شمال سيناء ـ محمد حسين

تُعتبر واحة القسيمة واحدة من أبرز المناطق السياحية والزراعية في شمال سيناء، حيث تقع في مدينة الحسنة، وتضم "عين القديرات"، التي تُعد من أقدم عيون المياه العذبة في المنطقة، و يعتقد أهل المنطقة من قبائل البدو أن اسم "القسيمة" يعود إلى نبات القيصوم، الذي ينمو بكثرة في تلك المنطقة، مما يعكس ارتباطهم الوثيق بالطبيعة.

أعلنت القسيمة كقسم إداري  من بين اقسام مركز الحسنة في وسط سيناء في عام 2007، بينما تاريخ  واحة القسيمة  يمتد لقرون عديدة، حيث تشير البيانات الرسمية لمحافظة شمال سيناء، ان القسيمة موطنًا للعديد من الحضارات القديمة. إذ يُعتقد أن الإغريق هم أول من استوطنوا القسيمة، حيث أقاموا قلعة كبيرة لحماية المنطقة، والتي لا تزال بقاياها شاهدة على عراقتها. وقد مرّت على هذه القلعة العديد من الجيوش، بما في ذلك جيوش صلاح الدين الأيوبي، الذي قام بترميمها وتحصينها.

من أهم معالم واحة القسيمة  "عين القديرات" وهي مياه عذبة تخرج من سفح جبال وسط سيناء، وتُعتبر مصدرًا حيويًا للري والشرب، تُستخدم مياه العين لري أشجار الزيتون والعنب، مما يجعل زيت زيتون عين القديرات من أجود الأنواع على مستوى العالم.

تاريخ "عين القديرات" يعود إلى العصور القديمة، حيث يُعتبر المنبع المائي نتيجة لعمليات جرف السيول للتربة على مر الزمن، هذا الماء العذب يُروى المنطقة بالكامل، حيث يعتمد سكان القسيمة عليه للبقاء والازدهار حتي يومنا هذا.

تتميز واحة القسيمة بشبكة معقدة من أنابيب المياه، التي تشمل أربعة خطوط رئيسية. أولها هو قناة مائية حجرية قديمة كانت تُستخدم لنقل المياه إلى القلعة. والثاني هو خط أنابيب حديدية يبلغ سمكه 8 بوصات، يُنقل المياه من العين إلى مناطق بعيدة، متجاوزًا حدود القلعة. والثالث هو خط أنابيب من القرميد، شيدته القوات الإنجليزية في فترة الاحتلال، والذي لم يعد معروفًا إلى أين كان يمتد.

أما الخط الرابع، فهو نظام حديث وهو مصنوع من الحديد بسمك 4 بوصات، ويمتد حتى قرية القسيمة بطول 5 كيلومترات تقريبًا.

لم تكن القسيمة مجرد منطقة زراعية، بل كانت أيضًا نقطة استراتيجية خلال الحرب العالمية الأولى، حيث كانت المحطة الجنوبية للسكة الحديدية الشرقية التي مدّها العثمانيون ضمن جهودهم للسيطرة على سيناء وفلسطين، هذا ما يبرز أهمية الموقع الجغرافي للواحة، التي لا تزال تُعتبر جسرًا بين الحضارات والتاريخ.

تُعد واحة القسيمة نقطة جذب سياحي هامة لعشاق الطبيعة، حيث تتيح لهم الفرصة لتسلق الجبال المحيطة واستكشاف المناظر الطبيعية الخلابة. تُعتبر القلعة والمياه المحيطة بها نقطة انطلاق للعديد من النشاطات، مثل المشي لمسافات طويلة والتخييم. ويحرص الأهالي على تقديم الخدمات السياحية، مما يساهم في دعم الاقتصاد المحلي.

زيتون من انتاج القسيمة

عيون الماء

واحات القسيمة بوسط سيناء

واحات القسيمة