة توضح أن الحياة ستضمي قدمًا سواء وافقت أو رفضت، وبالتالي فالتغلب على مشاكلك لعيش حياتك بحرية أفضل من الاستمرار في الهرب ومهاجمة كل من يحاول مساعدتك للبقاء وحيدًا قدر المستطاع.

بداية بطيئة تتحول تدريجيًا إلى مغامرة لا تنسى

يبدأ أسلوب اللعب بسهولة نسبية، ولكن في كل مواجهة أو لغز أو قتال ستحتاج إلى عدة محاولات لضبط التوقيت الصحيح للحركة والقتال، ولم يكن الأمر صعبًا جدًا لدرجة أننا علقنا لفترة طويلة، لكن في بعض الأحيان، كان على أحد اللاعبين مساعدة الآخر في اجتياز مشهد القتال، كما أن بداية اللعبة كانت بطيئة ومعتادة في أولى فصلين تقريبًا ولن تقدم أي جديد يذكر سواء في أسلوب اللعب أو الألغاز، لكن سرعان ما سيتغير هذا الوضع 180 درجة بداية من الفصل الثالث، حيث يكشف العنوان عن سحره وأدواته الفريدة لإبقاء اللاعبين مذهولين بما يواجهونه والأدوات التي تتاح لهم للتعامل مع العقبات المختلفة.

تسير الأحداث بنهج تصاعدي، حيث تزاداد إثارة وتنوع كلما تقدمت في القصة، وسأركز في مراجعتي على المراحل المبكرة للغاية من عمر العنوان لتجنب الحرق قدر المستطاع، إذ ركزت المهام الاولى على قدرة فريدة لميو تسمح لها بالركض على الجدران في أي وضعية والتحكم في الجاذبية، في المقابل اعتمدت زوي على سوط يسمح لها بالتقاط العناصر المختلفة لمهاجمة الأعداء أو حل الألغاز، ويتعاون الاثنان سويًا لمنح كل منهما القدرة على استخدام مهاراته في مناطق معينة لحل اللغز أو التغلب على الأعداء والمضي قدمًا في الرحلة، ومقابل كل مهمة يتم تجاوزها بنجاح، يتعرض جهاز المحاكاة لخطأ تقني سيساهم في في إنهياره مما يمنع شركة النشر من سرقة أفكار أبطالنا، وبالنظر لكونها لعبة تعاونية تعتمد على الشاشة المنقسمة، يمكن القول أن Hazelight وصل إلى مرحلةغير مسبوقة من الإبداع في هذا العنوان، سواء في طريقة تصميم العوالم المعتمدة على الخيال العلمي في المستقبل أو تلك المنتمية لفئة الفنتازيا في الماضي السحيق، والتفاصيل التي تحفل بها كل بيئة، والعناصر القابلة للتدمير، ويصل الوضع إلى القمة في المرحلة الأخيرة من عمر العنوان، تلك المرحلة تحديدًا أشبه بثورة في عالم الألعاب التعاونية من حيث التصميم وطريق عرض العوالم على الشاشة والتحكم في مستوى الرؤية وطريقة التفاعل بين عالمين مختلفين كليًا إنها شيء لم أرى مثيل له من قبل، ونقلة كبيرة في ألعاب هذا النوع بوجه وألعاب الاستوديو على وجه الخصوص.

وكما تتوقع، لا تقتصر قدرات أبطالنا على السوط أو التحكم في الجاذبية فقط، بل تتنوع لتشمل مجموعة من الآليات المتغيرة باستمرار، مما يبقي كلا اللاعبين في حالة تأهب، على ميو وزوي التعرف على المشاهد من قصصهما التي تقوم المحاكاة بتحويلها إلى عوالم افتراضية، وعليهما شق طريقهما عبر المساحات الخيالية الخصبة وأفق الخيال العلمي المتطورة، مما يسمح مواقف لا تنسى شاهدنا بعضها في العروض الدعائية، كالطيران باستخدام التنانين أو تغيير العالم من خلال العناصر التفاعلية والتحول إلى أشكال أخرى، إذ تحفل اللعبة بالعديد من المهام الجانبية التي تجمع بين أسلوب اللعب الفريد والحس الفكاهي في الوقت نفسه، مثل اجتياز مجموعة من العقبات أثناء تمرير الكرة مع صديقك كما لو أنك في مباراة كرة قدم أمريكية، أو التحول إلى خنازير في مزرعة ضخمة والتعاون سويًا في سبيل إيجاد طريقة للهرب، كل مهمة قدمتها اللعبة سواء أساسية أو فرعية (باستثناء أول مرحلتين) كانت ممتعة من البداية للنهاية، وتمتاز بنطاق أوسع ونغمة أكثر جدية مقارنة بالألغاز والمعارك في It Takes Two على سبيل المثال.

لا تقتصر ألغاز Split Fiction على التعاون مع صديقك فقط، بل تترك الحرية للاعب في بعض المواقف لعبور اللغز بنفسه ومساعدة صديقه المتواجد في مكان مختلفة تمامًا، كما أن بعض المهام الفرعية تضع اللاعبين في أجواء تنافسية ضد بعضهما البعض، في الواقع، تستغل اللعبة ميزات It Takes Two التي تم تقديمها على نطاق أصغر وفي عالم طفولى نوعًا ما وتطبقها على نطاق أوسع في عوالم أضخم وأكثر تنوع وبالتالي كانت معظم الألغاز فريدة في تصميمها على الرغم من أن بعض الحلول متوقعة ولا تحتاج للكثير من التفكير، لكن هناك موقف علقت أنا وصديقي لدقائق نحاول فهم ما يحدث، كمحاولة إنشاء منصات جذب لتحريك الأحجار واستخدامها في التنقل، بمعنى أبسط، ستحتاج للتواصل مع صديقك بشكل مستمر لعبور كل عقبة بنجاح، إذ أن اللعبة لا تمسك بيدك أو ترشدك إلى الطريق الصحيح، بل تحتاج لاكتشاف كل حل بنفسك، وهذا هو جوهر المتعة والإثارة في Split Fiction.

في وقت أصبحت فيه معظم الألعاب إما قابلة للعب بشكل فردي أو ممتلئة بالشخصيات غير القابلة للعب أو لاعبين عبر الإنترنت لا يرغبون في التفاعل مع بعضهما البعض إلا من خلال كلمات بسيطة، تسعى Split Fiction حقًا إلى رفع مستوى تجربة اللعب التعاوني، ويظهر هذا جليًا في تصميم معارك الزعماء، فكما هو متوقع، تنتهي كل مرحلة بمواجهة ملحمية مع الشرير الرئيسي لبطلتنا – سواء ميو أو زوي – ترى تجد نفسك في مواجهة آلى عملاق يستخدم أشعة الليزر للإيقاع بك واستنزاف صحتك، وتارة أخرى تصبح المواجهة أقل حدة من خلال الاعتماد على تنفيذ الحركات الراقصة المطلوبة منك بدقة، كان من الرائع أن كل مواجهة زعيم في Split Fiction مختلفة جذريًا عن باقي المواجهات، مما جعل تلك المعارك غاية في المتعة حتى وإن كانت صعبة وترغمك على التركيز الكامل والتعاون مع صديقك، فتارة يمكنكم القضاء على العدو من خلال توجيه الضربات المباشرة، وتارة أخرى يجب التعاون معًا واستخدام حولكما لايقاعه والقضاء عليه، كما أن بعض المواجهات شملت أكثر من مرحلة مع تصاعد مستوى الصعوبة مما جعل إنهائها بنجاح أقرب إلى إنجاز ضخم ستفخر به لفترة طويلة.

تشمل اللعبة خيارات سهولة الوصول لتحسين تجربة جميع اللاعبين حتى أولئك الذين يعانون من أي إصابة جسدية، وتمنيت لو تم إضافة القدرة على تقسيم الشاشة بشكل أفقي عوضًا عن التصميم الرأسي المعتاد، على الجانب الآخر تميزت اللعبة بمستوى رسومي رائع وتنقل سلس بين العوالم المختلفة، ويظهر هذا الأمر جليًا في المرحلة الأخيرة، مع فترة لعب تقدر بحوالي 11 ساعة مع التطرق لعدد محدود من المحتوى الفرعي، ولسوء الحظ، لا تعدم اللعبة لغتنا العربية سواء في ترجمة القوائم والحوارات أو دبلجة الأصوات، مما سيجعل التفاعل مع أحداثها صعب نسبيًا لطبقة محددة من اللاعبين.

مرة أخرى، ينجح جوزيف فارس وفريقه Hazelight في الارتقاء بالألعاب التعاونية المعتمدة على الشاشة المنقسمة إلى مرحلة جديدة كليًا. لقد وصل الفريق إلى القمة مع Split Fiction، سواء من حيث أسلوب اللعب، أو السرد القصصي، أو معارك الزعماء، أو حتى المحتوى الجانبي المذهل. إنها رحلة إنسانية تتناول الصراعات الداخلية للبشر، وتجبر اللاعبين على التعاون والتواصل لعبور العقبات المختلفة. والنتيجة؟ مغامرة ملحمية لا يعيبها سوى الفصلان الأوليان الرتيبان وبعض الإضافات غير المؤثرة في مراحل محددة.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا