عرب وعالم / السعودية / عكاظ

أسوان والتوأمة السياحية للمدن

بعض المدن تشعر أنها تستقبلك قبل أن تصل إلى المطار، وتشعرك أن كل سكانها يدعونك للقهوة كلما قابلتهم، تلك مدن تظن أنك نشأت بين أهلها وتعلمت في مدارسها لفرط بساطة أهلها على اختلاف مقاماتهم ومواقعهم من المحافظ ومدير الفندق ومسؤول المتحف وسائق التاكسي ونادل المطعم والمقهى. حتى التجّار في أسوان تمنعهم ثقافتهم الأسوانية وأصالتهم العربية من التهافت على عملية البيع قبل تقديم فنجان القهوة أو الشاي! من أين لأهل أسوان هذا النمط الفريد والاستثنائي في المدن السياحية؟ وكيف حافظ أهل أسوان على هذا الأسلوب البسيط المتحضر في آن واحد؟ كيف نجح أهل أسوان وتجّار أسوان بأن يكونوا أصدقاء لزوارهم والسياح الذين يأتون إليهم؟ هل هي الثقة والاعتداد بالنفس والطاقة المستمدة من الرسوخ والطاقة التي يقدمها ويقوم عليها «السد العالي»، أم هي العبقرية المتأصلة في ذهن وعقلية ونفسية أهل أسوان جيلاً بعد جيل والمستوحاة من عمق واتساع عبقرية «العقاد» والذي يقف تمثاله شاهداً على عبقرية فكر العقاد وثقافة العقاد وأفق العقاد؟

لقد أحسنت المنظمة العربية للتنمية الإدارية صنعاً وهي تعقد مؤتمرها السابع للإعلام والذكاء الاصطناعي في محافظة أسوان، والذي كان سبباً للكثير من الحضور في التعرّف على هذه المدينة الوديعة والمكتنزة بالحضارات والتاريخ والآثار والمواقع ذات القيمة البالغة، كما أود أن أسجل شكري وتقديري لإدارة المنظمة العربية للتنمية الإدارية والتي كما يبدو لي أنها تتبنى هدفاً نبيلاً يضاف لأهدافها النبيلة وهو التعريف الممنهج والمبرمج بالمدن العربية ضمن عملها الدؤوب في الوقوف على التجارب المنوعة والمختلفة بغرض الإثراء بالمحتوى المحلي للمؤتمرات واللقاءات والندوات والورش التي تعقدها بشتى المجالات.

أكثر ما يلفت الانتباه عند زيارة مدينة بأهمية مدينة أسوان هو تعذر وجود رحلات جوية مباشرة من وإلى أسوان والمدن مثل وجدة وغيرهما. وهذا في تقديري أحد أسباب اختزال في مدينة واحدة أو مدينتين. هناك الكثير من المدن المصرية الغنية بالتاريخ والحضارات والمقومات السياحية المهمة والجديرة بأن تتاح لكل من يريدون زيارتها والتعرّف على تاريخها وثقافة وأصالة شعبها على غرار مدينة أسوان.

أنا لا أعرف الاعتبارات التي على أساسها يتم إدراج مدينة من المدن في بلد من البلدان ضمن محطات الطيران في هذه الدولة أو تلك، لكني على يقين أن دراسة متعمقة لأسوان سياحياً واقتصادياً وثقافياً كفيلة بتوليد بلورة الكثير من الفرص الاقتصادية والسياحية والاستثمارية للجانبين.

السياحة هي النقل والمواصلات المباشرة، وإن ربط السياحة بالاقتصاد يقتضي أولاً العمل على توفير وتسهيل نظام النقل والمواصلات المباشرة والميسرة بالمدن ذات القيمة الحضارية والثقافية والسياحية، فلا يمكن الحديث عن سياحة ناجحة اقتصادياً دون توفير وسائل النقل والمواصلات المباشرة والمريحة، والأدلة كثيرة ومعروفة في العديد من التجارب.

إن معرفتي بمستهدفات وزارة السياحة السعودية والاهتمام والعمل الكبير الذي يبذله المسؤولون في وزارة السياحة السعودية يجعلني أقترح أن تتبنى وزارة السياحة السعودية برنامجاً اقتصادياً وثقافياً مدروساً يتبنى التوأمة السياحية مع المدن العربية ذات القيمة الحضارية الثقافية التاريخية بالتكامل أو التشابه مع كل مدينة سعودية سياحية على حدة وفقا لمواصفات ومعايير عالمية للتوأمة.

من المهم أن يشمل برنامج التوأمة السياحية السعودية كل المدن العربية ذات القيمة الحضارية والثقافية والاقتصادية العالية، على أن يتسع فيما بعد ليشمل مدنا غير .

أخيراً، أسجل بالشكر والتقدير الفرصة الرائعة التي أتاحها لنا وللمؤتمرين معالي محافظ أسوان اللواء الدكتور إسماعيل محمد كمال وفريقه الكرام للتعرّف على محافظة أسوان من مختلف زوايا الجمال والروعة التي تمتلكها هذه المحافظة الحالمة من عمق حضاري تاريخي ثقافي وموقع جغرافي وتركيبة سكانية رائعة، ستكون مكسباً لأي توأمة بإذن الله.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا