06 يناير 2025, 9:50 مساءً
دافع الدكتور وليد المالك، استشاري طب كبار السن ومكافحة الشيخوخة، عن وجهة نظره بأن إيداع الابن أحد والدَيْه دار رعاية المسنين قد يُعَدُّ "برًّا" في بعض الحالات، بينما قد يكون "عقوقًا" في حالات أخرى.
وأكد أن وجود دور رعاية المسنين ضرورة صحية واجتماعية، مشددًا على أن إيداع أحد الوالدين هذه الدور لا يعني دائمًا العقوق، بل قد يكون في بعض الأحيان من أشكال البر والرعاية الصحيحة.
وأوضح الدكتور المالك خلال حديثه لبرنامج "في الصورة" أن النظرة السائدة في المجتمعات العربية تجاه دور رعاية المسنين تحتاج إلى تعديل جذري، وقال: "هناك مواقف يكون فيها إيداع كبار السن دار رعاية برًّا بالوالدين، خاصة عندما تتطلب حالتهم رعاية صحية تفوق إمكانيات الأبناء في المنزل، بينما في حالات أخرى قد يكون الأمر عقوقًا إذا كان الهدف هو التخلص من مسؤوليتهم دون مبرر".
وأشار المالك إلى أن كبار السن الذين يعانون أمراضًا مزمنة، أو إعاقات جسدية، يحتاجون إلى رعاية طبية متخصصة، قد لا تتوافر في المنزل. وسرد مثالاً من تجربته العملية؛ إذ تحدث عن موظفة اضطرت إلى إيداع والدتها دار رعاية بعد أن أصيبت بجلطة، جعلتها مقعدة تمامًا، وقال: "الابنة كانت تعمل من الثامنة صباحًا حتى الخامسة مساء، ولم يكن بإمكانها توفير الرعاية اللازمة لوالدتها طوال اليوم؛ لذا كان نقلها إلى دار الرعاية خيارًا صحيحًا وبرًّا بها".
وأضاف المالك بأن الحالات تختلف، ولا يمكن التعميم.. وقال: "في بعض الحالات يكون العقوق واضحًا عندما يتخلى الأبناء عن آبائهم بالرغم من قدرتهم على رعايتهم في المنزل. ولكن في حالات أخرى قد يكون نقلهم إلى دور الرعاية الخيار الأفضل صحيًّا ونفسيًّا".
تغيير الثقافة الاجتماعية
وأكد الدكتور المالك، الذي يُعَدُّ أول أكاديمي سعودي متخصص في طب كبار السن ومكافحة الشيخوخة، أن المجتمع بحاجة إلى تغيير نظرته السلبية تجاه دور المسنين، مشيرًا إلى أن كل حالة يجب أن تُدرس بشكل منفصل.. وقال: "لا يمكننا الحكم على الآخرين بناء على الظاهر فقط. هناك ظروف صحية ونفسية واجتماعية قد تجعل من الضروري نقل كبار السن إلى مراكز رعاية متخصصة؛ لضمان حصولهم على رعاية شاملة، تحترم كرامتهم، وتعزز جودة حياتهم".
وشدَّد المالك على أن مفهوم (كبار السن) يجب أن يرتبط بمرحلة العجز وليس بالعمر، وقال: "لا أعتبر أن من وصل إلى سن السبعين عامًا كبيرًا في السن، بل أرى أن الشخص يصبح كبيرًا في السن عندما يصل إلى مرحلة العجز، وعدم قدرته على إدارة شؤونه اليومية بشكل مستقل".
عقوق أم بر؟
واستطرد الدكتور المالك في حديثه بتوضيح الفرق بين بر الوالدين وعقوقهم في هذا السياق، مشيرًا إلى أن الله ينظر إلى النوايا والظروف، وقال: "إذا كان الهدف من نقل الوالدين إلى دار الرعاية توفير الرعاية الصحية المتكاملة، وحماية حياتهم، فهذا بر بهم. أما إذا كان الهدف هو التخلص من المسؤولية بالرغم من توافُر الإمكانيات في المنزل فهذا عقوق".
ودعا إلى عدم إصدار الأحكام المسبقة على من يلجأ إلى دور الرعاية، مؤكدًا أن كثيرًا من هذه المراكز تقدِّم خدمات طبية ونفسية متكاملة، تضمن الحفاظ على كرامة كبار السن، وتوفير بيئة آمنة لهم في آخر سنوات حياتهم.
وأضاف المالك: "هناك بعض الأشخاص لا يجدون حيلة.. حتى الابن ما عنده حيلة؛ لذلك الدولة تقدم له المنتج هذا، وأنا أراه شيئًا متكاملاً، وقد يكون طبيعيًّا. لا وصمة عار في ذلك على الأولاد أو البنات إذا وضعوا أمهاتهم أو آباءهم في دور رعاية المسنين".
وتابع: "مثلما قلت، هذه ثقافة سائدة عندنا. الناس ينظرون للظاهر، ويظنون أن أي شخص نقل والده إلى دار المسنين هو عاق. وهذا -والله- خطأ. أنا أعتبره إجحافًا. يا ناس، لا تعرفون ظروف الآخرين، ولا نفسياتهم. دع الأمر للشخص وظروفه. نسأل الله أن يعافينا من هذا الابتلاء".
الاعتبارات الطبية ضرورية
وأوضح المالك: "إذا كان الوضع سيئًا طبيًّا، وصحته لا تسمح بالبقاء في المنزل، فإن وجوده في مكان يقدم له رعاية متخصصة يكون الأفضل له، مثلما يذهب الناس إلى المستشفيات للحصول على الرعاية؛ فالأمر نفسه ينطبق على بعض حالات كبار السن".
وأضاف: "تخيل شخصًا كبيرًا في السن مقعدًا يعاني تقرحات سريرية. هذه الحالات تحتاج إلى فريق طبي يعالجها يوميًّا. لو أخذته إلى المنزل بدون رعاية مناسبة قد يموت خلال شهرين، لكن إذا وضعت والدك في دار رعاية، فيها فريق طبي وزيارات منتظمة، فأنت بذلك تكون قد بررت به، وحافظت على حياته".
وتابع: "أما إذا كان والدك يعاني حالة معقدة، مثل فتحة في البطن، أو تقرحات تحتاج إلى متابعة دقيقة، وأنت تصر على إبقائه في المنزل فقط خوفًا من كلام الناس، فأنت بذلك تخاطر بحياته. هذا التصرف قد يُعتبر عقوقًا؛ لأنك لا تقدم له الرعاية المناسبة".
وشدَّد على أن "الموضوع ليس مجرد وضع المسن في دار رعاية أو إبقائه في المنزل. المسألة تتطلب دراسة كل حالة على حدة. الدولة توفر هذه الخدمات، وهناك فِرق من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين الذين يجلسون مع الأسرة لتقييم الوضع".
حقوق المسن وتعزيز جودة حياته
وتطرَّق المالك إلى نظام حقوق المسن قائلاً: "من أبرز النقاط في النظام الحفاظ على كرامة المسن، وضمان حصوله على حقوقه الكاملة، وتعزيز جودة حياته. هذا النظام ليس جديدًا، بل نحن نعمل به منذ مئات السنين، ولكن الآن تم توثيقه ضمن إطار قانوني ودستوري".
وأكد: "الفكرة الأساسية هي الحفاظ على كرامة المسن، وتعزيز جودة حياته، وتوفير كل ما يحتاج إليه؛ لضمان حياة كريمة في آخر سنواته. وهذا يشمل الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية التي تتناسب مع احتياجاته، سواء كان ذلك في المنزل أو في دار رعاية متخصصة".
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.