08 فبراير 2025, 3:50 مساءً
منذ تنصيب الرئيس دونالد ترامب، شهدت الساحة السياسية تحولات مفاجئة أثارت جدلاً واسعًا بين الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة. فقد أطلق الرئيس تصريحاته التي اعتبرها الكثيرون خروجًا حادًا عن نهج السياسة الخارجية المعتاد، مما دفع الجمهور والمسؤولين إلى تساؤلات حول الدوافع والأهداف الكامنة وراء هذه الخطوة الاستفزازية. في ظل هذا الجو المشحون، برزت خطة جديدة تتعلق بغزة أثارت الفضول والقلق معًا، حيث لم تكن مجرد تصريح عابر بل محاولة لإحداث تغيير جذري في النظام الدبلوماسي المتبع منذ عقود.
تحدي المبادئ
واعتمد اقتراح ترامب على إعادة هيكلة الوضع في قطاع غزة من خلال وضعه تحت السيطرة الأمريكية، ونقل السكان الفلسطينيين، وإعادة تطوير المنطقة لتصبح ما وصفه بـ"ريفيرا الشرق الأوسط". هذا التصريح، الذي فاجأ المسؤولين في أوروبا والشرق الأوسط، جاء كخرق واضح لنموذج "الحل القائم على دولتين" الذي طالما شكل الأساس في السياسة الغربية تجاه القضية الفلسطينية. لقد أثارت هذه الأفكار ردود فعل قوية من مختلف الأطراف، حيث أصبح واضحًا أن ترامب لا يتردد في تحدي المبادئ الراسخة لإحداث تغييرات جذرية، مما وضع حلفاء أمريكا في موقف حساس وغير مسبوق.
وتلقى الاقتراح ردود فعل متباينة من قِبل الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، الذين لطالما اعتمدوا على سياسة معتدلة توازن بين مصالح الولايات المتحدة والتزاماتهم الدولية. فقد كان السياسيون والدبلوماسيون في أوروبا في حالة ذهول من هذه الخطوة المفاجئة؛ إذ إن هذا التصريح لم يكن مجرد تعديل طفيف بل كان بمثابة كسر للروتين الدبلوماسي الذي كان يسود منذ فترة طويلة. عبّر مسؤولون بارزون، مثل جون ب. ألترمان، عن دهشتهم من تصرفات الإدارة الأمريكية، مؤكدين أن الحلفاء لم يكونوا مستعدين لمثل هذا التحول الجذري في السياسة الخارجية الأمريكية. وقد وصف ألترمان التصرف بأنه "غريزة تخريبية" قد تؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية للولايات المتحدة.
تفاعل حازم
وتفاعلت الجهات الدولية بحزم مع مقترح ترامب، حيث أدانت الأمم المتحدة بأشد العبارات ما اعتبرته انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، خصوصًا مع تحذير الأمين العام من مخاطر "التطهير العرقي". كما رفضت الدول الأوروبية الفكرة، إذ أشار وزير الخارجية الإسباني إلى أن "أرض غزيين هي غزة"، في حين أعربت فرنسا عن قلقها من أن الخطة ستسبب معاناة جديدة وانتهاكات جسيمة. كما سلطت الأوساط الألمانية الضوء على المخاطر المحتملة، حيث وصف الرئيس الألماني والتر شتاينماير الاقتراح بأنه "غير مقبول" ودعا إلى إعادة النظر في العلاقات مع الولايات المتحدة في ظل هذا التوجه غير المتوقع.
ولم يقتصر تأثير التصريح على مؤسسات الأمم المتحدة والدول الأوروبية فحسب، بل امتد إلى أوساط الدبلوماسية الرفيعة والمتخصصة في السياسة الخارجية. فقد أدانت العديد من الأصوات السياسية في أوروبا هذه الخطوة، معتبرة إياها انعكاسًا على ميل إدارة ترامب إلى اتخاذ مواقف استثنائية تثير الفوضى في العلاقات الدولية. وقد أدت هذه التصريحات إلى زيادة الضغوط على الحكومات الحليفة، التي وجدت نفسها مضطرة إلى موازنة مصالحها بين الحفاظ على علاقة متينة مع الولايات المتحدة وبين الدفاع عن مبادئها الدبلوماسية القائمة. وقد ترددت أصوات التحذير من أن مثل هذه التصريحات قد تدفع بعض الدول إلى استكشاف بدائل جيوسياسية مع قوى أخرى مثل روسيا والصين، سعيًا لتقليل الاعتماد على واشنطن.
استراتيجيات خطرة
وردود الفعل داخل الحلفاء لم تكن متسقة، إذ حاول بعضهم الرد بانتقادات مفتعلة لتجنب استهزاء الرئيس الأمريكي، بينما كان آخرون أكثر جرأة في التعبير عن استيائهم. وقد أعلن بعض المسؤولين في الدوائر السياسية أن الانتقادات الموجهة للولايات المتحدة أصبحت الملاذ الأخير في ظل المخاطر السياسية التي يفرضها التصرف الأمريكي على المسرح الدولي. وعلى الرغم من محاولات بعض الحكومات كالمملكة المتحدة لتلطيف الأجواء بملاحظات إيجابية عن قيادة ترامب، فإن الخطر الكامن في تعليقات الرئيس يظل يشكل عبئًا إضافيًا على العلاقات الدبلوماسية القائمة.
ويبدو أن التصريحات الأخيرة لترامب لم تكن سوى قمة جبل الجليد في سلسلة من التدخلات الاستفزازية التي أدت إلى إضعاف الثقة العالمية بالسياسة الخارجية الأمريكية. فقد ركز ترامب في الآونة الأخيرة على تحطيم النظام المتعدد الأطراف الذي طالما اعتُبر حجر الزاوية في العلاقات الدولية، مما أدى إلى تشكيك العديد من الدول في قدرة الولايات المتحدة على تحمل المسؤولية القيادية. وأكد خبراء السياسة أن مثل هذه الاستراتيجيات قد تُفضي إلى عزلة تدريجية للولايات المتحدة، حيث يسعى العديد من الشركاء الدوليين إلى إيجاد بدائل استراتيجية أكثر استقرارًا وتوازنًا.
تفكيك المؤسسات الدولية
ومن المؤكد أن الخطوات الأخيرة تمثل تحديًا ليس فقط لمصالح الفلسطينيين والقضية العربية، بل تؤثر على تحالفات عدة قنوات رئيسة، بما في ذلك السياسة الأوروبية والأمن الدولي في أوكرانيا. لقد أظهرت التصريحات المتكررة لترامب ميلاً متزايدًا للتدخل في شؤون الدول الأخرى، سواء عبر تقديم تنازلات إقليمية أو محاولة تغيير ملامح السياسات الخارجية التقليدية، وهو ما يزيد من حدة المخاوف بشأن مستقبل النظام الدولي. وتخشى بعض الأصوات من أن يؤدي هذا النهج إلى تفكيك المؤسسات الدولية الحيوية، مثل وكالة التنمية الدولية، مما سيترك فراغًا قياديًا على المستوى العالمي.
في ختام هذا المشهد السياسي المتقلب، يبدو أن شهر العسل مع إدارة ترامب قد ولى، وأن الشقاق بين الولايات المتحدة وحلفائها قد يتعمق تدريجيًا. ويبقى السؤال المحوري قائمًا حول مدى قدرة النظام الدولي على التكيّف مع هذه التقلبات الفجائية. هل ستنجح هذه الخطة في إعادة تشكيل موازين القوى الدولية؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.