سافروا تصحوا
شارل فؤاد المصري
حالفني الحظ أن أسافر إلى عدة دول عربية وأوروبية وأمريكية وآسيوية وإفريقية بحكم عملي الصحفي. وكانت زيارات هذه الدول تطرح في ذهني عدة أسئلة عن فوائد السفر التي قيل عنها وتم حصرها في سبعة، ولم يقل لنا أحد ما هي فوائد السفر ولماذا هي سبعة وليست ثمانية أو حتى ستة؟
ولكن بعد كل هذه السنوات الطويلة من السفر يمكنني أن ألخص فوائد السفر السبعة التي أسلم بها دون زيادة أو نقصان:
السفر يتيح لك رؤية العالم من منظور آخر ويقوي تفكيرك الإبداعي ويجعل عقلك مرناً ما يتيح لك تقبل الآخر.
السفر يعطيك راحة واسترخاء وابتعاداً عن روتين الحياة اليومية، وهو ما يمنحك طاقة إيجابية لصحتك العقلية والجسدية ويجعلك تستعيد نشاطك.
السفر يقوي علاقاتك الاجتماعية لأنه يكون فرصة للتواصل مع شخصيات جديدة، تتعرف عليها ويبني صداقات جديدة خاصة أن أحد تعريفات الإنسان أنه كائن اجتماعي.
السفر يجعلك تطلع على ثقافات الآخرين مما يجعلك تتقبلهم وتتقبل ثقافاتهم.
السفر يمنحك فرصة لتعلم مهارات جديدة ويكسبك خبرات مع كل مرة تسافر فيها، ويعطيك القدرة على المغامرة والاستمتاع، ويكون لديك مخزون جميل من الذكريات تستمر مدى حياتك.
السفر يجعلك تكتشف ذاتك عندما يمنحك الفرصة في التفكير الخالي من الضغوط وتحديد اهتماماتك.
وكما للسفر فوائد، أيضاً للسفر وجه آخر مختلف، وأحد تلك الوجوه هو “الشحاتين”.
لا تخلو منهم دولة، فمثلاً في أمريكا “الشحاتة” مهنة ثقافية منظمة يدفع عنها ضرائب وتحكمها قوانين، وبخاصة في المدن الكبرى، حيث تجد من يقوم بالعزف على آلة موسيقية ويضع طبقاً أمامه لترمي له ما تجود به نفسك، أو من يتقمص شكل تمثال وعندما تريد أن تلتقط صورة تدفع له دولاراً أو دولارين. ومع تطور التكنولوجيا بدأ هؤلاء الشحاتين بعمل حسابات شخصية لهم على وسائل التواصل التي تدر لهم دخلاً من خلال عمل عدة مقالب ظريفة تحظى بمشاهدات كثيرة.
أما في الدول العربية فحدث ولا حرج. ففي إحدى المدن السياحية العربية التي تقع جنوب البحر المتوسط تجد الشحاتين أفواجاً، ويطلبون بإلحاح منقطع النظير يصل إلى حد التلامس الجسدي العنيف، مما يتطلب تدخل مواطني هذه المدينة لإبعادهم عنك، خاصة إذا كنت تحب الجلوس في مقاهي الشارع.
تذكرت هؤلاء “الشحاتين” لما نقاسيه يومياً في إشارات المرور والشوارع، وحتى إذا كنت جالساً في أفخم المقاهي أو ربما داخلها. خاصة أن الشكل التقليدي للشحات تغير، حيث أن الشحات الآن ربما يكون له ملبس أفضل من ملبسك، وتغير الشكل النمطي للشحات وأيضاً الطريقة التي يتسول بها.
في إحدى إشارات المرور في الحي الذي أقطن فيه، وهو حي راقٍ، اختارت سيدة أن تكون هذه مهنتها. وبنظرة سريعة على شكلها نجد أنها ربما من طبقة تحت المتوسطة ويدل على هذا ملبسها ولغة جسدها.
فالسيدة تجاوزت الخمسين وربما أكثر، تلبس ملابس سوداء من قماش غالي، وتمسك بحقيبة يد على كتفها تشبه الماركات العالمية، وتغطي رأسها بإيشارب أسود يضفي عليها وقاراً. وبمجرد أن تكون الإشارة حمراء، تنطلق في مهمتها وتذهب أولاً إلى السيارات غالية الثمن وتنظر إلى سائقها لتتفحصه بنظرة خاطفة تقيم فيها الموقف، وإذا رأت تجهماً ترمقه بنظرة سريعة وتتحول إلى الذي يليه. ويبدو أنها ليست في حاجة لتمتهن هذه المهنة، ولكن “الله أعلم”، ربما الربح السريع والحصول على المال بشكل أسهل هو الذي جعلها تقوم بذلك وليس الاحتياج الفعلي والحقيقي.
الشحاتة أو التسول مهنة حالياً منتشرة، ويمكن تخفيف وطأتها على المجتمع بتشديد عقوبتها لمن يمتهنها دون احتياج، خاصة أننا شعب عاطفي جداً. وفي المقابل، من يمتهنها ويثبت احتياجه فعلاً ويتم بحث حالته يجري مساعدته بشكل يستطيع معه العيش.
المختصر المفيد: إن الله يجازي كل واحد حسب أعماله.
عضو الهيئة الوطنية للصحافة سابقاً
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.