بعدما ساعد "إيلون ماسك" حليفه المقرب "دونالد ترامب" في العودة للبيت الأبيض لولاية ثانية، لم يقتصر اهتمامه على السياسة الأمريكية فحسب بل يسعى لتوسيع نفوذه السياسي إلى أوروبا وربما إلى العالم أجمع.
على الرغم من انشغاله بطموحه التجاري واسع النطاق وسلسلة الشركات الكبرى التي يشارك في إدارتها بما يشمل "تسلا" و"سبيس إكس" و"ستارلينك" و"بورينج كومباني" و"نيورالينك"، إلا أن "ماسك" برز على الساحة السياسية الأمريكية في العام الماضي، ودعم "ترامب" والجمهوريين بشدة في الانتخابات.
وحتى قبل الانتخابات الرئاسية، اعتاد "ماسك" – الذي ولد في جنوب إفريقيا – على تقديم تعليقات سياسية عبر منصة "إكس"، وكان على اتصال منتظم بالرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، حسبما ذكرت "وول ستريت جورنال"، وفي عام 2023 تناول العشاء مع الرئيس الصيني "شي جين بينج" وغيره من الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا في سان فرانسيسكو.
ومنذ الانتخابات، قام بأدوار مختلفة، منها سفره مع "ترامب" إلى باريس لإعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام، والتقى بسفير إيران لدى الأمم المتحدة في نوفمبر، حسب صحيفة "نيويورك تايمز"، وانضم لمكالمة هاتفية بين "ترامب" والرئيس الأوكراني "فولديمير زيلينسكي".
واختاره الرئيس الأمريكي المنتخب لمنصب الرئيس المشارك للهيئة الاستشارية الجديدة "إدارة كفاءة الحكومة" التي ستقدم توصيات واسعة النطاق حول خفض الإنفاق الحكومي وإلغاء القيود التنظيمية.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
وفي الأيام الأولى من 2025 وقبل تنصيب "ترامب" رسميًا، انطلق الرجل الأكثر ثراءً في العالم إلى المسرح العالمي عبر منصته "إكس" لكتابة منشورات مثيرة للجدل ضد العديد من زعماء العالم، إلى متابعيه البالغ عددهم 210 ملايين تقريبًا.
ما أثار تساؤلات ومخاوف حول ما إذا كان الملياردير يعمل بتوجيه من "ترامب"، أم أنه يسعى لوضع بصمته على العالم وتوسيع نطاق نفوذه إلى ما هو أبعد من الأعمال التجارية، حتى لو سبب ذلك إزعاجًا للرئيس السابع والأربعين للبلاد.
جبهة أوروبية موحدة ضد ماسك
يواجه ملياردير قطاع التكنولوجيا انتقادات واسعة النطاق في العواصم الأوروبية في الوقت الراهن، في ظل محاولاته لتوسيع نجاحه السياسي إلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.
وأدان زعماء أربع دول أوروبية: فرنسا وألمانيا والنرويج والمملكة المتحدة نفوذ "ماسك" في بيانات منفصلة هذا الأسبوع، محذرين من أن الرجل الأكثر ثراءً في العالم لا ينبغي له التدخل في سياسة بلدانهم.
وهاجمه الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" قائلاً: من كان ليتخيل قبل 10 سنوات أن مالك إحدى أكبر شبكات التواصل الاجتماعي في العالم سيتدخل بشكل مباشر في الانتخابات، بما في ذلك ألمانيا؟، مشيرًا إلى تأييد "ماسك" لحزب سياسي ألماني يميني متطرف في الانتخابات التشريعية.
وأعلن "ماسك" بالفعل دعمه لحزب البديل في مقال للرأي بالصحيفة الألمانية "فيلت ام زونتاج"، وزعم أن استثماراته الكبرى في ألمانيا أعطته الحق بالتحدث عن سياسة الأمة.
وفي ألمانيا، انتقدت حكومة المستشار "أولاف شولتز" المدير التنفيذي لـ"سبيس إكس"، وتوقعت أن منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي لن تنجح مع الشعب.
وحذر رئيس الوزراء البريطاني "كير ستارمر" –الذي كان محورًا لانتقادات "ماسك" حيث اتهمه بالفشل في التصرف ضد إساءة معاملة الأطفال ودعاه للتنحي– من أن المدير التنفيذي لـ "تسلا" قد تجاوز الحد.
كما ندد رئيس الوزراء النرويجي "يوناس جار ستور" بنفوذ "ماسك" السياسي، وصرح في مقابلة أجريت هذا الأسبوع مع إذاعة "إن آر كيه": أجد أنه من المقلق أن يتدخل رجل يتمتع بإمكانية الوصول الهائلة لوسائل التواصل الاجتماعي والموارد الاقتصادية الضخمة في الشؤون الداخلية لدول أخرى بشكل مباشر.
استمرار التدخل السياسي
لكن "ماسك" لم يعلق بشكل مباشر على تلك التصريحات، وطلب استجابة على استطلاع رأي يسأل عما إذا كانت أمريكا يجب أن تحرر شعب بريطانيا من حكومتهم الاستبدادية.
كما روج لصفقة محتملة لخدمة إنترنت بين "سبيس إكس" والحكومة الإيطالية بقيادة رئيسة الوزراء "جورجيا ميلوني"، واحتفل باستقالة رئيس الوزراء الكندي "جاستن ترودو"، وتكهن بإمكانية أن تصبح جرينلاند جزءًا من الولايات المتحدة.
وذكرت "أنا جرزيمالا بوس" مديرة المركز الأوروبي بجامعة "ستانفورد" أن عداء "ماسك" يثير قلق الزعماء الأوروبيين كعلامة محتملة على كيفية تعامل "ترامب" مع أوروبا بمجرد عودته إلى البيت الأبيض في العشرين من يناير.
وذكر "ليندسي جورمان" المدير والزميل لدى "صندوق مارشال الألماني": هل سينفذ "ماسك" أجندة السياسة الخارجية لـ "ترامب"؟، ويكون بمثابة سفير شخصي للرئيس في كل مكان.. أم سيقدم رؤيته الخاصة للشؤون العالمية؟ والتي قد تتوافق مع "ترامب" في بعض المجالات، ولكن ليس في نواح أخرى.
الرئيس ماسك؟
على الرغم من إنه لا يوجد سبب واضح حتى الآن وراء تدخلات "ماسك" في الشؤون البريطانية أو الألمانية وغيرها من السياسة الخارجية، إلا أن تكرار تصريحاته في الآونة الأخيرة يُظهر عزمه على نشر آرائه على نطاق واسع على الساحة العالمية.
وتشير التشابكات الدولية التي يواجهها "ماسك" إلى سعيه للتأثير على الشؤون الخارجية بشكل مباشر أكثر من خلال علاقته الوثيقة بـ "ترامب"، وخاصة بالطرق التي قد تخدم مصالحه التجارية العديدة.
بينما قلل "ترامب" من أهمية الحديث عن نفوذ "ماسك" المتزايد في السياسة، رغم أنه ساعد في إحباط مشروع قانون تمويل حكومي حاسم، مما أجبر المشرعين على إيجاد بديل مقبول من شأنه تجنب إغلاق الحكومة، وهو ما دفع المنتقدين الديمقراطيين في الإشارة إليه بسخرية باسم "الرئيس ماسك".
وبالفعل، علق "ترامب" على المخاوف المتزايدة بشأن الدور الذي قد يلعبه حليفه المقرب في الإدارة الأمريكية القادمة قائلاً: لا، لن يتولى الرئاسة، سأكون رئيسًا للولايات المتحدة وليس "ماسك".
وأشار "ترامب" إلى أن الدستور الأمريكي يمنع "ماسك" – المولود خارج البلاد – من أن يُصبح رئيسًا فعليًا للولايات المتحدة.
هل يسمح ترامب بتنامي نفوذ ماسك؟
لكن ربما يشير تسامح "ترامب" مع هجمات "ماسك" الشرسة على القادة الحلفاء إلى أن الأشهر المقبلة قد تكون أكثر صعوبة بالنسبة لحلفاء أمريكا مقارنة بولايته الأولى، لأن تلك الصراعات ستشكل مشكلات للولايات المتحدة ومسؤولي السياسة الخارجية الأمريكية.
إلى جانب أن الصراعات الواضحة بين السياسة الأمريكية ومصالح "ماسك" التجارية تشكل تعقيدًا آخر، على سبيل المثال الصين التي تشكل أهمية كبرى لأعمال صانعة السيارات "تسلا"، وبالتالي قد يؤثر الملياردير على نهج "ترامب" بالنسبة لبكين.
ويمكن أن تكون نقطة التوتر الأخرى القادمة هي الحرب في أوكرانيا، التي وعد "ترامب" بإنهائها سريعًا، لكن ذلك سيأتي على حساب خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية "ستارلينك" التي يقدمها "ماسك" وتستخدمها أوكرانيا لدعم حربها ضد روسيا.
لكن حتى نجل "ترامب" الأكبر سعى للتقليل من تلك المخاوف وقال في مؤتمر عقد في فينيكس خلال ديسمبر: أنت ترى ما تحاول وسائل الإعلام للقيام به لتفكيك العلاقة التي تربط والدي بـ "إيلون"، إنهم يحاولون التسبب في حدوث انقسام لمنعهما من القيام بما سيفعلانه على أفضل وجه، ولا يمكننا السماح بذلك.
وذكر السيناتور الجمهوري "ماركوين مولين" في مقابلة مع "إن بي سي نيوز" أن "ماسك" يلعب دورًا مهمًا في المساعدة في القضاء على هدر الحكومة، وعن استخدامه لمنصة التواصل الاجتماعي قال: يحق له أن يفعل ذلك، فهو لا يزال مواطنًا عاديًا، ولا يختلف عن أي شخص آخر.
لكن التاريخ يظهر أن "ترامب" لا يقبل بتفوق أي شخص آخر مقرب منه عليه أو يسمح بتحويل الانتباه عنه، وبالتالي فإنه لن يسمح بتضاؤل قوته بمرور الوقت مقارنة بالقوة التي يتمتع بها "ماسك".
إلا أنه ربما لا يريد "ترامب" خلافًا مع "ماسك" في الوقت الحالي لأنهما يتقاسمان مصالح مشتركة، وخاصة بعدما أنفق "ماسك" أكثر من 250 مليون دولار لمساعدة "ترامب" للعودة للبيت الأبيض من جديد.
المصادر: أرقام - نيويورك تايمز - إن بي سي –واشنطن بوست –سي إن إن– الجارديان – رويترز– وول ستريت جورنال.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.