قال تقرير اقتصادي: إن البنوك الخليجية لا سيما السعودية، تواجه تحديات متزايدة في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية، مما قد يضعف بيئة الائتمان ويؤثر على تدفقات رأس المال. وأضاف التقرير، أن في الوقت الذي يتوقع فيه المراقبون أن تؤدي السياسات الحمائية الأمريكية إلى هزات في الأسواق، تشير التقديرات إلى أن البنوك السعودية لا تزال تتمتع بمرونة مالية مرتفعة تجعلها في موقع قوي لمواجهات هذه التحديات، لا سيما في تمويل مشاريع رؤية 2030. ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه الأسواق تقلبات حادة وتراجع في أسعار النفط، ما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي في المنطقة. التوترات التجاريةبحسب التقرير تؤثر التوترات التجارية العالمية المتصاعدة سلبًا على ظروف الائتمان العالمية وتهدد البيئة التي كانت حتى وقت قريب مواتية لمعظم المقترضين. وأوضح أن في حال طبقت الإدارة الأمريكية الرسوم الجمركية المعلقة بالنسب التي أعلن عنها في البداية، فإن التداعيات الاقتصادية ستكون واسعة وعميقة. ثقة السوقوأفاد بأن مدة التعليق المعلنة للرسوم الجمركية على جميع البلدان باستثناء الصين هي 90 يومًا. ووفقا للتقرير فإن من المرجح أن تؤدي حالة عدم اليقين السائدة إلى تراجع ثقة الشركات والمستهلكين أكثر وتزايد المخاوف بشأن الاستثمار المؤسسي والتوظيف والإنفاق الاستهلاكي والنشاط الاقتصادي عمومًا. التقلبات العالميةوقال التقرير: "اختبرنا قنوات نقل المخاطر الائتمانية المحتملة للبنوك في دول الخليج. بناءً على سيناريوهات الضغط الافتراضية التي وضعناها". وأضاف: "يبدو أن البنوك قادرة على التعامل مع التداعيات المحتملة بفضل امتلاكها لمستويات جيدة من السيولة والربحية ورأس المال". التهديد الأكبروأشار التقرير إلى أن تقلبات السوق وعزوف المستثمرين عن المخاطرة تُعد من التهديدات الأكثر إلحاحًا. ويبدو أن البنوك الخليجية في وضع جيد لمواجهة هذه التهديدات. وتمثل المحافظ الاستثمارية لدى البنوك الخليجية عادةً ما بين 20%-25% من إجمالي أصولها. وتميل أدوات الدخل الثابت عالية الجودة إلى الهيمنة، مع مساهمة محدودة من الاستثمارات الأكثر خطورة. ولذلك، فإننا نتوقع أن يظل تأثير تقلبات سوق رأس المال على البنوك قابلًا للإدارة. التعامل بحذروذكر التقرير أن من غير المرجح تحقق الخسائر ما لم تحتاج البنوك إلى تسييل بعض الاستثمارات للتعامل مع هروب رأس المال، الأمر الذي لا نتوقع حدوثه. ولفت إلى أن بالنسبة لبعض البنوك التي تنشط في قطاع الخدمات الاستشارية لأسواق الدين أو رأس المال، فإن التقلبات الحالية قد تؤدي إلى انخفاض الإيرادات. مع ذلك، تسهم هذه الأنشطة -في المتوسط– بنسبة متواضعة فقط في إيرادات البنوك. أسواق المالوبحسب التقرير، تعتمد بعض البنوك الخليجية بدرجة أكبر على أسواق رأس المال أو استثمارات الأسهم الخاصة، وبالتالي قد تكون أكثر عرضة للمخاطر. ويُعد الإقراض بالهامش مصدرًا آخر للمخاطر مع انخفاض التقييمات. مع ذلك، فإن مساهمة هذه القروض في إجمالي دفاتر الإقراض لدى البنوك محدودة وأن تغطيتها لهذه القروض بالضمانات تميل إلى أن تكون متحفظة. الفائدة الأمريكيةوقال التقرير: إن في الوضع القائم، فإن من المتوقع أن يُخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط هذا العام وأن تحذو البنوك المركزية الخليجية حذوه. وأضاف أن ذلك سيدعم ربحية البنوك الخليجية. مع ذلك، في حال انخفضت أسعار الفائدة بحدة أكبر، فإن انخفاض الهوامش واحتمال تباطؤ نمو الإقراض قد يؤدي إلى إضعاف ربحية البنوك. رؤية 2030وذكر التقرير أن في المملكة العربية السعودية، في حين أن الوضع الفعلي للبنوك يبدو مريحًا، فإن عدم تمكنها من الاستمرار في اللجوء إلى أسواق رأس المال قد يؤدي إلى انخفاض قدرتها على مواصلة تمويل مشاريع رؤية المملكة 2030. وأشار إلى أن نظرًا لتقلبات السوق الحالية، فمن المرجح أن تشهد البنوك الخليجية انخفاضًا في تدفقات رأس المال، وبعضها قد يشهد حتى هروبًا للتمويلات. وقال التقرير: "لتحديد حجم المخاطر، وضعنا سيناريوهات ضغط افتراضية تفترض هروبًا كبيرًا للتمويل الخارجي، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، هروب 50% من الودائع بين البنوك لغير المقيمين و30% من ودائع غير المقيمين. لقد افترضنا أيضًا تراجعًا للأصول الخارجية". امتصاص الصدمةووفقًا للتقرير، يبدو أن معظم الأنظمة المصرفية الخليجية قادرة على التعامل مع هروب الأموال الافتراضي. النفط والائتمانأدى تصاعد التوترات التجارية إلى انخفاض كبير في أسعار النفط. مع تعديل افتراض وصول سعر النفط إلى 65 دولارًا للبرميل لبقية عام 2025، فيما يمكن أن هذا سيؤثر على الأرجح على الإنفاق الحكومي والنمو الاقتصادي في المنطقة. وفي حال انخفاض أسعار النفط أكثر، فقد يعني هذا انخفاض النمو الاقتصادي في كل من القطاعين النفطي وغير النفطي، وزيادة الضغوط على مؤشرات جودة الأصول لدى البنوك. وأظهرت البنوك الخليجية مؤشرات قوية لجودة الأصول قبل بدء التوترات، إذ بلغ متوسط نسبة القروض المتعثرة 2.9% لأكبر 45 بنكًا في المنطقة بنهاية عام 2024. وكانت البنوك قد احتفظت أيضًا بمخصصات تزيد عن 150% من حجم من قروضها المتعثرة في نفس التاريخ، وهو ما يوفر لها بعض الحماية لامتصاص الصدمات الإضافية. بالإضافة إلى ذلك، تظل ربحية البنوك الخليجية جيدة نسبيًا، مع عائد على الأصول بنسبة 1.7% بنهاية عام 2024. اختبارات التحملوقال التقرير إن لتقييم قدرة البنوك على الصمود، فقد اختبر سيناريوهين افتراضيين للضغط. ويفترض السيناريو الأول زيادة محتملة في القروض المتعثرة بنسبة 30% عن الرقم المسجل في نهاية عام 2024، ويحدد نسبة القروض المتعثرة عند 5% على الأقل، أيهما أعلى. ويفترض السيناريو الثاني زيادة قدرها 50% ويحدد نسبة القروض المتعثرة عند 7% على الأقل. وتوقع التقرير أن تسجل 16 بنكًا من أكبر 45 بنك في المنطقة خسائر تراكمية قدرها 5.3 مليار دولار في السيناريو الأول. وترتفع الخسائر إلى 30.3 مليار دولار في السيناريو الثاني. ربحية البنوكوأوضح أن في كلا السيناريوهين، فإن التأثير التراكمي أقل من 60 مليار دولار في صافي الدخل الذي حققه أكبر 45 بنكًا في دول الخليج في عام 2024. وهذا يعني أنه حتى في أسوأ السيناريوهات لدينا، ما نزال نتوقع أن تؤثر الصدمة على ربحية البنوك وليس على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها. وقال التقرير الصادر عن "إس آند بي جلوبال": "تعتبر ردة فعل الجهات التنظيمية مهمة أيضًا في تقييم كيفية تطور الوضع. على سبيل المثال، أثناء جائحة كوفيد-19، قدمت الهيئات التنظيمية تسهيلات ساعدت البنوك على التعامل مع حالة عدم اليقين". وتوقع التقرير أن يتخذوا إجراءات مماثلة إذا تجاوز تأثير التوترات التجارية العالمية على اقتصادات دول الخليج التوقعات الحالية.