مصر اليوم / الحكاية

"لم تشهدها البشرية من قبل".. هجمات الدعم السريع في السودان تحقق "وحشية غير مسبوقة"

أعرب مجلس الأمن الدولي، عن قلقه البالغ إزاء تصاعد العنف في شمال دارفور بالسودان، لا سيما بمدينة الفاشر وما حولها، مؤكدا إدانته هجمات ميليشيا الدعم السريع المتكررة على الفاشر ومخيم زمزم للنازحين، والتي لم تشهدها البشرية من قبل.

وأشار مجلس الأمن إلى تقارير عن هجمات لميليشيا الدعم السريع أدت إلى مقتل 400 مدني بينهم أطفال و11 عامل إغاثة، داعيًا إلى محاسبة الميليشيا على هجماتها بحق المدنيين والأطفال في السودان. وجدد المجلس مطالبته لقوات الدعم السريع برفع الحصار عن الفاشر، ودعا مجددًا إلى وقف فوري للقتال وتهدئة الأوضاع.

ونقلت "الجارديان" شهادات عن ناجين من الهجوم الأخير الذي شنته قوات الدعم السريع على مخيم زمزم للاجئين، حيث قالوا إن عناصر المليشيا تجمعوا على أطراف المخيم، وبدأوا الهجوم بالقصف وإطلاق النار من مدافع مضادة للطائرات محمولة على شاحنات صغيرة واقتحام المخيم، وهم يرددون هتافات عنصرية أثناء إطلاق النار على ضحاياهم.

وذكرت الصحيفة أن ما يقدر بنحو 700 ألف شخص لجأوا إلى زمزم، الذي يعد أكبر مخيم للنازحين في السودان، لكنهم اضطروا في نهاية الأسبوع الماضي إلى البحث عن ملجأ والتخطيط لأفضل طريق للهروب.

وكان معظم اللاجئين في المخيم قد فروا من الدعم السريع من قبل.

وتمكن أولئك الذين تمكنوا من جمع أي ممتلكات يمكن حملها على ظهورهم أو إلقائها على الحمير والجمال، وسارعوا لبدء المسيرة الطويلة إلى مدينة الفاشر، على بعد 14 كيلومترًا، أو مخيم طويلة للنازحين، على بعد 60 كيلومترًا غرب زمزم.

وقال منظم مجتمعي يدعى محمد للجارديان، إنه حاول التسلل بين المقاتلين للوصول إلى المركز الطبي الذي تديره منظمة الإغاثة الدولية غير الحكومية، والذي تعرض للقصف خلال المراحل الأولى من الهجوم في 11 أبريل، عندما قُتل تسعة من الموظفين، بما في ذلك أحد أصدقائه.

أضاف محمد إن مليشيا الدعم السريع "كانوا همجيين وغير إنسانيين. كانوا يهتفون وهم يقتلون الناس في منازلهم. إنه سلوك لا تجده حتى في البرية".

وأضاف أن المقاتلين، الذين زعموا أنهم يبحثون عن مقاتلي الحكومة السودانية المختبئين في المخيم، هاجموا الناس في منازلهم أو في سياراتهم أثناء محاولتهم الفرار.

وتابع المنظم المجتمعي: "واجهت سيارة تابعة لقوات الدعم السريع، وكان المقاتلون يهتفون بعبارات عنصرية، وبدأوا بإطلاق النار علينا. أُصيبت برصاصة في ساقي اليمنى، ثم جرني شخص كان مختبئًا في أحد المنازل إلى الداخل". ولم يكن لدى المنقذين سوى الملح وأوراق الشجر لعلاج جرح محمد وتضميده، وقضوا اليومين التاليين مختبئين.

استمرت معركة زمزم 3 أيام، وأعلنت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها سيطرتها عليها في 13 أبريل. وقُتل ما لا يقل عن 400 مدني، بينهم نساء وأطفال، في زمزم وأم كدادة المجاورة لها بحلول 15 أبريل، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وبالنسبة لمعظم الناس، هذه ليست المرة الأولى التي يفرون فيها من قوات الدعم السريع. فقد ازداد حجم المخيم خلال الحرب الحالية، مع فرار الناس من مناطق أخرى في دارفور استولت عليها قوات الدعم السريع.

يقول أحد سكان زمزم، إنه كان في منزله عندما بدأ القصف، مما أدى إلى اندلاع حريق حوله. تجمع الجيران، وجمعوا كبار السن، وركضوا شمالا نحو طريق الفاشر.

وضيف إن القصف كان شديدا لغاية، وبدأ الناس يركضون في كل مكان، جنوبا وشرقا وغربا. واستخدمت مليشيا الدعم السريع جميع أنواع الأسلحة الثقيلة، لدرجة أن المدنيين لم يستطيعوا حتى التحدث مع بعضهم البعض. وكانوا يسيرون على الأقدام، وينهارون على الأرض.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 400 ألف شخص فروا من مخيم زمزم، متجهين إما إلى الفاشر أو إلى طويلة. وتقول منسقة مشروع أطباء بلا حدود في شمال دارفور، ماريون رامشتاين، إن 10 آلاف شخص وصلوا إلى طويلة خلال الـ48 ساعة الأولى من الهجوم على زمزم، وكان معظمهم في حالة متقدمة من الجفاف والإرهاق.

وتقول رامشتاين، إن "المستشفيات مكتظة لدرجة أن الأطفال يضطرون إلى تقاسم الأسرة، وكان بعض الأطفال يموتون حرفيًا من العطش عند وصولهم، بعد السفر لمدة يومين تحت أشعة الشمس الحارقة، دون قطرة ماء واحدة للشرب".

ويقول أحد النازحين المقيمين في طويلة، إنه رأى آلاف الأسر تصل إلى طويلة وهي جائعة وعطشى ومصابة في كثير من الأحيان بعد الرحلة الشاقة. وجاء الكثير منهم سيرًا على الأقدام، حيث تعرض بعض أصحاب السيارات في الطريق، للهجوم والنهب من قبل عناصر الدعم السريع، وأضاف إن "العائلات هنا في الطويلة يعشيون العراء بلا ماء".

الوضع مشابه في الفاشر، حيث يقول الرجل الذي فر من منزله المحترق في زمزم للجارديان، إن معظم الجرحى ما زالوا ينتظرون العلاج أو حصلوا على الإسعافات الأولية البدائية، مثل استخدام النار لكوي جروحهم.

ويقول طبيب في الفاشر، إن هناك حاجة ماسة إلى المأوى والغذاء والمياه، لكن قدرة المنطقة على توفير هذه الاحتياجات محدودة بسبب عام من الحصار على الفاشر ومحيطها، وهي آخر مدينة رئيسية في دارفور لا تسيطر عليها قوات الدعم السريع بعد أكثر من عامين من الحرب.

وأضاف الطبيب أن "قوات الدعم السريع تقصف باستمرار مكانًا ما في الفاشر، على مدار الساعة، مضيفا: "لقد نهبت قوات الدعم السريع جميع ضواحي الفاشر، وقتلت الكثير من الناس، وأحرقت العديد من القرى، ونهبت ممتلكاتهم".

وأدى الحصار إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أسواق المواد الغذائية. ووفقًا لقائمة أسعار السوق التي وزعتها محافظة شمال دارفور، ارتفع سعر كيلوجرام القمح بعد الهجوم على مخيم زمزم بمقدار 3000 جنيه سوداني (3.80 جنيه إسترليني) ليصل إلى 15000 جنيه عند الشراء نقدا، بينما وصل إلى 22000 جنيه عند الشراء عبر الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، التي يعتمد عليها معظم الناس.

وقد استشرت المجاعة بالفعل في مخيم زمزم، وقد فاقم القتال الأخير الأزمة.

وبينما فر ما لا يقل عن نصف سكان مخيم زمزم، لا يزال عدد كبير منهم عاجزا عن المغادرة. ويتهم محمد ونشطاء آخرون قوات الدعم السريع باحتجازهم رهائن، واستخدامهم دروعا بشرية لمنع الجيش السوداني من شن هجوم مضاد.

ويقول إن عناصر الدعم السريع يقومون بإيقاف الناس على الطرق ويختارون من يسمح لهم بالمرور بناء على لون بشرتهم.

ويضيف محمد: "الهدف الرئيسي هو إبادة جماعية شاملة وتهجير أي قبيلة غير مرتبطة بقوات الدعم السريع".

وأدى انقطاع الاتصالات إلى عدم إمكانية معرفة تفاصيل ما بعد الهجوم وعدد القتلى والجرحى، ولكن المعلومات تتدفق ببطء إلى الأسر خارج دارفور.

ويقول الطاهر هاشم، وهو ناشط من دارفور مقيم في المملكة المتحدة، للجارديان، إنه لم يكتشف إلا بعد أيام قليلة أن والدته وإخوته تمكنوا من الفرار، لكن عددًا من أبناء عمومته لقوا حتفهم. كما فقد العديد من أصدقائه أفرادا من عائلاتهم.

وبحسب مختبر أبحاث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة بجامعة ييل، والذي يستخدم صور الأقمار الصناعية لمراقبة العنف في السودان، استمرت الحرائق في الانتشار بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مخيم زمزم، حيث دمرت النيران 1.7 كيلومتر مربع من المخيم، ما يعادل 24 ملعب كرة قدم، في الفترة من 11 إلى 16 أبريل.

ويشير إلى أنه لا يزال من في المخيم يتعرضون للقتل والاغتصاب، حتى من حاولوا الفرار غربا، أعادوا بعض الفتيات الصغيرات وكبار السن، ويقتلونهم. وحتى الآن، لا يزال هناك العديد من الجرحى الذين لم يتلقوا العلاج. ووصف المختبر ما حدث في زمزم بأنه مأساة جسيمة لا توصف، وأحداث لم تشهدها البشرية من قبل.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الحكاية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الحكاية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا