عدّد أولي هانسن، رئيس استراتيجيات السلع في ساكسو بنك، 5 عوامل داعمة لارتفاع أسعار الذهب في المرحلة المقبلة، وهي توقعات أسعار الفائدة، والطلب الاستثماري، وارتفاع توقعات التضخم، والمخاطر الجيوسياسية، إضافة إلى طلب البنوك المركزية.وحقق الذهب مكاسب قوية بنسبة تصل إلى 25% منذ بداية العام، ليلامس السعر الفوري هدفنا المحدد لعام 2025 والبالغ 3,300 دولار للأونصة، قبل الموعد المقرر بكثير. وقد بدأ هذا المسار التصاعدي منذ الربع الرابع من عام 2022، حين شكّلت منطقة 1,620 دولار قاعاً ثلاثياً أكد وجود أرضية سعرية صلبة بعد ثلاث سنوات من التذبذب العرضي. لكن الأمر استغرق عاماً كاملاً حتى ديسمبر 2023 لكسر المقاومة الفنية عند 2,075 دولار، بدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية إثر اندلاع الحرب في غزّة، إلى جانب الطلب القوي من البنوك المركزية الساعية إلى تنويع احتياطياتها وتقليص الاعتماد على الدولار.بحسب أولي هانسن: «كان الأداء القوي للذهب مدفوعاً إلى حد كبير بالأداء الضعيف للدولار، لا سيما مقابل العملات الثلاث المرجعية الحالية: اليورو، والين الياباني، والفرنك السويسري. وقد أدى ذلك إلى مكاسب أكثر تواضعاً للمستثمرين في تلك المناطق، مقارنةً بمستثمري الصين والهند - وهما من أكبر أسواق التجزئة عالمياً - حيث وفّرت تحركات العملة مبرراً لزيادة الانكشاف على الذهب كأداة تحوط أمام ضعف العملات المحلية». الطلب الكامن ويقول هانسن: «ساهم الطلب الكامن من البنوك المركزية، خلال العامين الماضيين، وتخفيضات الفيدرالي في أسعار الفائدة، وتزايد القلق من تراكم الديون الحكومية، إلى جانب العقوبات والقيود على الصادرات والاستثمارات، في تعزيز جاذبية الذهب».ويضيف: «مؤخراً، أضفت مخاطر الركود والتضخم المدفوع بالرسوم التجارية الأمريكية دعماً إضافياً. والجدير بالذكر أن الذهب - بخلاف السندات السيادية التي تتأثر بالسياسات، أو العملات التي تتأرجح وفقاً للتحالفات التجارية - يُعد أصلاً محايداً سياسياً، معترفاً به عالمياً وغير مرتبط بتصنيف ائتماني معين. ولهذا السبب، يواصل المستثمرون - سواء أفراداً، أو مؤسسات، أو بنوكاً مركزية - التوجه إليه، حتى عند هذه المستويات القياسية». التوترات المتزايدة بحسب رئيس استراتيجيات السلع في ساكسو بنك، فإنه في الأجلين القصير والمتوسط، نرى أن مزيجاً من التوترات الاقتصادية العالمية المتزايدة، وخطر الركود التضخمي (انخفاض النمو والتوظيف مع ارتفاع التضخم)، وضعف الدولار، سيستمر في دعم الذهب، وإلى حد ما الفضة أيضاً، بالنظر إلى رخصها النسبي بعد هبوط أوائل إبريل. ويُضاف إلى ذلك تسعير الأسواق حالياً لخفض يزيد على 75 نقطة أساس من قبل الفيدرالي بحلول نهاية العام، فضلاً عن استمرار الطلب من البنوك المركزية والأفراد ذوي الثروات العالية، خصوصاً في آسيا، الذين يسعون للتحوط أو تقليص انكشافهم على السندات الأمريكية والدولار. ماذا عن الفضّة؟ ويقول هانسن: «رغم أن الذهب تجاوز حاجز 3,300 دولار مسجلاً مستوى قياسياً جديداً، لم تتمكن الفضة بعد من ملامسة ذروتها في أكتوبر 2024 عند 34.90 دولار، خاصة بعد أن تعرضت لتصحيح حاد بنسبة 18% عقب إعلان ترامب عن رسوم جمركية جديدة في 3 إبريل. غير أن تحليل القوة النسبية بين الذهب والفضة يُظهر أن متوسط النسبة بينهما خلال السنوات الثلاث الماضية بلغ نحو 85، حتى خلال فترات الشراء المكثف من البنوك المركزية».يثير هذا التساؤل حول ما إذا كانت النسبة الحالية التي تلامس 100، تُبرر ضعف الفضة بالنظر إلى انكشافها الصناعي الكبير (50%) ومخاوف الركود. ويرى هانسن أن ذلك غير مبرر للأسباب التالية:* الطلب الصناعي على الفضة، خصوصاً في إطار التحول الطاقي، لن يتأثر سلباً بشكل كبير حتى في حال حدوث ركود.* الارتفاع الحاد في سعر الذهب يدفع المستثمرين نحو شراء «نظيره الأرخص».* من المتوقع أن تشهد الفضة عجزاً في المعروض خلال عام 2025، للعام الخامس على التوالي. توقعات أعلى للذهب وبالنظر إلى جميع هذه التطورات، رفع هانسن توقعاته لسعر الذهب لعام 2025 إلى 3,500 دولار للأونصة. أما الفضة، ورغم انكشافها الصناعي ومخاوف الركود، فقد لا تتفوق بشكل ملحوظ على الذهب كما كنا نتوقع سابقاً. وبدلاً من ذلك، نرى أن تراجع نسبة العقود الفورية للذهب مقابل العقود الفورية للفضة من أكثر من 100 حالياً إلى قرابة 90 قد يدفع الفضة للصعود نحو 40 دولاراً للأونصة. موجز العوامل الداعمة للذهب 1- توقعات أسعار الفائدة الأمريكية: يراقب المشاركون في السوق عن كثب توجهات الفيدرالي بشأن الفائدة، نظراً لتأثيرها المباشر في جاذبية الذهب. حالياً، تسعر الأسواق احتمالية خفض يتراوح بين 75 إلى 100 نقطة أساس بحلول نهاية العام، ما يعكس سياسة نقدية أكثر تيسيراً. ويُعد انخفاض الفائدة داعماً للذهب لأنه يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لامتلاكه (كونه أصلاً لا يدر عائداً).2- الطلب الاستثماري على الذهب «الورقي» عبر العقود والصناديق المتداولة: يعتمد الطلب على المنتجات المالية المدعومة بالذهب على عوامل تقنية مثل الزخم السعري، والمؤشرات الكلية. كما أن أحد العوامل الحاسمة لمستثمري الصناديق هو تكلفة الاحتفاظ بأصل غير منتج، والتي تنخفض في ظل توقعات انخفاض تكلفة التمويل. حالياً، تبلغ حيازات الصناديق المدعومة بالذهب 2,773 طناً، بزيادة 269 طناً عن مايو الماضي، لكنها لا تزال دون الذروة المسجلة عام 2020 عند 3,453 طناً.3- ارتفاع توقعات التضخم في الولايات المتحدة: يلجأ المستثمرون إلى الذهب كأداة تحوط ضد التضخم. وقد أدى تراجع العوائد الحقيقية (العوائد الاسمية مطروحاً منها توقعات التضخم) عبر منحنى العائد على سندات الخزانة الأمريكية، إلى تأجيج المخاوف بشأن التضخم المستقبلي، ما عزز جاذبية الذهب.4- المخاطر الجيوسياسية: تعزز الاضطرابات العالمية الطلب على الأصول الآمنة مثل الذهب. وتُظهر العلاقة الحديثة بين أسهم شركات الدفاع والذهب، أن ارتفاع التوترات - كالصراعات والحروب والتوترات الدبلوماسية - يدفع المستثمرين نحو الذهب. كما أن الحرب التجارية الراهنة تُضيف مخاطر على النمو، وتزيد من حرارة التوترات الجيوسياسية، خاصة بين الصين والولايات المتحدة.5- طلب البنوك المركزية وسط مساعٍ لتقليص الاعتماد على الدولار: يتجه عدد متزايد من البنوك المركزية نحو تنويع احتياطاتها بعيداً عن الدولار الأمريكي، ويُشكل الذهب الخيار المفضل كأصل احتياطي محايد. وتُعد الصين، والهند، وتركيا، وروسيا من الدول الرائدة في هذا الاتجاه. وخلال السنوات الثلاث حتى 2024، اشترت البنوك المركزية أكثر من 1,000 طن سنوياً، وهو اتجاه يُتوقع استمراره في 2025 وما بعدها، ما يُسهم في سحب المعروض من السوق.