قبل أيام قليلة من التصويت الحاسم الذي يتجه فيه الناخبين في أمريكا إلى صناديق الاقتراع يواصل الديمقراطيين والجمهوريين الاختلاف على الكثير من القضايا الرئيسية وسبل معالجتها لكنهما يتفقان إلى حد كبير على أمر واحد وهو مواصلة الضغوط الاقتصادية والاستراتيجية على الصين.
في وقت تكافح فيه الصين بالفعل للتعافي الكامل من آثار الضوابط الصارمة التي فرضت أثناء الوباء، وسط تباطؤ في النمو وأزمة سوق العقارات وغيرها من التحديات.
الرئيس الأمريكي والحرب التجارية مع الصين
أدى تولي "ترامب" الرئاسة في 2017 إلى تكثيف التدهور في العلاقات مع الصين الذي بدأ في عهد "باراك أوباما"، وبدأت إدارة "ترامب" حربًا تجارية مع الصين بعد فرض تعريفات جمركية تصل إلى 25% على مجموعة من السلع الصينية.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
وخلال ولايته الأولىشن أيضًا حملة ضد شركة الاتصالات "هواوي"، واستخدم لغة عنصرية لوصف الفيروس المسبب للوباء والذي ظهر لأول مرة في الصين.
استمرت سياسات الرئيس الحالي "بايدن" في تقييد التجارة مع الصين لكن بشكل أكثر استهدافًا سعيًا لحماية بعض الصناعات الحيوية لاستمرار التفوق الأمريكي.
منها مضاعفة "بايدن" التعريفات الجمركية إلى 100% على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين، وقيَد تصدير بعض المنتجات التقنية من أجل حماية الأمن القومي.
في عام 2022، منعت إدارة "بايدن" فعليًا تصدير أشباه الموصلات المتقدمة والمعدات المعقدة اللازمة لتصنيع الرقائق في الصين، مما أعاق طموح الصين في بناء صناعة رقائق تنافسية وتقدمها في قطاعات رئيسية مثل الذكاء الاصطناعي.
أما بالنسبة للرئيس المقبل، فإذا تم انتخاب "هاريس"، فإنها ستحافظ على التعريفات الجمركية المستهدفة على السلع الصينية لأسباب تتعلق بالأمن القومي، لكن "ترامب" وعد برسوم أكثر عدوانية 60% أو أعلى على السلع المصنوعة في الصين.
وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا لثاني أكبر اقتصادات العالم، لأنه يعتمد بصورة كبيرة على الطلب الأجنبي وخاصة من الولايات المتحدة للحفاظ على تشغيل المصانع، ويساهم التصنيع بقدر كبير في الاقتصاد ويعوض عن الأزمة التي ضربت سوق الإسكان.
أي المرشحين أفضل؟
تشعر الصين بأنها محاصرة بشكل متزايد بسبب الجهود الأمريكية وخاصة من قبل إدارة الرئيس "جو بايدن" لتعزيز التحالف مع العديد من جيران الصين بما يشمل اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين والهند هذا إلى جانب تايوان التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها.
لكن من غير الواضح بعد المسار الذي ستسلكه المرشحة الديمقراطية بشأن الصين إذا فازت في الخامس من نوفمبر، ومع ذلك فمن المتوقع إلى حد كبير أن تتماشى مع سلفها، مع اختلافات قليلة.
من المحتمل أن تواصل نائبة الرئيس الحالي تلك الجهود، بينما ربما يكون "ترامب" أقل التزامًا ببناء أو الاهتمام بالتحالفات الدولية.
كما أن "بايدن" عبر عن دعمه لتايوان وأعلن أن الولايات المتحدة ستدافع عن الجزيرة عسكريًا، وهو ما يجعل "ترامب" أقل تهديدًا من وجهة نظر بكين.
لكن خلال الحملة الانتخابية، أكد كل من "ترامب" و"هاريس" على احتواء طموحات بكين الاستراتيجية في آسيا والرد على تحركات الصين تجاه تايوان.
وبالفعل ذكر "ترامب" أنه إذا عاد للبيت الأبيض فإن الصين لن تجرؤ على استفزازه، ووصف سياسته الخارجية بـ "أمريكا أولاً"، على الرغم من أن منتقديه يرون أنها سياسة انعزالية.
وقال في حديث مع "وول ستريت جورنال" أنه إذا انتخب رئيسًا فسوف يفرض رسومًا جمركية على الصين من 150% إلى 200% إذا سعت لحصار تايوان.
وزعم أن أعداء أمريكا لن يتصرفوا ضد مصالح البلاد في ظل ولايته الثانية لأنهم سيخشون رد فعل قوي وغير متوقع، وأنه لن يضظر لاستخدام القوة العسكرية لمنع حصار تايوان قائلًا: لأن الرئيس الصيني "شي" يحترمني ويعرف أنني مجنون.
السياسة الأمريكية وطموح الصين
القضية الحيوية أيضًا بالنسبة للصين هي كيفية تعامل رئاسة "ترامب" المحتملة مع الحرب في أوكرانيا، إذ تتخوف بكين من اتخاذ الملياردير خطوات لإصلاح العلاقات الأمريكية مع روسيا والرئيس "فلاديمير بوتين" وهو الحليف الرئيسي للزعيم "شي جين بينج" على الساحة العالمية.
لأن انتهاء تلك الحرب – وهو أمر أدعى "ترامب" إمكانية تحقيقه سريعًا –من شأنه إعادة تركيز الولايات المتحدة بصورة أكبر على منطقة آسيا والمحيط الهادىء وهو ما لا ترغب فيه الصين.
لكن بشكل عام لا يزال يُنظر لـ "ترامب" في دوائر السياسة في بكين على أنه قد يقود العلاقة بين البلادين إلى نمط أكثر توترًا عما قد تفعله "هاريس".
لأن من المتوقع أن تسلك نائبة الرئيس الحالي مسارًا مشابهًا لما اتبعه "بايدن" من حيث الحفاظ على الضغط على الصين للحد من تطوير تقنياتها وجيشها، مع الحفاظ على تبادل الحوار بين البلدين.
أيهما تختار الصين؟
بالنسبة للشعب الصيني بشكل عام، ففي الأغلب النتيجة بالنسبة لهم متشابهة سواء فوز "ترامب" أو "هاريس"، لأن هدف أي من المرشحين هو الحد من صعود الصين على الساحة العالمية.
كانت "هاريس" غير معروفة نسبيًا بالنسبة لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الصين قبل أن تصبح مرشحة الحزب الديمقراطي بعد انسحاب "بايدن" من السباق الرئاسي في يوليو.
ذكر "وو شينبو" مدير مركز الدراسات الأمريكية بجامعة "فودان" في شنغهاي: الناس ليسوا متفائلين بشأن هذين المرشحين، لأن قدراتهما لا يمكن مقارنتها بتلك التي كانت لدى الرؤساء السابقين، وهذا ضمن الأسباب التي تجعل مستوى الاهتمام العام في الصين بالانتخابات أقل مما كان عليه في التصويتين السابقين.
وأضاف "وو" لشبكة "سي إن إن" أن السبب الآخر والأكثر أهمية هو أن الكثيرين يعتقدون أنه بغض النظر عمن سيتم انتخابه، فإن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين لن تتحسن على أي حال.
بينما يتوقع قادة الحزب الشيوعي على الأرجح أن يكون هناك تحسن طفيف العلاقات المتوترة بين البلدين بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات.
ويرى "علي واين" الخبير في العلاقات بين البلدين بمجموعة "إنترناشونال كرايسز" أن المنافسة الاستراتيجية بين أمريكا والصين على وشك أن تشتد بغض النظر عمن يتولى رئاسة البلاد في يناير 2025.
وذلك لأن التحديث العسكري الذي تقوم به الصين والجاذبية التي تكتسبها في مختلف أنحاء العالم النامي بسبب انتقاداتها للنظام الدولي كلها تشكل تحديات جيوسياسية شائكة للرئيس الأمريكي المقبل.
لذلك،أيًا كان الفائز في السباق الانتخابي -رغم اختلاف نهج المرشحين - فإن الرئيس الأمريكي القادم سيكون من أشد المعارضين للصين وستظل التوترات في العلاقات بين واشنطن وبكين قائمة.
المصادر: نيويورك تايمز – ذا كونفرزيشن– سي إن إن - ذا أتلانتك - واشنطن بوست - بي بي سي – وول ستريت جورنال.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.