الحقائق ليست رأيا لأحد، هكذا يجب أن يكون أمرها، التعامل معها كما هي حكمة ومنطق نافع. نتائج تحدي الحقائق هو الفشل والخسران، أتحدث هنا عن البيئة. البعض.. بتجاهله الحقائق، يزج بنفسه في متاهات الآمال، والطموحات، والحماس، والاندفاع، حيث تقود مساراتها ونتائجها إلى الضياع الأكيد. تفعيل الأماني مع تغييب الحقائق البيئية تنقل الإنسان إلى أن يصبح عدو نفسه، هذا يعني أن الإنسان يشن حربا طويلة المدى على نفسه وعلى أجياله التي لم تولد بعد، الأكثر إيلاما أنه لا يحس بها في حينه.
يوجد فكر لا يعطي للعلم قيمة، يخلط كما تقول العرب: «عباس على دباس»، يوظف الحقائق وفق هواه، ينظم بها قصائد شعر خادعة. العلم حقائق وليس أماني وخيال جامح يوظفه بطريقة عشوائية وخاطئة. تتعاظم معضلة الجهل أكثر عندما يتم الزج بالحقائق كمبرر للتمادي في اندفاع كل نتائجه النهائية ندم.
كأن مهمة البعض خلط أوراق الحقائق وتزويرها، ثم تسخير نتائجها لإقناع الآخرين بصحتها. في حال تم هذا على مستوى الاستراتيجيات، والتخطيط، والبرامج فستكون النتائج كارثية. الحقائق العلمية البيئية والمائية السائدة في بلدنا - حفظه الله -، تقول: الماء يجب أن يكون محور أي تنمية كانت، هذا يعني الكثير من المحاذير، يجب عدم تجاهلها تحت أي ظرف.
أقدم لكم نموذجا لخلط الحقائق العلمية وتوظيفها جهلا، لفهم قاصر الاستيعاب. يقول أحدهم: «الماء ليس نادرا أبدا وثلاثة أرباع الكرة الأرضية يغطيها الماء، غير الأنهار والمياه السطحية والجوفية، وما تجود به إرادة الله من أمطار، لكن النادر هو العقول المبدعة التي تعلم الناشئة طرقا للحصول على الماء العذب بأقل التكاليف، لتعيش جودة حياة بعيد عن تهديد معقدي الأفكار وتكدير الحياة». كان ذلك ردا على نص طرحته يقول: «النشاط المدرسي اللاصفي قادر على تأهيل أجيال تدرك أهمية الماء، وتدرك أيضا خطورة ندرته على مستقبلهم وأجيالهم». التعليق في شعب ورأي كاتبكم في آخر، لكنها ثقافة الخلط عندما تسود.
البعض يملك معلومات ثم يوظفها وفق هواه، وعمق فهمه القاصر، يقدمها تطوعا للآخرين، يحلل ويستنتج عن جهل، يجتهد في تفسيرات حقائق علمية ثم يقدم رأي أعمى. عندما يتعلق الأمر بالمياه تجد البعض يصبح من «علماء المياه»، يقدم نظريات وتفسيرات غيبية، ينظر بإدراك مغلق ومنغلق ثم يسبح في بركة شيدها لنفسه، يغيبون صوت الحقائق العلمية، يسعون لتحريفها جهلا وتطاولا مضرا.
أكرر.. موضوع الحقائق العلمية ليس رأيا لأحد. تجاوز الحقائق مهلكة. كيف يمكن التعامل مع رأي يقول: «الماء ليس نادرا أبدا». ثم يشرح جهلا وتطاولا ما يبرر رأيه ذلك. أغرق نفسه والآخرين في غياهب الجهل والضياع المعرفي. كل الحقائق تقول: المياه نادرة في بلدنا السعودية - حفظها الله -. ثم تأتي أصوات تقول بعكس هذا.
السؤال المهم مع ذلك الطرح: هل الأكثرية تؤمن بأن الماء ليس نادرا أبدا؟ إن أعمال الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية على زراعات عشوائية غير اقتصادية تثبت أكثريتهم. تقول العرب: المال السائب يساعد على السرقة.
التعايش مع الحقائق أمر ممكن، لكن تحديها ليس تعايشا، بل مهلكة في نهاية المطاف. مع البيئة التعايش منفعة مستدامة العطاء، والتحدي مذموم علميا، نهايته الفشل. ويستمر الحديث.
@DrAlghamdiMH
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.