عرب وعالم / السعودية / عكاظ

الإيثار.. قوة خفية تصنع القادة!

مارية موظفة سعودية مجتهدة تعمل في أكاديمية مرموقة لتعليم اللغة الإنجليزية، مهمتها الأساسية في طباعة شهادات المتدربات. في يومٍ ما، وجدت إدارة الأكاديمية نفسها في حاجة إلى شخص لمراقبة المتدربات أثناء اختبارهن بعد اعتذار مدربتهن عن الحضور. فكّرت الإدارة بتأجيل الاختبار إلى يوم آخر، إلا أن مارية تطوعت بأن تتولى المراقبة بنفسها. كانت تدرك تمامًا أن هذا القرار سيستلزم منها قضاء وقت إضافي في العمل لإتمام مهمتها الأساسية في طباعة الشهادات. وعندما شاركت مارية هذه القصة، أكدت أنها لم تكن تسعى أو تتوقع أي مقابل لقيامها بهذا الدور.

يتبادر إلى أذهاننا تساؤل مهم: ماذا نسمي سلوك مارية؟ الإجابة هي: الإيثار. الآن، دعونا نتوقف لحظة للتأمل في هذه القصة الواقعية ونستخلص منها بعض الدروس القيّمة. الدرس الأول: الإدارة الجيدة تخلق بيئة عمل تحتضن المبادرات وتُشجع على تقديمها. الدرس الثاني: توظيف والمحافظة على الموظفين الذين يتّسمون بسلوك الإيثار. ولكن، هل الإثار هو السلوك الوحيد للتعامل مع الآخرين في العمل؟ الإجابة يوجد ثلاثة أنواع رئيسية من السلوكيات: الإيثار، والتعاون، والصراع. فالإيثار: يعني تقديم العون للآخرين دون انتظار أي مقابل، كما قامت به مارية في القصة. والتعاون: يشير إلى تفاعل طرفين أو أكثر سواء كانوا أفرادًا، أو جماعات، أو منظمات لتبادل المنافع والمساعدات بهدف تحقيق أهداف مشتركة، مثل: قد تتعاون إدارة الموارد البشرية مع إدارة تقنية المعلومات من خلال توفير موظفيها كمدربين داخليين خلال فترة إطلاق أنظمة جديدة. وفي المقابل، قد تساعد إدارة تقنية المعلومات إدارة الموارد البشرية بتطوير أنظمة إلكترونية خلال فترة التوظيف. وأخيرًا الصراع أو التعارض: هو التفاعل الذي يحدث عندما يشعر أحد الأطراف بأن ما قام به الطرف الآخر يؤثر عليه سلبًا في الوقت الحالي أو مستقبلًا، مثل: إذا قررت إدارة منظمة تقليص ساعات العمل الإضافية، مما يؤثر سلبًا على رواتب الموظفين، وربما يقدمون شكاوى.

وهنا قد يتبادر إلى الذهن تساؤل منطقي: أي من هذه السلوكيات ينبغي أن تسعى المنظمات لتبنيها؟ الإجابة هي الإيثار، في حين أن أكثر السلوكيات التي تسعى المنظمات إلى تقليلها أو تجنبها هي الصراع. دعنا، عزيزي القارئ، نتأمل قليلاً في مفهوم الإيثار ونطرح حالة عملية للتفكير: إذا كان لديك شخصان؛ الأول يمتلك خبرة عشر سنوات في وظيفته ويؤدي عمله بسرعة، والثاني يمتلك سبع سنوات في وظيفته ويتّسم بسلوكيات الإيثار والتعاون، وأنت صاحب القرار في ترقية أحدهما لمنصب وظيفي أعلى، فأيهما ستختار؟ دعنا نساعدك في اتخاذ هذا القرار. الموظف الأول لديه خبرة أكبر ومهارة إضافية، ولكنه ربما يميل إلى العمل الفردي على حساب التعاون مع الآخرين، مما قد يؤدي إلى عزوف الآخرين عن التعامل معه. الأمر الثاني، نظرًا لأنه يفضل إنجاز العمل بسرعة، قد يغفل أهمية بناء علاقات إنسانية قوية في بيئة العمل، وقد يُقدّم مصلحته الشخصية فوق مصالح المنظمة أو الفريق. أما الموظف الثاني، فهو يتمتع بمهارات بناء بيئة عمل إيجابية وتواصل فعّال مع الآخرين، وهي مهارتان قياديتان. الأمر الثاني، أن أداءه في العمل الجماعي يتفوق على أدائه الفردي، مما يجعله شخصًا مرنًا وقادرًا على تعّلم العمل بسرعة، وهذا يجعله مرشحًا أفضل لتطوير المنصب الجديد. بناءً على ذلك، يمكن القول إن سلوك الإيثار والتعاون يمكن أن يكون أكثر قيمة من الخبرة أو المهارات.

تلخيصًا لما سبق، فإن تمكين الموظفين الذين يتحلون بسلوكيات الإيثار والتعاون من الوصول إلى المناصب القيادية العليا يُعد ركيزة أساسية لخلق بيئة عمل إيجابية تُعزز الإنتاجية وتُحقق النجاح المستدام للمنظمات. أخيرًا، إن تبني قيم الإيثار والتعاون في بيئة العمل ليس مجرد خيار عابر بين السلوكيات، بل هو توجه إستراتيجي يُسهم في بناء مستقبل مشرق ومزدهر للمملكة العربية ، حيث يصبح الأفراد، وفِرق العمل، والمنظمات جزءًا فاعلًا في صياغة قصة نجاح وطنية تُلهم العالم.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا