تعد متلازمة كابجراس اضطراب نفسي يعجز فيه المريض عن التعرف على هويته بصورة صحيحة، وتعرف أيضًا بتوهم الازدواجية، ومتلازمة المحتال، وتوهم كابجراس.

يعتقد مريض هذه التوهمات أحيانًا أن كل ما حوله من الحيوانات، والأشياء، وحتى البيوت تحتال عليه.كما قد تصيب متلازمة كابجراس أي أحد، إلا أنها أكثر شيوعًا بين الإناث.كما أنها قد تؤثر على حالات نادرة عند الأطفال.

فعلى سبيل المثال قد يتهم مرضى هذه المتلازمة شريكهم بأنه شخص غريب ينتحل شخصية الشريك الحقيقي، مما يتسبب بعدم ارتياح وانزعاج لكل من المريض الذي يواجه تلك الأوهام والشريك الذي يُتهم بكونه محتال.

يوجد عدد من النظريات حول الأسباب الحقيقية لمتلازمة كابجراس. قد تبدأ المتلازمة بالظهور بعد حدوث أذى بنيوي على مستوى الدماغ مثل:

• الضمور.
•  الآفات.
•  الاضطرابات الوظيفية.
•  الأذيات.

قد تحدث متلازمة كابجراس نتيجة أذية دماغية أو عصبية. و قد تنتج أيضًا عن الإصابة بمرض آخر يؤثر في الدماغ، لا سيما الاضطرابات التي تغير كيفية إدراك الدماغ للمعلومات ومعالجتها، أو آلية تخزينه للذكريات واسترجاعها.

قد تترافق متلازمة كابجراس مع مجموعة من التغيرات الجسدية والإدراكية.

لا يوجد سبب وحيد يؤدي إلى الإصابة بمتلازمة كابجراس، حيث ينبغي إجراء مزيد من الدراسات لفهم كيفية تأثيرها على الدماغ نظرًا لكونها نادرة للغاية. يشمل كل مما يلي بعض الأسباب المحتملة للإصابة بمتلازمة كابجراس:

أذيات الدماغ

يعد الدماغ عضوًا شديد التعقيد، فقد تتسبب إصابات الدماغ الرضية في تغير وظيفته. كما قد تؤثر أيضًا في مزاج المرء، وتوازنه، وذاكرته، إضافة إلى غيرها من العمليات التي يتحكم بها الدماغ مثل السمع والكلام وإدراك ما تبصره العين. قد تقتصر بعض الأذيات على كونها مؤقتة، بينما يكون بعضها الآخر دائم التأثير.

يفقد المرء نتيجة إصابة القشرة الدماغية الصدغية لديه قدرته على التعرف على الوجوه المألوفة له بصريًا.

و قد تؤدي كل من إصابات الدماغ الرضية وارتجاجاته إلى الإصابة بمتلازمة كابجراس. يعود تفسير ذلك إلى أن الإصابات السابقة تتسبب بانقطاع الاتصال بين القشرة الدماغية الصدغية والجهاز الحوفي، والذي تتمثل وظيفته في تنظيم المشاعر والأحاسيس.

عمى تمييز الوجوه

يشير بعض الباحثون إلى أن التوهم المرافق لمتلازمة كابجراس قد يحدث نتيجة انعدام قدرة المريض على التعرف على الوجوه المألوفة له، وهو ما يعرف بعمى تمييز الوجوه.

لا يوافق فريق من الباحثين الاعتقاد الزاعم بأن عمه تمييز الوجوه قد يؤدي إلى الإصابة بمتلازمة كابجراس، وذلك حسب ما جاء في مراجعة للأدبيات تم نشرها عام 2019. حيث وضحوا ذلك بقولهم أن عدم تعرف المرء على شخص آخر لا يجعله بالضرورة يعتقد أن شخصًا غريبًا يتقمص شخصية أحد آخر ويحتال عليه.

أمراض الجهاز العصبي

قد ترافق متلازمة كابجراس بعض الاضطرابات العصبية التنكسية التي يعاني مراضاها من الخرف مثل داء ألزهايمر وخرف أجسام ليوي. قد تؤثر الأمراض السابقة في ذاكرة المرء، كما تغير إحساسه واستيعابه للواقع.

تتضمن الاضطرابات العصبية الأخرى التي ترتبط بمتلازمة كابجراس كلًا من:

•  الصرع.
•  السكتة الدماغية.
•  أورام الدماغ.
•  المراحل المتقدمة من داء باركنسون.

الشيزوفرينيا واضطرابات الفصام العقلي

قد تتسبب الشيزوفرينيا، و على وجه الخصوص الفصام الهذياني التوهمي، بالإصابة بمتلازمة كابجراس. فقد تغير الشيزوفرينيا إدراك المرء للواقع، كما قد تؤدي إلى حدوث التوهمات. وقد جدت المراجعة السابقة ذاتها أن 32% من مرضى متلازمة كابجراس المشاركين في الدراسة، والذين بلغ عددهم 258 شخصًا، قد تم تشخيصهم مؤخرًا بالشيزوفرينيا.

قد ترافق متلازمة كابجراس أيضًا مرضى الاضطراب الفصامية. فيعاني مرضى هذا النوع من الاضطرابات العقلية بشكل أساسي من أعراض الشيزوفرينيا، إضافة إلى غيرها من أعراض اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب واضطراب ثنائي القطب.

حدد الباحثون أيضًا عددًا من الاضطرابات الأخرى التي قد ترافق متلازمة كابجراس، ومنها:

•  الذهان.
•  النوبات النفسية الذهانية.
•  الاكتئاب الذهاني.
•  اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية.

يتمثل العرض الأساسي لمتلازمة كابجراس في توهم المريض بأن الأشخاص المحيطين به قد استُبدلوا بأشخاص آخرين غريبين ومحتالين.

يميل المريض أيضًا إلى أن يكون عدوانيًا مع الشخص الذي يعتقد أنه محتال ومزيف. يميل نسبة قليلة من مرضى متلازمة كابجراس إلى أن يصبحوا عنيفين للغاية، كما وجدت الأبحاث وجود علاقة بين الإصابة بمتلازمة كابجراس والانتحار.

قد يواجه مرضى متلازمة كابجراس، إضافة إلى الأعراض السابقة الخاصة بالمتلازمة، أعراض الاضطراب المرافق له من الأمراض العصبية أو الشيزوفرينيا.

يقوم الطبيب المختص بتشخيص متلازمة كابجراس بعد إجراءه تقييمًا لحالة المريض النفسية. و قد يستفسر أيضًا عن التاريخ الطبي الخاص بالمريض والأدوية التي يتناولها حاليًا، بالإضافة إلى إجراءه لبعض الاختبارات لاستبعاد إصابة المريض بأمراض أخرى كداء ألزهايمر والخرف.

كما أنه لا توجد المعايير التشخيصية لمتلازمة كابجراس في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، وذلك لكونها اضطراب نادر للغاية.

تشيع الإصابة بمتلازمة كابجراس بين النساء أكثر من الرجال.

كما قد تزيد الإصابة ببعض الاضطرابات مثل الفصام الهذائي والأمراض العصبية التنكسية من خطر تطور متلازمة كابجراس لدى المريض.

لا يوجد في الوقت الحالي خطة علاج محددة لمرضى متلازمة كابجراس، وعليه ينبغي إجراء المزيد من الأبحاث في سبيل فهم المتلازمة. وتساعد الخيارات العلاجية التالية رغم ذلك على تخفيف الأعراض:

علاج الاضطرابات الكامنة

يهدف هذا الأسلوب إلى علاج الاضطراب الأساسي الكامن وراء متلازمة كابجراس. فعلى سبيل المثال، يعد هذا الأسلوب مفيدا في حالة الإصابة بالشيزوفرينيا ومتلازمة كابجراس معا، حيث ان علاج الشيزوفرينيا عبر تناول الأدوية المضادة للذهان قد يساهم في تشافي متلازمة كابجراس.

ويتضمن كلًا من:

•  أدوية مثبطات الكولين أستيراز التي تساعد على تعزيز النواقل العصبية الضرورية للذاكرة واتخاذ القرارات، ما يساعد مرضى داء ألزهايمر والخرف.
•  الأدوية المضادة للذهان والعلاج النفسي لمرضى الشيزوفرينيا.
•  الجراحة وإعادة تأهيل مرضى رضوض الدماغ وأذياته إن أمكن.

العلاج بالتوجيه الواقعي

يتمثل العلاج بالتوجيه الواقعي للخرف بتوجيه مريض الخرف وبشكل مستمر إلى حقيقة الواقع المحيط به. يشمل ذلك تعريفه بالوقت الحالي، والمكان الوجود فيه، والأشخاص المحيطين به. يساعد الأسلوب العلاجي السابق أيضًا مرضى الخرف على فهم الواقع المحيط بهم بطريقة أفضل، ومنه تقليل مشاعر القلق لديهم.

ينصح مقدمو العلاج أهل مريض العلاج ومقدمين العناية له بأن يتجنبوا الجدال معه أو تصحيح كلامه، وذلك في حال بداية خوض المريض في مواجهة التوهمات. كما يوصى الأشخاص المحيطين به عوضًا عن ذلك بتذكير المريض بالأمور الجيدة في واقعه المحيط، مما يساعد على بقاءه متصلا به عاطفيًا ونفسيًا.

وقد بينت مراجعة نشرت عام 2017 أن العلاج بالتوجيه الواقعي يساعد على تعزيز الإدراك، بالإضافة إلى تحسينه سلوكيات مرضى الخرف.

العلاج السلوكي

يلجأ مختصو الصحة النفسية إلى التكلم مع المريض بلطف فيما يخص اعتقاداته الخاطئة، كما يتم الإشارة إلى الأدلة التي تدعم اعتقاداته والأخرى التي ترفضها، وهذا ما يساعد مرضى متلازمة كابجراس على تخطي الأوهام التي يواجهونها.

يستخدم أيضا أسلوب ABC في العلاج السلوكي المعرفي لمساعدة المرضى على التغلب على أوهامهم. حيث يقوم هذا الأسلوب على مواجهة مريض المتلازمة لاعتقاداته الخاطئة وتوهماته وتغيير طريقة تعاطيه معها.

اقرأ أيضًا:

الذهان psychosis: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

بحث يقترح أن الفُصام (الشيزوفرينيا) نمط من أنماط التفكير المشتركة

ترجمة: رهف وقّاف

تدقيق: وسام صايفي

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر