الفكرة التي تترسخ عندنا كل يوم وتسهل التحليل الموضوعي هي أن بلدتنا (تونس) لا تتغير من داخلها بل تنتظر قوة خارجية لتطلق فيها عملية تغيير فوقي بالقوة ثم تتفاعل مع القوة الخارجية فتقبل الضغوط وتعلن التأقلم الذكي، وكان هذا ديدنها عبر التاريخ. (فينيقون/ بيزنطيون/ عرب / مسلمون مرابطون/ موحدون/ أتراك/ فرنسيون والحبل على الجرار). في الجملة هذه بلدة تنفعل ولا تفعل. بطيئة جدا في تفاعلها وقبولها للتغيير. بلدة لا تبني لها خطة خاصة أو إبداعية، بل تتأقلم وتهضم لكنها في العمق بلدة محافظة. لا يمكنني أن أقيسها على بلدان عربية مشابهة ولكني أرى تشابها كبيرا بينها وبين مصر (هذه البلدان يسميها ابن خلدون شعوب البسائط أو السهول) وعيشها الغالب من الزراعة وساكنوها مرتبطون بالأرض في الأعم الأغلب. يمكن لفلاح منها أن يوسع حقله لكن لا يمكنه التحول إلى صناعي مغامر. وإذا غامر في الصناعة يلتصق كالعلقة بنسق تصنيعي أقوى ليخدم له مناولا بأخف الأكلاف (على غرار مغامرة النسيج التي أوحت لنا بها فرنسا مع الهادي نويرة/ حقبة السبعينيات). التغيير يجري من حولنا. في النصف الثاني من القرن العشرين والربع الأول من القرن 21 (75سنة) تغير العالم من حولنا بنسق سريع جدا. تغيرات ثقافية مهولة تلاشت ثقافات ونشأت أخرى بوسائل الاتصال الحديثة خاصة…