تحذير: تحتوي هذه المراجعة على حرق للحلقة الأولى من الموسم الثاني من مسلسل The Last of Us.
يعود مسلسل The Last of Us في موسمه الثاني محمّلًا بتوقعات مرتفعة، بعد أن فرض نفسه كمثال نادر على نجاح الاقتباس من ألعاب الفيديو إلى التلفزيون. الحلقة الأولى، “Future Days”، تختار التمهل في السرد، حيث لا تتعجل الكشف أو الأحداث الصاخبة، بل تبني بهدوء أساسًا دراميًا يركز على الشخصيات والتوترات النفسية المكبوتة، ممهدة لموسم يبدو واعدًا في جوانب عديدة.
تمر خمس سنوات منذ أن أنقذ جول إيلي من مختبر الفايرفلايز. يبدو المجتمع الذي يعيشون فيه حاليًا، جاكسون، وكأنه واحة مستقرة وسط الفوضى، لكن الانفصال العاطفي بين الشخصيتين الرئيسيتين يهيمن على الجو العام. هذا القرار السردي – إبراز البرودة والجفاء بين جول وإيلي بعد أن شهدنا تطور رابط عميق بينهما في الموسم الأول – يُعطي وزنًا لمخاوف لم تُقال ومشاعر لم تُعالج.
الإخراج هنا يُعد من أبرز عناصر التميز. كريغ مازين يعود بأسلوب بصري مدروس يعتمد على اللقطات الطويلة والإيقاع البطيء، دون أن يفقد الإحساس بالرهبة. استخدام الفراغات، نظرات الصمت، وحركة الكاميرا البطيئة يعكس اضطراب الشخصيات بصدق. إحدى المشاهد المؤثرة تأتي حين يجلس جول أمام المعالجة النفسية في البلدة، وتنكشف داخله الهش والممزق – رجل فقد الكثير، وتمسك بما تبقى لديه حد الهوس.
يقدم بيدرو باسكال أداءً هادئًا، لكنه مثقل بالمعاني. في كل نظرة، يحمل مزيجًا من الذنب والخوف والانكسار. لم يعد جول “الناجي” فحسب، بل صار رجلًا يعيش مع ألم الفقد، يحاول التمسك بعلاقة لم تعد كما كانت. وفي المقابل، تؤدي بيلا رامزي دور إيلي بنضج أكبر. شخصيتها تطورت لتصبح أكثر قسوة، لكنها ما زالت تحتفظ بوميض البراءة والعناد، خصوصًا في مشاهدها مع دينا، التي تمثل الجانب الأكثر دفئًا وتفاؤلًا في الحلقة.
ومن هنا نصل إلى إيزابيلا مرسيد، التي تخطف الأضواء فور ظهورها في دور دينا. من أول مشهد، تنجح مرسيد في تقديم شخصية تنبض بالحياة، وتضيف ديناميكية مميزة لعلاقة إيلي بالعالم من حولها. هناك دفء عفوي في تصرفاتها، ونوع من التحدي المرِح في طريقتها بالكلام والتصرف، ما يجعل الكيمياء بينها وبين رامزي قوية وحقيقية. أداؤها المتوازن بين المرح والحساسية يجعلنا نترقب ما ستقدمه في الحلقات القادمة، فهي بلا شك من أبرز الوجوه الجديدة التي ستترك بصمة قوية في الساحة التمثيلية.
ورغم أن الحلقة لا تحتوي على أحداث صاخبة، إلا أنها لا تُقصّر في الجانب التهديدي لعالم The Last of Us. اللقاء مع “Stalker” – أحد أنواع المصابين – كان مرعبًا على نحو خاص، ليس بسبب الهجوم بحد ذاته، بل بسبب طريقة تقديمه. الحركة في الخلفية، الصوت الخافت، الزحف على الرفوف، كلها عناصر صممت بدقة لخلق رعب نفسي بارد ومستمر، يقترب من أجواء الرعب الشعبي أكثر من الإثارة التقليدية. تصميم الكائن نفسه تم تعديله ليعكس فطرية شرسة وانعدامًا تامًا للإنسانية، لكن مع لمسة حزينة تجعلنا نتذكر أن ما نواجهه هنا كان إنسانًا يومًا ما.
مشهد الهجوم داخل المتجر مع دينا يُظهر أيضًا خبرة الشخصيتين، فطريقة التعامل مع الخطر توحي بأنها ليست المرة الأولى، وكأن التعامل مع الموت أصبح جزءًا من الروتين. هذه المشاهد، رغم قصرها، تؤكد أن المسلسل لم ينسَ أصوله كدراما نجاة، بل يختار تقديم هذا العنصر بأسلوب أكثر نضجًا وتكثيفًا.
في النصف الثاني من الحلقة نبدأ برؤية خيوط تهديد أكبر، حين تُقدّم شخصية آبي للمرة الأولى، تقف في الثلج وتراقب جاكسون من بعيد. تقديمها بهذه الطريقة المبكرة قد يُفاجئ من يعرف اللعبة، خاصة أن دوافعها كانت محجوبة لفترة طويلة في النص الأصلي، ما أضفى على ظهورها لاحقًا في اللعبة صدمة كبيرة. لكن من الواضح أن المسلسل اختار تبني هيكل درامي مختلف يناسب طبيعة المسلسل، حيث يتطلب تقديم الشخصيات وخطوط الصراع الرئيسية في وقت مبكر لضمان تماسك البنية السردية على المدى الطويل.
نقطة أخرى مثيرة للاهتمام هي استخدام الموسيقى، كالعادة. استماع إيلي لأغنية “Love Buzz” لفرقة Nirvana ليس عشوائيًا. الأغنية تحمل روح التمرد والقلق، تمامًا مثل شخصية إيلي في هذا التوقيت من حياتها، وتُعد تذكيرًا أن المسلسل لا يهمل التفاصيل الصغيرة التي تبني العالم بشكل متكامل.
من ناحية الاقتباس من اللعبة، فإن الحلقة تسير على خط رفيع بين الوفاء للمصدر وتقديم رؤية فنية مغايرة. هناك لحظات تم تقديمها بشكل مبكر، مثل رقصة الحظيرة، أو عبارة دينا الشهيرة، وهذه التغييرات قد تضعف الأثر العاطفي لبعض اللحظات لاحقًا، لكنها بالمقابل تضيف أبعادًا جديدة للعلاقات وتساعد المشاهد الجديد على التفاعل مع القصة.
إن “Future Days” ليست مجرد بداية لموسم جديد، بل هي إعادة تشكيل للروابط والرهانات في عالم يتغير باستمرار. إخراج دقيق، أداءات متقنة، وخاصة من إيزابيلا مرسيد، وسيناريو يتعامل مع الشخصيات ككائنات حقيقية مليئة بالندم والخوف والأمل، يجعل من هذه الحلقة أكثر من مجرد تمهيد. إنها تذكير بأن الصمت أحيانًا أبلغ من الكلمات، وأن الجرح الذي لا ينزف لا يعني أنه شُفي.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة IGN ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من IGN ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.