العين: سارة البلوشيفي زمنٍ أصبحت فيه الشاشات الصغيرة مصدر القرار الشرائي الأول، تحوّل المؤثرون والمشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى بوابات عبور للمنتجات والخدمات نحو الجمهور، لكن ماذا لو تحوّل هذا التأثير إلى أداة تضليل أو خداع؟أشار المستشار القانوني محمد القحطاني، إلى قضية جديدة شغلت متابعي مواقع التواصل، بعد أن قام أحد المشاهير بنشر إعلان لمطعم على حساباته بمواقع التواصل، قبيل عيد الفطر المبارك، وبدا الإعلان في ظاهره ترويجاً بريئاً، كان وراءه مخطط احتيالي وقع ضحيته عدد من المتابعين الذين وثقوا بما رأوه وسمعوه، فحوّلوا الأموال إلى رقم التواصل الذي تضمنه الإعلان، ليفاجأوا لاحقاً بأن الرقم مغلق، والمطعم يتبرأ من المعلن ومن صاحب الرقم.والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو، ما مسؤولية المشهور الذي يروج لخدمة ولا يتحقق من وجود الشخص ومن يمثل بالرخصة ولإثباتات الشخصية؟وقال القحطاني، إن المؤثر ليس مجرد ناقل محتوى، بل يعتبر في نظر القانون طرفاً فاعلاً في العملية التجارية الترويجية، وعليه أن يتحرى صحة الترخيص والصفة القانونية للجهة المُعلنة، وأن الإهمال في هذا الجانب يُعد تقصيراً جسيماً يعرضه للمساءلة المدنية وربما الجزائية في حال التواطؤ.وأكد أن قانون حماية المستهلك الإماراتي نص في مادته الرابعة، على أنه يجب توفير بيئة ملائمة وآمنة للمستهلك عند تلقي الخدمة والحصول على المعلومات الصحيحة عن السلع التي يتم شراؤها والخدمات التي يتلقاها، لذلك يجب على المعلن بشخصه ضرورة حماية المستهلك من الإعلانات المضللة.أما فيما يتعلق بمن يدعى أنه يمثل المطعم وأغلق هاتفه ولم ينفذ الطلبات، فأكد أنه يواجه جريمة احتيال مكتملة الأركان، وفقاً للمادة (451) من قانون العقوبات الإماراتي، التي تُجرّم كل من يحصل على أموال الغير بوسائل احتيالية. كما يُعد منتحلاً للصفة، إذا ادّعى تمثيل جهة من دون أن يكون مفوّضاً منها، والعقوبات قد تصل إلى الحبس والغرامة.ونصح القحطاني بضرورة التأكد من الحسابات الرسمية للجهات المعلنة، وعدم تحويل أموال لحسابات شخصية أو غير موثقة، وطلب فواتير وإيصالات رسمية، والإبلاغ الفوري في حال الشك أو التعرض للاحتيال.وشدد على أن القانون الإماراتي يدعم المستهلك، لكنه في الوقت نفسه يحمّل المؤثرين مسؤولية واضحة تجاه متابعيهم، فبحسب قانون حماية المستهلك، لا يُعفى أي طرف من مسؤوليته إذا ثبتت علاقته بالإعلان الضار.وقال إن القضية تتطلب موازنة بين حرية الإعلان والمسؤولية المدنية والجزائية، كما أن المؤثر مطالب قانوناً وأخلاقياً بالتحقق من أي جهة يروّج لها، وأوضح أنه في النهاية يبقى وعي الجمهور، وتشديد الرقابة على المحتوى الترويجي، وتعزيز دور الهيئات الرقابية، هي الحصون الأولى ضد الاحتيال في عصر رقمي تباع فيه الثقة أكثر من المنتج.وطالب المؤثرين بالتحقق من شرعية الجهات التي يروجون لها، لكيلا يتعرضوا للغرامات أو الملاحقة الجنائية في حالات الاحتيال، مع ضرورة الالتزام بضوابط المجلس الوطني للإعلام وقانون حماية المستهلك.