المراهقة من المراحل الأكثر حساسية في حياة الإنسان؛ حيث يمر المراهقون بتغيرات نفسية، عاطفية، وجسدية معقدة أثناء هذه الفترة، وبها تتشكل هوية شخصيتهم ، وتتبلور القيم والمعتقدات لديهم، وما يتبع هذا من تقلبات في المشاعر والتوجهات، وأكثر وأشد ما يحتاج إليه المراهقون في هذه المرحلة هو الدعم العاطفي والنفسي من الأسرة والمجتمع المحيط.
لكن ما يحدث -فعلياً- أن هناك فجوة بين احتياج المراهق من الدعم العاطفي، وبين ما يقدمه الأهل، ما يتسبب في وجود مشاعر من العزلة أو عدم الفهم بينهما، تترجم في شكل توترات بين الآباء والأبناء، وفي هذا التقرير يوضح الدكتور جمال مرسي مأمون أستاذ الطب النفسي والعلاج السلوكي حقيقة الفجوة بين الاحتياج العاطفي للمراهق وما يقدمه الأهل فعلياً ، وطرق لتعزيز التواصل الفعّال بين الطرفين.
مفهوم الفجوة العاطفية
الفجوة هنا تعني الاختلاف في فهم المشاعر بين الأهل والمراهقين؛ حيث لا يدرك الأهل بشكل كامل التغيرات النفسية والعاطفية التي يمر بها المراهقون.
والحقيقة أن غالبية الآباء يعتقدون أن أبناءهم يتلقون الدعم العاطفي الكافي منهم، بينما المراهقون في وادٍ ثان؛ حيث يشعرون بشيء مختلف تماماً.
وربما أن المراهقين في هذه المرحلة قد يكونون مشغولين بالتعامل مع مشاعر أخرى؛ كالارتباك، القلق والغضب، نتيجة للتغيرات الهرمونية التي يمرون بها.
بل ويزداد شعور المراهق بالعزلة العاطفية، عندما لا يستطيع الآباء التقاط إشاراته أو لا يتفهمونها، وقد تكون الأسرة غير قادرة على تقديم هذا الدعم العاطفي المطلوب.
بعض الأهل يكتفون بتقديم كل ما هو ضروري ؛ كتوفير الاحتياجات المادية، أو توجيه النصائح في الأمور الحياتية، وهذا لا يترجم في نظر المراهق إلى دعم عاطفي.
وللتقليل من حجم الفجوة؛ من المهم أن يعي الوالدان أن الدعم العاطفي لا يقتصر على الاحتياجات المادية أو تقديم النصائح، بل يتطلب أيضاً الاستماع الفعّال لمشاعر المراهقين، والوقوف إلى جانبهم في الأوقات العاطفية الصعبة.
طرق للتواصل والحوار مع المراهق ..جرّبيها والنتائح مطمئنة
خطوات لتقريب الفجوة
على الآباء أن يكونوا أكثر انتباهاً للمشاعر غير اللفظية التي يظهرها أبناؤهم المراهقون، والتعرف إلى التغييرات الداخلية والأبعاد الاجتماعية، وتأثيرها على الدعم العاطفي.
حيث يواجه المراهقون تحديات اجتماعية تؤثر بشكل كبير على مشاعرهم والصورة التي يشكلها المراهق في ذهنه، ما يؤثر بشكل مباشر على نظرته وحاجته للدعم.
لا يعرف الآباء أن المراهقين في هذه المرحلة يكونون غالباً في حالة من التمرد والحاجة لإثبات استقلالهم، ما يجعلهم يرفضون أساليب الآباء التقليدية فتزداد الفجوة بينهما.
العلاج: من الضروري أن يفهم الأهل أن الدعم العاطفي في هذه السن لا يتطلب النصائح أو توجيه التعليمات، بل يشمل التفاعل الوجداني والتفهم.
أن يظهروا استعداداً للاستماع إلى مشاعر أبنائهم دون إصدار أحكام مسبقة أو فرض حلول سريعة، والحوار المفتوح هو الطريقة المثلى.
الضغوط الاجتماعية والعاطفية التي يتعرض لها المراهقون
نعم الضغوط الاجتماعية التي يتعرض لها المراهقون اليوم، في عصر الرقمنة والانفتاح من أهم الأسباب التي تساهم في سد هذه الفجوة.
المراهقون مضطرون للامتثال لمعايير ومقاييس معينة، سواء من حيث المظهر أو النجاح الاجتماعي، وهذا يؤثر بشكل كبير على مشاعرهم النفسية والعاطفية.
يزداد الضغط على المراهقين بسبب المقارنة بأقرانهم على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يظهر الآخرون في أفضل حالاتهم، ما يشعر البعض الآخر بالنقص أو العزلة، ورغم هذا، قد يعتقد الأهل أن المراهقين لا يحتاجون سوى اهتمامهم ورعايتهم التقليدية، مثل دعمهم في المدرسة أو ضمان التوجيهات السلوكية السليمة.
العلاج: لتقليص الفجوة بين ما يشعر به المراهقون وما يعتقده الأهل، من الضروري أن يكون لدى الوالدين وعي كافٍ بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للمراهقين، مع محاولة التحدث مع الأبناء حول تأثير هذه الوسائل وكيفية التعامل مع المشاعر السلبية التي قد تنتج عنها، و أن يكونوا أكثر استجابة لمشاعر القلق والاكتئاب بسبب هذه الضغوطات.
تفاوت الأجيال وطرق التعبير عن الدعم العاطفي
قد تكون هناك فجوة كبيرة في طريقة التعبير عن الدعم العاطفي بين الأجيال؛ فالوالدان قد يكونان قد نشآ في بيئات اجتماعية أكثر تحفظاً.
على عكس جيل المراهقين اليوم الذي يشهد تغييرات ثقافية كبيرة في طريقة التعبير عن المشاعر؛ فقد يعتقد الوالدان مثلاً أن تقديم الدعم العاطفي بشكل ملموس، كشراء الهدايا أو توجيه النصائح، في حين أن المراهق قد يحتاج للتواصل الوجداني والقبول.
العلاج : يجب على الأهل أن يكونوا مستعدين للتكيف مع طرق التعبير المختلفة عن الدعم العاطفي، فمن المفيد جداً أن يعبّر الوالدان عن مشاعرهما بشكل صريح.
اظهروا محبتكم واهتمامكم بأبنائكم من خلال الأفعال؛ كالاحتضان أو قضاء وقت ممتع معهم، الشعور بأنهم محبوبون يعزز الروابط العاطفية بين الآباء والأبناء.
فتح قنوات التواصل وتخفيف التوقعات
في كثير من الأحيان، تفرض الأسر توقعات عالية على أبنائها المراهقين في مجالات متعددة، مثل النجاح الأكاديمي، الانضباط، والتحصيل الاجتماعي.
ومع هذه التوقعات، قد يشعر المراهق بعدم القدرة على التلبية، أو أنه لا يحقق ما يتوقعه الوالدان منه، ما يزيد من شعور المراهق بالعزلة وتعزز الفجوة.
كما يجب على الوالدين أن يكونا أكثر مرونة في توقعاتهما، و أن يُظهِرا تقبلهما لأبنائهما المراهقين كما هم، دون تحميلهم عبئاً ثقيلاً من التوقعات.
على الوالدين أن يكونا مستعدين للاستماع والتفهم بدلاً من فرض حلول مسبقة أو إصدار أحكام، إنشاء قنوات تواصل مفتوحة، حيث يشعر المراهق بالراحة في التعبير عن مشاعره وأفكاره، سيساهم بشكل كبير في تعزيز العلاقة بين الطرفين.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة سيدتى ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من سيدتى ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.