عرب وعالم / السعودية / عكاظ

أرقام «الإحصاء».. والدوسري.. وصناعة المُستقبل

كُنت من جُملة الكُتّاب الذين وُجّهت لهم الدعوة من الهيئة العامة للإحصاء؛ لحضور لقائها التعريفي المعني بإنجازاتها وخططها المُستقبلية في عامنا الجديد 2025. وإذا ما أردتُ توصيف الحدث، أستطيع القول: إنه تجاوز مسألة الاجتماع العادي لما دُعينا من أجله، بل كان تجربة شخصية غيّرت الكثير من مفاهيمي الخاصة، التي أضعها في مربع «المعلومات غير الدقيقة»، والاقتناع التام بأهمية تمركز «الإحصاء» في مسار حياة السعوديين والسعوديات..

جلست هناك برفقة عدد من الزملاء والزميلات من الإعلاميين وكُتّاب الرأي، نستمع لرئيس الهيئة الدكتور فهد الدوسري، الذي تحدث بثقة وهدوء، وكأنه يرسم لوحة متكاملة عن كيفية تحويل الأرقام إلى لغة حية تشارك في صياغة مستقبل المملكة.

ما أدهشني في «لقاء الإحصاء»، أنه جاء مختلفًا تمامًا عن لقاءات الجهات الأخرى. هذا أولًا، وثانيًا، لا يعتقد البعض أن ما حققته المملكة خليجيًا وعربيًا في مؤشرات الأداء الإحصائي، أو تقدمها إلى المرتبة 14 بين دول مجموعة العشرين كان مصدر إعجابي الوحيد، لكن الأمر بدا لي كجزء من قصة أكبر، وشعرت أن ما استعرضه رئيس الهيئة من أرقام، حمل في طياته رسالة أعمق، وهي أن بلادنا بدعم قيادتنا الرشيدة ورؤية 2030 الطموحة لم تكتفِ بالمنافسة فقط، بل سعت إلى تغيير مفهوم الإحصاء نفسه؛ لبناء أساس لقرارات واعية وسياسات تصنع أثرًا حقيقيًا.

أثناء إعلان الدكتور فهد الدوسري عن «مختبر الابتكار الإحصائي» وجدت نفسي أتأمل في جوهر هذه الدعوة الصريحة للابتكار والتفكير بطريقة مختلفة؛ لأنه يمثّل فكرة جريئة، بالانتقال من استخدام البيانات كأداة وصفية إلى أداة استشرافية، وهذا بحد ذاته سيغيّر من طريقة تعاملنا مع الإحصاءات؛ لذلك، يتجاوز هذا المشروع حدود الهيئة العامة للإحصاء إلى كونه مشروعًا نوعيًا للمجتمع بأكمله، الأمر الذي يدعونا جميعًا لإعادة التفكير في كيفية استخدام البيانات لصالحنا.

ركيزة مهمة كانت إحدى الركائز المهمة في هذا اللقاء، تمثلت في الحديث عن الشفافية وإتاحة البيانات للجميع، وكمواطنة أولًا وقبل كل شيء، أرى أن الشفافية أساس بناء الثقة.

أمر رسم ملامح اللقاء التعريفي، وهو أن الهيئة العامة للإحصاء لا تقدم الأرقام كمجرد بيانات خام، بل كجسر يصل بين الناس وصنّاع القرار، شعرت هنا أن هذه الخطوة هي دعوة لكل فرد ليكون جزءًا من قصة التنمية، فضلًا عن سعيها المؤسساتي التطويري لجعل الإحصاء لغة نتحدثها ونفهمها جميعًا، بل ونستفيد منها في مسالك حياتنا المختلفة، وهنا يكمن الجوهر من ذلك.

بعدما خرجت من مناخ اللقاء، ظهر لي عدد من التساؤلات المشروعة، التي يُشاركني فيها ربما البعض منكم، وهي: كيف يمكننا كمواطنين أن نستخدم هذه الأرقام؟ وكيف يمكن أن نكون جزءًا من هذا التحول؟ بالنسبة لي، الأرقام أكثر من كونها أدوات تقنية تُستخدم في أروقة المكاتب، لأنها أصبحت شريكًا في الحياة اليومية، فكل قرار نأخذه، أو كل تغيير نطمح إليه، يعتمد على هذه البيانات التي أصبحت أساسًا لمستقبلنا.

في المحصلة، كان اللقاء درسًا لم أتصوره من قبل من حيث النظر إلى البيانات كقوة إيجابية، وأدركت أيضًا أن الأرقام ليست محايدة كما تبدو، بل تحمل في طياتها قدرة هائلة على صنع الفارق إذا ما أُحسن استخدامها، ورأيت في فريق الهيئة وقياداتها طموحًا يتجاوز التوقعات، وإصرارًا على أن تكون المملكة نموذجًا عالميًا في جمع البيانات، وفي تحويلها إلى قرارات تُحدث تغييرًا حقيقيًا في اقتصادنا، وجودة حياتنا، ورفاهيتنا، والأهم مُستقبلنا.. وشكرًا للهيئة العامة للإحصاء.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا