في طبقات العلماء المختلفة نرى عناية الله تسوقهم إلى طلب العلم، وتذلل لهم مسالكه وهم في بداية الطلب، قبل الإدراك الكامل لعظم المهمة التي تنتظرهم. وأحيانا يتأخر الأمر ليكون تحولا من طريق إلى طريق، ومن فريق إلى فريق، وهنا يترقى الأمر من الهداية والعناية إلى ظهور الكرامة، وهذا في التاريخ كثير، ومن أوضح أمثلته المعاصرة، ما حدث للشاب حجازي شريف، الذي أصبح بعد ذلك الشيخ الحويني، حيث عُرف أشقاؤه بجودة التحصيل الدراسي والتفوق العلمي، وكان شقيقه الأكبر الدكتور رزق شريف في كلية الطب ساعة أن كان شقيقه حجازي في مرحلة الثانوية، وهي نقطة التحول في حياته، حيث انشغل عن دراسته بالقراءة والثقافة العامة والاطلاع، وخاصة كتب الشعر والأدب حتى حفظ ديوان الحماسة لأبي تمام كاملا، وهذا في عرف الأسر المصرية ضياع للوقت والمستقبل. وهنا تدخل شقيقه الأكبر رزق، وطلب منه أن يصحبه إلى القاهرة، ليرى طلاب الطب كيف يجتهدون في التحصيل ويستفيدون من الوقت، فيعدل ذلك من سلوكه، ويرى مثالا يحتذي به. وكان الدكتور رزق يسكن قريبا من شارع مصر والسودان بمنطقة حدائق القبة، وفيه مسجد “عين الحياة” الذي يخطب فيه فضيلة الشيخ عبد الحميد كشك عليه سحائب الرضوان، وساقت الأقدار الشاب الوافد إلى القاهرة بصحبة أخيه لصلاة الجمعة في أقرب…