في يوم الخميس 9 يناير 2025، فارقت الإعلامية المصرية الشهيرة ليلى رستم الحياة عن عمر ناهز 87 عاماً، بعد مسيرة حافلة في عالم التليفزيون والإعلام.

تُعد ليلى رستم واحدة من أبرز الوجوه الإعلامية التي صنعت تاريخ الإعلام العربي في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث تركت بصمة لا تُنسى على شاشات التلفزيون المصري والعربي.

من هي ليلى رستم؟

ولدت ليلى رستم في 11 فبراير 1937 في القاهرة، وتربت في أسرة مصرية تركية ذات تاريخ طويل في مجال الثقافة والفن، فقد كان والدها المهندس عبد الحميد رستم، الذي كان يُعتبر قدوة لها، فيما كان عمها الفنان الراحل زكي رستم أحد أعلام الفن المصري الكبار، نشأت ليلى في بيئة تشجع على العلم والفن، وهو ما كان له تأثير كبير على مسيرتها الإعلامية اللاحقة.

بعد إتمام دراستها في مصر، سافرت ليلى إلى الولايات المتحدة للحصول على درجة الماجستير في الصحافة من جامعة نورث وسترن، وعقب عودتها إلى مصر، بدأت مسيرتها الإعلامية في عام 1960، مع انطلاق التليفزيون المصري، حيث كانت من أوائل المذيعات اللواتي لهن بصمة واضحة في تلك الحقبة الذهبية.

مسيرتها الإعلامية: من التلفزيون المصري إلى لبنان

بدأت ليلى رستم مسيرتها الإعلامية كمذيعة ربط، ثم قارئة نشرة باللغة الفرنسية، وذلك في فترة لم يكن فيها التليفزيون المصري قد مر إلا بعدد قليل من السنوات. قدمت العديد من البرامج التي حققت نجاحاً كبيراً، أبرزها "نافذة على العالم" و"الغرفة المضيئة"، حيث كانت تلك البرامج تركز على الأحداث المحلية والعالمية، وتُعتبر من البرامج المميزة التي تركت أثراً كبيراً في ذاكرة المشاهدين.

من البرامج المميزة التي قدمتها كان برنامج "نجمك المفضل"، الذي استضافت فيه كبار الشخصيات الفنية والأدبية في مصر والعالم العربي، مثل محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وطه حسين وغيرهم، واستمرت في تقديم البرنامج لمدة ثلاث سنوات، حققت خلالها نجاحاً باهراً، وأصبحت أحد أبرز الوجوه الإعلامية في مصر والعالم العربي.

في عام 1967، انتقلت ليلى رستم إلى لبنان للعمل في تلفزيون لبنان، حيث قدمت برنامج "سهرة مع الماضي" الذي تناول تاريخ لبنان الحديث، واستضافت فيه كبار الشخصيات مثل كمال جنبلاط وطه حسين.

وعلى الرغم من النجاح الكبير الذي حققته في لبنان، إلا أن بعض التحديات السياسية والمهنية أدت إلى توقف بعض برامجها، حيث كان للثقافة اللبنانية تأثير واضح في توجهات الإعلام المحلي.

طلاق ليلى رستم بسبب أحمد رمزي

تسببت إحدى حلقات برنامج ليلى رستم الشهير "نجمك المفضل"، في طلاقها، وذلك عندما استضافت الفنان أحمد رمزي، الذي كان في ذلك الوقت يظهر بمظهر غير تقليدي، حيث فتح أزرار قميصه، وارتدى عدة سلاسل، وعندما سألته ليلى رستم عن سبب ارتدائه لسلسلة تحمل خرزة زرقاء، أجاب بأنها وسيلة تحميه من الحسد، وهو ما أثار دهشة ليلى.

وكان رد ليلى رستم على هذه الإجابة بشكل مازح، حيث قالت له "يا ختي عليه" مما جعل زوجها -الذي كان حاضراً في تلك اللحظة- يستهجن هذا التصرف، مما تسبب في خلاف أسري بينهما، هذا الخلاف أسفر عن طلاقهما فيما بعد.

من الإعلام المصري إلى الإعلام اللبناني: إرث لا يُنسى

بعد سنوات من العمل في لبنان، قررت ليلى رستم العودة إلى مصر، حيث قدمت برنامج "قمم" الذي استضافت فيه شخصيات من مختلف المجالات الأدبية والفنية والعلمية. لكن، رغم العروض التي تلقّتها للعودة للعمل الإعلامي بعد ذلك، أعلنت ليلى اعتزالها العمل الإعلامي نهائياً، مفضلةً أن تظل في خلفية الأضواء بعدما تركت إرثاً إعلامياً لا يُنسى.

في السنوات الأخيرة من حياتها، عاشت ليلى رستم بعيداً عن الأضواء، وكانت دائمًا ما تبتعد عن الأضواء الإعلامية، ولكن يبقى رصيدها الإعلامي غنياً بالكثير من الذكريات والحوارات التي تستحق أن تُذكر في تاريخ الإعلام العربي.

شخصية ليلى رستم الإنسانية

بالرغم من صورة الجدية التي كانت تميزها على الشاشة، كانت ليلى رستم تمتلك قلباً طيباً مليئاً بالحنان، فقد كانت من الداعمين لقضايا الرفق بالحيوان، وكانت عضوة في جمعية الرفق بالحيوان، وشاركت في العديد من الحملات التي تهدف إلى حماية حقوق الحيوانات.

كما أن مواقفها الإنسانية مع الحيوانات كثيرة، أبرزها عندما توقفت يوماً ما لإنقاذ حياة كلب تعرض لحادث على الطريق، وهو الموقف الذي ذكرته بنفسها في واحد من اللقاءات.