02 ديسمبر 2024, 1:42 مساءً
تُشاطر المملكة العربية السعودية دول العالم ما تواجهه من تحديات بيئية متنامية نتيجة التزايد السكاني وتسارع الوتيرة الصناعية والاقتصادية والعمرانية والزراعية، وتمضي قدمًا وبخطى متسارعة في مواجهة التغير المناخي، وحماية البيئة، ووضع خارطة طريق لتقليل الانبعاثات الكربونية، بالشراكة مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة.
وتسعى المملكة جاهدة للحد من مسببات التغيُّر المناخي، والوفاء بالتزامها بالمعايير والاتفاقيات الدولية في إطار البرامج الدولية المنبثقة عن المنظمات المتخصصة، ومنها اتفاقية باريس للتغيُّر المناخي، الرامية لتجنب التدخلات الخطيرة الناشئة عن أنشطة بشرية في نظام المناخ، حيث إن المملكة تدرك تحديات التصحر وتدهور الأراضي، فهي تعد عرضة لتأثيرات التغير المناخي؛ وذلك لوقوعها في واحدة من أكثر المناطق جفافًا في العالم، فضلًا عن أن 95% من أراضيها صحراوية، أي أن النسبة المتبقية المنتجة تواجه مخاطر من تدهور الأراضي، وإدراكًا منها للدور الرئيسي الذي تمثله الأراضي من خلال مبادرة السعودية الخضراء، التزمت المملكة بإعادة تأهيل أكثر من 74 مليون هكتار من الأراضي، منها 94 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، أعيد تأهيلها.
واضطلاعًا بمسؤولياتها في هذا المجال، أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في عام 2021م إطلاق "مبادرة السعودية الخضراء"؛ بهدف تفعيل دور جميع فئات المجتمع في العمل المناخي والبيئي، وتحقيق طموح المملكة في الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060م، عبر تبني نموذج الاقتصاد الدائري للكربون، كما تعمل على تسريع رحلة انتقال المملكة نحو الاقتصاد الأخضر، حيث تشرف المبادرة على تنفيذ خطة مستدامة وطويلة الأجل للعمل المناخي، وتسترشد بثلاثة أهداف شاملة هي: تقليل الانبعاثات الكربونية، وزراعة 10 مليارات شجرة في أنحاء المملكة خلال العقود القادمة، وحماية 30% من المناطق البرية والبحرية.
وتسلط المبادرة الضوء على التزام المملكة بتحسين جودة الحياة للأجيال الحالية والمستقبلية، والتصدي للتحديات البيئية التي تواجه المنطقة، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات هطول الأمطار، والعواصف الرملية والغبارية والتصحر.
وتجاوزت مبادرة السعودية الخضراء مجرد كونها رؤية لبناء مستقبل أكثر استدامة؛ لتصبح ركيزة أساسية لاتخاذ إجراءات عملية في مجال العمل المناخي والبيئي، ودعمًا لأهدافها ودفعًا لعجلة النمو المستدام أطلقت أكثر من 80 مبادرة، باستثمارات بلغت قيمتها 188 مليار دولار، تتراوح هذه المبادرات من جهود التشجير وحماية التنوع البيولوجي وصولًا إلى خفض الانبعاثات وإنشاء محميات طبيعية جديدة، وتحرز المملكة تقدمًا ملموسًا على صعيد زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، واستعادة المساحات الطبيعية الخضراء، وحماية التنوع البيولوجي.
وتطمح المملكة لأن تصبح أكبر مُصدر ومُنتج للهيدروجين في العالم عام 2030م، باحتجاز أكثر من 27 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون عبر إنتاج أربعة ملايين طن من الهيدروجين النظيف سنويًا.
وحرصًا من المملكة على طرح الحلول الطبيعية لمعالجة الانبعاثات الكربونية في المحافل الدولية، خلصت جلسة نقاش نظمها جناح المملكة بمقر مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP26 الذي استضافته مدينة غلاسكو الأسكتلندية نوفمبر 2021م، إلى أن الحلول الطبيعية تعد جزءًا أساسيًا ضمن خطة الاستجابة العالمية لمعالجة التغيّرات المناخية.
وتناولت الجلسة الحلول الطبيعية التي يمكن استخدامها في منطقة الشرق الأوسط لمعالجة الانبعاثات الكربونية، والتغيُّرات المناخية، حيث أوضح المتحدثون أن هذه الحلول تأتي من خلال حماية الأنظمة الإيكولوجية الطبيعية، وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بتخزينها للكربون وعزله باستخدام عدة تقنيات؛ أبرزها زيادة الرقعة الخضراء ومكافحة التصحُّر، إضافة إلى تقنيات عزل الكربون داخل التربة واستعادة الأراضي الرطبة.
وفيما يتعلق بأنسب التقنيات الطبيعية لمعادلة الانبعاثات الكربونية في منطقة الشرق الأوسط، أشار المتحدثون إلى أن زيادة الرقعة الخضراء من خلال عمليات التشجير الكثيفة تعد من أكثر الطرق الطبيعية الفعالة التي تتبناها دول المنطقة، مبرزين في هذا الإطار جوانب من مبادرة السعودية الخضراء التي تتضمن إلى جانب عددٍ من المبادرات، زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة العربية السعودية خلال العقود القادمة.
ومن الإنجازات التي حققتها المبادرة وفق أهدافها هو التقدم المستمر والملحوظ التي تشهده المملكة في مجال تسريع مسار التحول في قطاع الطاقة؛ وذلك بهدف رفع سعات إنتاج الكهرباء بما يقارب 50% من الطاقة المتجددة من الغاز الطبيعي بحلول 2030م، حيث شهدت المملكة منذ العام الماضي ربط مشاريع طاقة متجددة بسعة 1.3 جيجاوات بشبكة الكهرباء الوطنية، لتصل السعة الإجمالية لمصادر الطاقة المستخدمة إلى 4.1 جيجاوات، أي ما يكفي لتزويد أكثر من 750 ألف منزل بالطاقة الكهربائية، إضافة إلى بدء تشغيل 4 محطات طاقة عالية الكفاءة تعمل بالغاز لتوليد الكهرباء بسعة إجمالية تقارب 5.6 جيجاوات.
وحققت المبادرة إنجازًا في زراعة أكثر من 95 مليون شجرة، وإعادة تأهيل 111 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، أي ما يزيد على مساحة 172 ألف ملعب كرة قدم.
ولزراعة 10 مليارات شجرة أحد أهداف المبادرة الأساسية، أعلنت المملكة خارطة طريق لتعزيز جهود التشجير المستدام، وذلك خلال فعاليات أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي استضافته العاصمة الرياض في شهر أكتوبر 2023م، وأجريت دراسة جدوى تفصيلية على مدار عامين شملت أكثر من 1150 مسحًا ميدانيًا بالتعاون مع أكثر من 50 خبيرًا من أهم الخبراء.
وبلغت نسبة المناطق البرية المحمية (%18.1) ونسبة المناطق البحرية المحمية (6.49%) من إجمالي مساحة المملكة، وجرى إعادة توطين أكثر من 1،660 حيوانًا مهددًا بالانقراض في المحميات الطبيعية المتنامية بالمملكة، بما في ذلك المها العربي وغزال الرمل والوعل، وأسهمت جهود حماية الحياة الطبيعية في ولادة سبعة من صغار النمر العربي في عام 2023، وذلك في إطار برنامج إعادة إكثار وحماية الأنواع المهددة بالانقراض في محافظة الطائف، وفي عام 2024م شهدت المملكة ولادة 4 من صغار الفهد الصياد في إطار الإستراتيجية الوطنية للحفاظ على الفهد الصياد.
وجاء قرار مجلس الوزراء بتحديد يوم 27 مارس من كل عام مناسبة سنوية للتوعية بأهمية العمل البيئي تحت اسم "يوم مبادرة السعودية الخضراء، تأكيدًا لأهمية رفع الوعي بالتأثير الإيجابي للجهود البيئية الجارية في مختلف أنحاء المملكة منذ إطلاق المبادرة في عام 2021م، وتعزيزًا لجهود المجتمع والمؤسسات نحو تحقيق الاستدامة البيئية.
ويسلِّط هذا اليوم الضوء على التأثير الملموس لأكثر من 80 مبادرة يجري تنفيذها من قبل جهات من القطاعين العام والخاص تحت مظلة مبادرة السعودية الخضراء.
وقد أعلن خلال فعاليات النسخة الأولى من منتدى مبادرة السعودية الخضراء التي أقيمت بالعاصمة الرياض خلال شهر أكتوبر 2021م، عن طموح المملكة المتمثل في تحقيق هدف الحياد الصفري بحلول عام 2060م.
وفي عام 2022م، أقيمت فعاليات النسخة الثانية من منتدى مبادرة السعودية الخضراء في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية، تزامنًا مع الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27)، وكشف خلال المنتدى عن عددٍ من المشاريع الكبرى في مجال العمل المناخي والبيئي، بما في ذلك إطلاق مركز معارف الاقتصاد الدائري للكربون، وتأسيس مركز إقليمي لتسريع وتيرة خفض الانبعاثات بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا".
وفي عام 2023م، أقيمت فعاليات النسخة الثالثة من منتدى مبادرة السعودية الخضراء تزامنًا مع الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) في دبي، وخلال المنتدى كشفت المملكة عن تحقيق زيادة بنسبة 300% في حصة الطاقة المتجددة من مزيج الطاقة المحلي منذ عام 2022م، وزراعة أكثر من 43 مليون شجرة في إطار الجهود المستمرة لتحقيق هدف زراعة 10 مليارات شجرة.
ويعود منتدى مبادرة السعودية الخضراء 2024م بنسخته الرابعة إلى العاصمة الرياض تحت شعار "بطبيعتنا نبادر"، ويوفر على مدار يومين منصة مهمة للتعاون الدولي وتسليط الضوء على التقدم الاستثنائي الذي أحرزته المملكة، إضافة لتعزيز الحوارات الدولية بشأن العمل المناخي والبيئي.
وسيشهد المنتدى السنوي تنظيم العديد من الجلسات المتخصصة؛ بهدف استكشاف أفضل الممارسات والاطلاع على أحدث الابتكارات، واستعراض التقدم المحرز على صعيد تحقيق أهداف المبادرة، وذلك في إطار المساعي المستمرة لتعزيز آفاق التعاون وتسريع وتيرة الجهود الهادفة إلى بناء مستقبل أكثر استدامة.
ويعقد منتدى مبادرة السعودية الخضراء 2024م بنسخته الرابعة؛ دعمًا لمؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (COP16) الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي ينطلق بالرياض في الفترة بين 2 حتى 13 ديسمبر 2024م، مُعَزَّزًا بأجندة حافلة بالأنشطة لدفع العمل متعدد الأطراف بشأن تدهور الأراضي والجفاف والتصحر.
ويحرص مؤتمر الأطراف (COP16) في الرياض على اتخاذ إجراءات فورية وعاجلة متعددة الأطراف، من أجل تحقيق هدف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر المتمثل في استعادة 15 مليار هكتار من الأراضي بحلول 2030م، حيث تشير أحدث دراسة للأمم المتحدة إلى أن 90% من تربة الأرض معرضة لخطر التدهور بحلول عام 2050م.
وتقدم رئاسة المملكة لمؤتمر الأطراف (COP16) حدثًا استثنائيًا حجمًا وطموحًا، حيث يقام بحضور عدد من كبار الشخصيات وصُنّاع السياسات والمؤسسات العالمية والشركات والمنظمات غير الحكومية والجهات المعنيّة؛ بهدف تسريع المبادرات العالمية لاستعادة خصوبة الأراضي، وتعزيز القدرات على مواجهة الجفاف.
وتلتزم المملكة برفع مستوى الوعي العالمي بالقضايا والحلول ذات الصلة بتدهور الأراضي والجفاف والتصحر، حيث ستشهد الأيام الأولى من المؤتمر، عددًا من المنتديات والفعاليات البارزة، والحوارات الوزارية، وإعلان مزيد من الإجراءات والمبادرات الرامية لمعالجة التحديات الملحّة المرتبطة بتدهور الأراضي والجفاف، الأمر الذي سيتيح الفرصة للقطاعين العام والخاص والمنظمات غير الحكومية والمجتمع العلمي على الالتقاء؛ بهدف تبادل الأفكار وإيجاد الحلول العاجلة وتمويلها.
ويعد مؤتمر الأطراف (COP16) في الرياض فرصة لتوعية المجتمع الدولي حول علاقة الترابط القوية بين أرضنا ومحيطاتنا ومناخنا، وأن وضع حلول مستمدة من الطبيعة سيساعد وحده في خفض النسبة المطلوبة البالغة 37% من ثاني أكسيد الكربون بكلفة فاعلة بحلول عام 2030م، للحفاظ على الاحتباس الحراري العالمي أقل من درجتين مئويتين، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الجهود المشاركة.
ويؤكد المؤتمر أهمية اتحاد الدول معًا لتغيير المسار ومعالجة كيفية استخدام الأراضي، والمساهمة في تحقيق أهداف المناخ، وسد فجوة الغذاء، وحماية البيئات الطبيعية، حيث يمكن للأراضي الصحية أن تساعد على تسريع وتيرة تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة الـ 17، ويحذر من أن 75% من المياه العذبة تنشأ من الأراضي المزروعة، بينما تسهم النباتات في حماية 80% من التربة العالمية.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.