تغير المناخ هو أزمة صحية عالمية، وهذا يشمل الصحة العقلية. اكتشف كيف يؤثر ذلك على صحتنا العقلية؟ وما الذي يمكن فعله لمنعه وإدارته؟
يؤدي تغير المناخ إلى زيادة تواتر الظواهر الجوية وتطرفها مثل الفيضانات والعواصف، وما يصاحبها من أحداث صادمة، قد تؤثر على الكثير من الأشخاص الذين يعيشون من خلال هذه الأحداث المحتملة مثل مشاهدة إصابة خطيرة أو الموت.
نتيجة لذلك، سيعاني العديد من الأشخاص من مستويات أعلى من الضيق النفسي وقد يصاب عدد قليل منهم بمشاكل صحية عقلية أكثر خطورة، مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) أو الاكتئاب.
كما يُمكن أن يكون لأحداث الطقس المتطرفة أيضًا، تأثيرات على بعض المحددات الاجتماعية والاقتصادية للصحة العقلية من خلال التسبب في البطالة أو التشرد أو انعدام الأمن الغذائي والمائي. وهذا بدوره يمكن أن يؤثر بشكل ضار على الصحة العقلية.
الحرارة والصحة العقلية
يتسبب تغير المناخ في ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم، مما قد يكون له مجموعة متنوعة من الآثار الضارة على الصحة العقلية. على سبيل المثال، تصل معدلات الانتحار لأعلى مستوياتها خلال موجات الحر، ومن المتوقع أن تزداد مع ارتفاع درجات الحرارة.
على الرغم من أن الأدلة على العلاقة بين الحرارة والانتحار لا تزال مختلطة؛ حيث لا يوجد حتى الآن فهم جيد لما يربط الحرارة بسوء الصحة العقلية. إحدى الفرضيات هي أن درجات الحرارة المرتفعة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الحالة المزاجية، مما يؤدي إلى شعور الأفراد بمزيد من الانفعال والتوتر وتفاقم أعراض مشاكل الصحة العقلية. على الصعيد العالمي، ثبت أن فترات الموجات الحارة مرتبطة بمزيد من المشاعر السلبية التي يتم التعبير عنها عبر الإنترنت.
هذا، ويمكن أن تؤدي ارتفاع الحرارة أيضًا إلى قلة النوم، والتي بدورها ستؤدي إلى تفاقم مشاكل الصحة العقلية. وفي هذا الصدّد، تُجدر الإشارة إلى إحدى الدراسات التي حللت عشرة مليارات ملاحظة للنوم، وتوصلت إلى أن ليالي الاحترار المرتفعة، تعمل على تآكل نوم الإنسان على مستوى العالم وبشكل غير متساوٍ؛ حيث يكون هذا التأثير أكبر بثلاث مرات بالنسبة لسكان البلدان منخفضة الدخل.
كما تجدر الإشارة إلى دراسة صادرة عن مجلة Sleep Health، والتي أكدت أنه هناك علاقة وطيدة بين تلوث الهواء والحرارة والمستويات العالية من الضوضاء وثاني أكسيد الكربون، وبين قدرات الأفراد على الحصول على نوم جيد ليلاً. كما وجد الباحثون أنه في مجموعة مكونة من 62 مشاركًا تم تتبعهم لمدة أسبوعين باستخدام أجهزة مراقبة النشاط وسجلات النوم، أن درجة الحرارة مرتبطة بشكل مستقل بتقليل كفاءة النوم. وأكد كبير الباحثين ماتياس باسنر، الأستاذ بجامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة، إن هذه النتائج تسلط الضوء على أهمية بيئة غرفة النوم؛ للنوم عالي الجودة.
وبُناء على ما سبق، يمكن أن تؤدي بعض الأدوية الخاصة بمشكلات الصحة العقلية إلى تعطيل قدرة الجسم على تنظيم درجة الحرارة، مما يعني أن الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية معرضين للخطر بشكل خاص في درجات الحرارة المرتفعة.
تلوث الهواء والصحة العقلية
لقد ثبت أن تغير المناخ وزيادة درجات الحرارة يزيدان من مستويات مسببات الحساسية والملوثات الموجودة في الهواء، مما يؤدي إلى تدهور جودة الهواء. هذا، وتُشير الدلائل الناشئة إلى أن نوعية الهواء الرديئة يمكن أن تؤثر سلبًا على الصحة العقلية. ومن هذا المنطلق، أظهرت إحدى الدراسات التي أُجريت على جميع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا والمسجلين في برنامج Medicare المتحدة أن التعرض قصير المدى للملوثات من NO2، كان مرتبطًا بارتفاع مخاطر دخول المستشفى الحاد بسبب الاضطرابات العقلية. وبالمثل، تم ربط المستويات المرتفعة من تلوث الهواء بزيادة استخدام خدمات الصحة العقلية بين الأشخاص المصابين باضطرابات ذهنية أو مزاجية في المملكة المتحدة.
كما تبين أن التعرض لتلوث الهواء أثناء الطفولة والمراهقة يرتبط بتطور مشاكل الصحة العقلية مع انتقال الشباب إلى مرحلة البلوغ؛ حيث يُقترح أن هذا يرجع إلى تلوث الهواء الذي يضعف التطور الطبيعي للجهاز العصبي المركزي.
الأمراض المُعدية والصحة العقلية
يُعّدُ تغير المناخ عاملًا رئيسيًّا في ظهور الأمراض المعدية، مثل الملاريا وحمى الضنك وزيكا في أجزاء متنوعة من العالم؛ حيث يُمكن أن يتأثر بقاء وتكاثر ووفرة وتوزيع مسببات الأمراض وناقلات الأمراض والعوائل بالتغيرات المرتبطة بالاحترار العالمي.
هذا، وتُجدر الإشارة إلى ارتباط الصحة البدنية بالصحة العقلية ارتباطًا جوهريًا؛ حيث التعرض لمعدلات أعلى من الأمراض المعدية يمكن أن يكون له آثار ضارة كبيرة على الصحة العقلية بسبب دخول المستشفى أو العيش مع العواقب طويلة المدى للعدوى الشديدة. فضلًا عن أنه يمكن للأشخاص الذين يعيشون في ظروف معينة، مثل أمراض المناطق المدارية المهملة، أن يواجهوا أيضًا العديد من الأمراض المعدية.
القلق المناخي
وجدت إحدى الدراسات التي شملت 10 آلاف طفل وشاب في 10 دول، أن 45٪ من المستجيبين، ذكروا أن مشاعرهم حول تغير المناخ أثرت سلبًا على أدائهم اليومي. كما وجدت دراسة أخرى أن المشاعر السلبية المرتبطة بالمناخ كانت مرتبطة بمزيد من أعراض الأرق وضعف الصحة العقلية.
يُجادل البعض بأن هذه تمثل ردود فعل نفسية تكيفية وبناءة لتغير المناخ، وأنه لا ينبغي معالجتها. وعلى جانب آخر، هناك أدلة ناشئة على أن المستويات الأعلى من القلق المناخي يمكن، في بعض الحالات، أن تكون مرتبطة بمستويات أعلى من السلوكيات المؤيدة للبيئة.
من هم الأكثر عرضة لخطر تأثيرات تغير المناخ على الصحة العقلية؟
على الرغم من أن تغير المناخ هو ظاهرة عالمية، لكن آثاره محسوسة بشكل غير متساو في جميع أنحاء العالم. وينطبق الشيء نفسه على آثار تغير المناخ على الصحة العقلية؛ حيث من المرجح أن تتعرض المجتمعات ومجموعات الأشخاص الأقل قدرة على التكيف مع تغير المناخ إلى المعاناة من وطأة عواقبه على الصحة العقلية.
في حين أن معظم الأبحاث حول تغير المناخ والصحة العقلية قد أجريت في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا، أشارت إلى أن العديد من الأماكن الأكثر عرضة لتغير المناخ تقع في بيئات منخفضة ومتوسطة الدخل. غالبًا ما تكون هذه المجتمعات أكثر عرضة لخطر التعرض لتغير المناخ مثل الجفاف ولديها موارد أقل للتكيف معها.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة العين الاخبارية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من العين الاخبارية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.