سياسة / اليوم السابع

اللواء محمد إبراهيم الدويري يتسأل: بأى لغة تفهم إسرائيل معنى السلام؟!

تعجب اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، من مفهوم "السلام" بالنسبة للائتلاف الإسرائيلى الحاكم، حيث قال: "مازلت أبحث عن أى منطق يسمح لى بأن أقتنع ولو نسبياً بأن العمليات والإجراءات التى تقوم بها إسرائيل فى قطاع غزة والضفة الغربية سوف تتيح لها أن تحقق السلام الذى تنشده، رغم أننى أشك تماماً فى أن الائتلاف الإسرائيلى الحاكم المتطرف والمتعجرف يتفهم مصطلح السلام بأى معنى وبأى لغة فى العالم، حيث إن الواقع يشير إلى أن جميع السياسات التى تنتهجها إسرائيل على مستوى المنطقة تبعدها آلاف السنوات الضوئية عن المعنى الحقيقى للسلام."

وأضاف في مقال: "ومن الطبيعى أن أتماشى مع المبدأ العام الذى يقول إن السلام يحتاج إلى قوة تحميه وتحافظ عليه، وهو مبدأ لا غبار عليه، ولكن المعضلة هنا أن هذا المبدأ تحول فى العقيدة الإسرائيلية إلى مبدأ آخر مفاده أن القوة المفرطة هى التى تفرض السلام، وهذا وضع غريب لايمكن أن نتفهمه إلا فى إطار أن إسرائيل بدأت فى انتهاج سياسة متطرفة جديدة فى الشرق الأوسط قد تنجح على المدى القريب، ولكنها سوف تسقط حتماً على المديين المتوسط والبعيد، ولن تحقق لها السلام والاستقرار".

وتابع: "وتزداد دهشتى عندما أتعمق فى طبيعة الأفكار التى تحكم القيادات الإسرائيلية على مختلف توجهاتها، سواء اليمين المتطرف أو اليمين، أو حتى يمين الوسط والاتجاهات الأخرى، وأتساءل كيف تفكر هذه القيادات فى مستقبل إسرائيل على مستوى المنطقة التى تعيش فيها وكيف ستحقق الاندماج بها؟ كما سوف أظل أتساءل هل كان «رابين» الذى اغتاله أحد المتطرفين الإسرائيليين منذ ثلاثة عقود هو آخر القيادات التى يمكن أن تفكر بعقلانية فى مستقبل الدولة؟ وأعتقد أن الساحة الإسرائيلية أصبحت حالياً جرداء من العقلاء، وأصحاب القرار الذين يمكن لهم إيقاف قطار التطرف الأعمى الذى لايرى أمامه إلا سياسة القوة الغاشمة التى لابد أن تتنهى بكارثة."

وإذا سلمنا بأن من حق إسرائيل أن تعيش فى أمن وسلام، ومن ثم فلها أن تمتلك القوة التى تحمى أمنها القومى، فإن هذا الحق يسقط وينهار تماماً إذا كان حكراً على إسرائيل وحدها فلا يمكن لهذه الدولة أن تسعى لامتلاك جميع عناصر القوة بمفردها تحت أي مبررات وتستخدمها كيفما تشاء، بينما ترفض أن تسعى دول المنطقة إلى امتلاك نفس مظاهر القوة للحفاظ على أمنها القومى ولحماية السلام الذى تنشده أيضاً.

وإذا كانت الحجج الإسرائيلية الواهية ترى أن القوة هى التى أتاحت لها أن توقع معاهدات سلام مع بعض الدول العربية، ومن بينها والأردن والإمارات، فإن عليها أن تعلم أن كل هذه المعاهدات وغيرها أصبحت على المحك بفعل الرفض الإسرائيلى لقيام الدولة الفلسطينية، وكذا حرب الإبادة التى تشنها على قطاع غزة والضفة الغربية منذ أكتوبر ، كما أن الطموح الإسرائيلى لتوقيع معاهدة سلام مع سوف يصطدم أيضاً بنفس السياسات الإسرائيلية المتطرفة تجاه القضية الفلسطينية، حيث إن الموقف السعودى المشرف واضح تماماً فى هذا الشأن.

ومن المؤكد أننى سوف أكون مخطئاً إذا حاولت أن أخاطب الائتلاف الإسرائيلى المتطرف، وأطلب منه أن يتمتع بقليل من الموضوعية، وأن يعيد النظر حتى فى بعض سياساته، فهذا الإئتلاف لا يستمع لأحد حتى إلى مطالب وأصوات شعبه، ولكننى سوف أضع أمامه ثلاثة محددات عليه أن يفكر فيها وهى :

المحدد الأول: إن إسرائيل لن تنعم بالسلام مطلقاً مادامت تعتمد على سياسة فرض السلام بالقوة، وعلى القيادة الإسرائيلية أن تعلم أن هذه السياسة لن تحقق تطبيعاً عربياً جديداً بل إنها قد تنتقص من بعض الاتفاقات السابقة.

المحدد الثانى: إن جميع العمليات العسكرية التى تقوم بها إسرائيل فى غزة والضفة الغربية لن تنجح فى تصفية القضية الفلسطينية، وأن المصلحة الإسرائيلية تقتضى التفاوض مع الفلسطينيين من أجل إقامة دولتهم، حيث إن استمرار الاحتلال يعنى مواصلة المقاومة بجميع أشكالها، وليس من المستبعد تكرار عملية طوفان الأقصى فى ظروف ومناطق أخرى.

المحدد الثالث : إن دول المنطقة التى تستشعر بتهديد إسرائيل لأمنها القومى ترى أن من حقها أن تسعى لامتلاك كل عناصر القوة لمواجهة أى تهديد إسرائيلى متوقع.

وبالرغم من قناعتى بأن حل الدولتين يبتعد تدريجياً، إلا أننى لن أفقد الأمل فى أن أطالب الولايات المتحدة تحديداً بأن تجمع الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى على مائدة التفاوض حتى فى إطار مايسمى «مفاوضات مابعد الحروب»، للتوصل إلى اتفاق يحقق أمن الجميع، وأرجو من واشنطن ألا تستخدم نفس الذرائع الإسرائيلية بعدم وجود شريك فلسطينى فمازالت السلطة الفلسطينية المعتدلة ـ وليس حماس ـ هى الوحيدة المؤهلة للقيام بهذه المهمة التى بدأتها منذ اتفاقات أوسلو عام 1993.

أما إذا استمر النهج الأمريكى الإسرائيلى المتبنى مشروع التهجير، والذى لن يكتب له النجاح، سواء فى غزة أو الضفة الغربية، فإن المنطقة لن تنعم بالاستقرار مطلقاً دون الحل العادل للقضية الفلسطينية الذى يجب أن تبدأ مفاوضاته فى أقرب فرصة ممكنة، وإذا كانت واشنطن وتل أبيب تتوعدان إيران وأذرعها بكل أنواع الوعيد فليس من المستبعد أن تظهر خلال الفترة المقبلة تهديات وأذرع أخرى لم تكن فى الحسبان.

واختتم بالقول: "الخلاصة تتمثل فى أن الأمر لم يعد يقتصر على أزمة غزة وقضية تبادل الأسرى، حيث إن الأوضاع تتطور وتتدهور بأسرع من أي حسابات، ومن ثم فإذا لم يتم التدخل الأمريكى لاحتواء الموقف وليس لتصعيده، فسوف تدخل المنطقة فى دائرة عنف لن تنتهى وقد تتوسع دائرة الصراع التى لاتزال محكومة حتى الآن، وأرجو ألا تطمئن واشنطن وتل أبيب كثيراً إلى أن سياساتهما فى المنطقة سوف تنجح وأنهما قادران على فرض هذه السياسة بالقوتين العسكرية والاقتصادية، فالشرق الأوسط أصبح لايتحمل مغامرات عسكرية أو تجارية".

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا