منوعات / بالبلدي

هنا صيدلية الإسعاف .. طوابير الألم للبحث عن الدواء

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

belbalady.net حكايات المرضى على أرصفة وسط البلد فى انتظار العلاج

الأنسولين وأدوية القلب والضغط والأورام والجلطات اهم النواقص 

مع استمرار أزمة نقص الأدوية، يتجلى مشهد مأساوى يجسد جانبا من قصص الألم والمعاناة اليومية لملايين المرضى بحثا عن الدواء الذى ينبغى أن يكون حقا أساسيا لكل مريض، ولكنه صار حلما بعيد المنال يتطلب تحقيقه صراعاً مريراً فى طوابير طويلة تتخطى كل حدود الصبر، أمام صيدلية الإسعاف، حيث تتجمع مشاهد إنسانية تفجع القلوب وتدمى العيون، لصفوف المرضى المتراصين لساعات طوال تحت أشعة الشمس الحارقة متحدين آلامهم فى معركتهم بائسة للحصول على جرعة دواء.
صيدلية الإسعاف التى كانت فى السابق مجرد نقطة توزيع الدواء بشكل طارئ لجميع محافظات ، تحولت اليوم إلى ساحة معركة يومية بسبب نقص الأدوية وغياب أنوع متعددة منها، حيث يتزاحم المواطنون من مختلف أنحاء مصر فى طوابير طويلة، بحثاً عن أدوية أساسية لم يعد يمكن الحصول عليها من أى مكان آخر!
ومع بزوغ ، يبدأ المشهد الكئيب بتدفق مئات المرضى، على أمل الحصول على أدوية قد تكون فارقة فى البقاء لحياتهم.. وكل واحد من صفوف المنتظرين مأساة متكاملة.. 
«منال محمد» واحدة من المترددين على الصيدلية تبكى مؤكدة أنها تأتى كل يوم من محافظة المنوفية، للحصول على علاج لمرض الأورام.. وتقول: أقف أمام صيدلية الإسعاف منذ الصباح الباكر، حيث الكل يصرخ من الألم ومن خوف عدم الحصول على الدواء.
وتضيف: «نقص الأدوية يسبب حالة من الذعر والإحباط بين المرضى، الذين يشعرون بالمرارة تجاه نظام صحى يبدو أنه فقد الاتصال بالواقع الاليم للمرضى.
فى وسط هذا الوضع الكارثى، تبرز صيدلية الإسعاف كرمز للأزمة الصحية التى لا تجد من يلتفت إلى ما تشهده يوميا من توافد مئات المرضى الباحثين عن دواء، ولا يهتم بحالة الإهمال التى يعانى منها المرضى، فمشهد الازدحام ونقص الأدوية المتوالى يوميا منذ شهور خلق مأساة أكبر من مجرد أزمة نقص دواء، وزرع حالة من فقدان الأمل لدى ملايين المرضى الذين يتوافد منهم أعداد كبيرة إلى صيدلية الإسعاف كملاذ أخير للحصول على الأدوية الغائبة عن صيدليات مصر.
المرضى المتراصون فى صفوف متعرجة أمام صيدلية الإسعاف يبحثون عن قائمة من الأدوية فى مقدمتها دواء الأنسولين والعقاقير الخاصة بمرض السكر وأدوية مرضى القلب المزمن وجميع انواع الفوارات الخاصة بالأملاح وحصوات الكلى، وعلاج مرضى الأورام، وعلاج الجلطات، وعلاج مرضى الضغط.

962.jpg


وقال عدد كبير من المرضي: تحملنا زيادة أسعار الأدوية التى تخطت اكثر من 100%، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد، فنواقص الأدوية أكبر بكثير من الأدوية الموجودة وفى السوق السوداء تخطى أسعار النواقص أكثر من 400% من أسعارها فى الصيدليات، فى غياب دور المسئولين على توفير العلاج فى جميع أنحاء الجمهورية. 
وسط أحد طوابير صيدلية الإسعاف تقف «عبير» التى تعانى من مرض السكرى المزمن وفشلت فى الحصول على زجاجة واحدة من دواء الأنسولين رغم أنها بحثت عنه فى جميع صيدليات محافظة القليوبية، فتوجهت إلى صناديق زكاة المساجد التى تجمع الأدوية للمرضى غير القادرين لكنها لم تجد أى نوع من الأنسولين، ولم يعد أمامها سوى ترك المرض ينهش جسدها أو البحث عن بديل للأنسولين، وبالفعل وجدت عقاقير بديلة، فلما تناولتها اشتد عيها المرض أكثر وأكثر، ما اجبرها على التوجه إلى صيدلية الاسعاف،على أمل أن تفوز بحقنة أنسولين واحدة.
وتقول «عبير»: «قضيت ساعات فى الطابور تحت حرارة الحارقة، وكأننى فى سباق مع الزمن، وكل أمنيتى أن أعود إلى المنزل مع الدواء الذى يمكن أن يحفظ حياتى ويخفف عنى آلامى»..
وتضيف: «الانتظار أمام صيدلية الإسعاف ليس مجرد وقت ضائع، بل هو دهر من القلق والتوتر الذى يعصف بصحتى أكثر من المرض نفسه، وكل ذلك فى غياب تام للمسئولين».
وعلى رصيف صيدلية الاسعاف يجلس «إبراهيم»، والد لطفلين فى مراحل التعليم المختلفة، يروى قصته مع الانتظار للحصول على دواء خاص لعلاج الأورام السرطانية، مؤكداً وجوده «كل يوم أمام صيدلية الاسعاف على أمل أن يجد الدواء، ولكن غالبًا ما يعود بخيبة أمل، ويقول «كثيرا ما أرى فى عيون أطفالى سؤالا عن سبب قلقى، ولا أستطيع أن أشرح لهم أن حياتى تعتمد على بضع حبات من الدواء التى أبحث عنها فى طوابير لا تنتهى ووسط صرخات المرضى التى تزداد يوما تلو الآخر».
أضاف: الآثار النفسية لنقص الأدوية تضيف عبئًا إضافيًا على معاناة آلام المرضى، ويشعر المرضى بالمرارة لعجز النظام الصحى عن تلبية احتياجاتهم الأساسية، ما يجعل معاناتهم تتجاوز حدود المرض الجسدى إلى آلام نفسية عميقة، فأزمة نقص الأدوية تكشف عن بعد إنسانى مؤلم، للإهمال الصحى، يجسد فيها المرضى صورة حية لمرارة النقص والإهمال، فالأدوية لم تعد مجرد وسيلة لعلاج الأمراض، بل أصبحت رمزًا للأمل المفقود فى نظام يعانى من ضعف شديد فى الاستجابة للاحتياجات الطبية للمواطنين، مع كل لحظة يمر بها المرضى فى الطوابير، يتساقط الأمل مثل أوراق الشجر فى فصل الخريف، تاركا خلفه صرخات إنسانية تدعو إلى التعاطف والتحرك الفورى، من كل مسئولى قطاع الصحة فى مصر.
وتحكى «خلود إسماعيل» مأساتها على رصيف صيدلية الإسعاف، فتقول «طفت على كل الصيدليات فى محافظة الجيزة، بحثا عن علاج تنشيط عضلة القلب لابنتى، فلم أسمع من جميع الصيدليات سوى جملة واحدة وهى «مش موجود ومتلفيش عليه» والكل نصحنى بالذهاب إلى صيدلية الإسعاف لوجود كافة أنواع الأدوية بها، ولكنى فوجئت أنه غير موجود أيضا فى صيدلية الاسعاف، مشيرة إلى أن هذا هو العلاج الوحيد، الذى يحسن من صحة طفلتها ويعزز قدرة عضلة القلب، ويساعد على تحسن حالتها الصحية.

سوق سوداء
فى قلب أزمة نقص الأدوية المتفاقمة، تبرز السوق السوداء للأدوية كمعركة غير معلنة، تتصارع فيها معاناة المرضى مع جشع تجار الأدوية فى ظل النقص المستمر للأدوية الاساسية، ما يجعل المرضى مضطرين للتعامل مع تجارة غير قانونية تتاجر بآلامهم وآمالهم فى الحياة.
أميمة إبراهيم 51 عاماً من سكان الطلبية، تعانى من مرض كلوى مزمن، وتصف رحلتها الصعبة مع السوق السوداء فتقول «كنت أذهب إلى الصيدليات الكبرى، للحصول على دواء خاص بتنشيط الكلى، بعد خضوعى لعدة عمليات جراحية، ولكن الأدوية الأساسية التى أحتاجها لم تكن متوفرة، فاضطررت للبحث فى السوق السوداء بسبب نقص الأدوية، ووجدت الأدوية بأسعار خيالية تتخطى السعر الأساسى 400% ودفعت أضعاف ما كنت أدفعه، ولكن لم يكن لدى خيار آخر سوى الالم أو الشراء من السوق السوداء».

963.jpg


سعيد الملاح رجل ستينى جاء من صعيد مصر إلى صيدلية الإسعاف، بحثا عن دواء لمرض السرطان.. ويقول لم أعد قادرا على شراء الأدوية الشهرية بشكل مستمر، خاصة بعدما اختفى أكثر من 80% منها، فلم أتمكن من العثور عليها فى الصيدليات، وكان علىّ اللجوء إلى تجار أدوية السوق السوداء، للحصول على ما أحتاجه من دواء لتخفيف ألامى حيث استغل التجار الأزمة فرفعوا أسعار جميع الأسعار، ولم يراعوا الظروف المعيشية الخاصة بالمرضى، فشعرت بالإحباط لأننى كنت أدفع مبالغ طائلة مقابل أدوية قد تكون منتهية الصلاحية أو غير فعالة، ولكنى اتعلق بأمل تخفيف آلام السرطان الذى تسرى فى جسدى.
وتابع « اضطررت لبيع بعض ممتلكاتى للقدرة على شراء الأدوية من السوق السوداء والآن لم يعد لدى شىء أبيعه فقطعت مئات الكيلو مترات من الصعيد إلى القاهرة على أمل أن أجد الدواء الذى ابحث عنه فى صيدلية الإسعاف».
أحمد حامد من سكان الجيزة، يعانى من عدة أمراض مزمنة، يروى معاناته فيقول «دفعنا أموالاً طائلة للحصول على شراء الأدوية من السوق السوداء، وفى لم أكن متأكدا من جودتها، ولأسف كلما تزداد الأزمة سوءاً، يزداد جشع تجار السوق السوداء للادوية الطبية، نحن نعيش فى حالة من الرعب الدائم من عدم حصولنا على العلاج الصحيح، ومع ذلك أذهب إلى السوق السوداء، ولا أعلم إذا كانت الأدوية التى أشتريها فعالة أم لا، والتجار لا يهتمون بصحتى، بل يهتمون فقط بجنى الأرباح، وأشعر بالقلق كلما أخذت دواء، لأننى لا أضمن جودته ورغم ذلك اضطر لدفع مبلغ يفوق قدرتى المالية، فلم يعد أمامى خيار آخر، وهذا الجشع يجعل الحياة أكثر صعوبة على المرضى طالما لم يستجب مسئول واحد لصرخات المرضى الباحثين على دواء يساعدهم على استكمال الحياة».

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" الوفد "

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة بالبلدي ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من بالبلدي ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا